بقلم منير بشاى
من النصوص الكتابية التى دائماً نًقتبسها، وأØيانا نسئ Ùهمها، ما قاله الرب يسوع ÙÙ‰ الموعظة على الجبل بشأن تØويل الخد الآخر. قال الرب يسوع: "سمعتم أنه قيل عين بعين وسن بسن. وأما أنا Ùأقول لكم: لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن ÙØوّل له الآخر ايضاً" (متى 5: 38 Ùˆ 39)
هذا النص كثيراً ما ÙŠÙستعمل لتبرير السلبية والتقاعس وقبول المذلة والخنوع لظلم الظالمين. البعض يعتقد أن المسيØÙ‰ ليس مسموØاً له الإعتراض على الإساءة، وليس له أن يطالب بØقوقه، بل على العكس كلما اÙنتهكت Øقوقه عليه أن يقدم المزيد لتÙنتهك.
هذه هى ØرÙية الآية، إذا نظرنا إليها دون النظر إلى القرينة. ولكن بالتأمل ÙÙ‰ هذه الآية ضمن ما سبقها وما Ù„Øقها من نصوص، نلاØظ ما يلى:
تØويل الخد امر تصويرى وليس ØرÙيً
يجب ملاØظة المغزى الذى قصده السيد Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ù…Ù† هذا الكلام. ÙØ§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ù‚Ø¯ قال ÙÙ‰ بداية الموعظة على الجبل أنه لم يأت لينقض الناموس والأنبياء (متى 17:5) من أجل هذا Ùإن الكثير مما ورد ÙÙ‰ تعاليمه ÙÙ‰ هذه الموعظة يبدأ يالقول "قد سمعتم أنه قيل للقدماء.. أما أنا Ùأقول لكم".
Ùˆ ÙÙ‰ هذا الجزء يتعرض الرب لمبدأ مقاومة الشر بشر مثله ÙÙ‰ تعليم العهد القديم "العين بالعين والسن بالسن" Ùنادى السيد Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø¨Ø¹Ø¯Ù… رد الأذى بالأذى. ليس هذا Ùقط بل نادى بإظهار المØبة لمن وجه لنا الأذى. ÙˆÙ„ØªÙˆØ¶ÙŠØ Ù‡Ø°Ø§ الأمر قدم هذا التصوير لشخص ÙŠÙلطم Ùيدير الخد الآخر لمن يلطمه. إنه تصوير للصÙØ ÙˆØ§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø ÙÙ‰ تعاليم Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø¨Ø§Ù„Ù…Ù‚Ø§Ø±Ù†Ø© بتعاليم العهد القديم.
تØويل الخد عمل ارادى وليس قسرى
الذى يدير الخد لمن يلطمه يجب ان ÙŠÙعل هذا بارادته الØرة ومن منطلق الشجاعة والقوة وليس نتيجة الضع٠والاجبار. الذى يدير الخد من المÙروض أنه يملك أن لا ÙŠÙعل، وأنه اذا اراد هو قادر على أن يرد الصÙعة مقابل الصقعة. أما المغلوب على أمره الذى قبل أن يدير الخد يجد Ù†Ùسه ÙŠÙصÙع على الخد الآخر، وقبل أن ÙŠÙيق من هذا وذاك يجد Ù†Ùسه ÙŠÙصÙع على القÙا – هل هذا يطبق مبدأ تØويل الخد؟ بالطبع لا. لأن الذى صÙÙع لم ÙŠÙŒØ³Ù…Ø Ù„Ù‡ أن يقدم درساً ÙÙ‰ الصÙØ ÙˆØ§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø ÙˆÙ„ÙƒÙ†Ù‡ Ù„Ùقن درساً ÙÙ‰ التØقير والإذلال. ولا أعتقد أن السيد Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø£Ø±Ø§Ø¯ لنا أن Ù†ØµØ¨Ø Ø£Ø°Ù„Ø§Ø¡ أو جبناء.
تØويل الخد قرار ذاتى وليس مبدأ عمومى
إننا كأÙراد لنا مطلق الØرية ان نقرر لأنÙسنا، إذا لطمنا Ø£Øد على وجهنا، ما إذا كنا نريد أن ندير الخد الآخر وما اذا كنا نعتقد ان هناك Ùائدة ترجى من تØويل الخد الآخر. هذه مسألة ترجع لنا وليس لغيرنا. وهى تتعلق بما إذا كنا Ù†ØÙ† الذين قد أصابنا الضرر. أما إذا كان الضرر قد أصاب غيرنا Ùليس من Øقنا أن نتطوع نيابة عنهم ونطالبهم بإدارة الخد الآخر. إن الواجب علينا Ù‘ أن نداÙع عنهم إذا أصابهم الضرر وغÙبنوا ÙÙ‰ Øقوقهم.
تØويل الخد اجراء شخصى وليس قانونيً
قد نقبل ترك Øقوقنا، وندير الخد الآخر ÙÙ‰ المسائل الشخصية البسيطة، ولكن يجب علينا أن نتمسك بØقوقنا ÙÙ‰ المسائل القانونية الهامة. وسنرى كي٠أن الرب يسوع وكذا الرسول بولس كليهما اعترضا عندما صÙعا على الوجه، وقدما الاØتجاج القوى عندما Ù…Ùسَّتْ Øقوقهم القانونية.
ولنضرب مثلاً: لنÙترض أنك تقود سيارتك ÙÙ‰ الطريق وأراد قائد سيارة أخرى أن يتعدى على Øقك ÙÙ‰ الطريق ويسبقك. Ùإنك رغبة منك ÙÙ‰ عدم مقاومة الشر قد ØªØ³Ù…Ø Ù„Ù‡ أن يسبقك ÙÙ‰ الطريق. ولكن تصور أن السائق الآخرً خرج من سيارته، واراد أخراجك من العربة، لينتزعها منك. هل تعطيه العربة عن طيب خاطر، ومعها أيضاً تتطوع بان تعطيه كل ما معك من أموال ومجوهرات، وذلك تنÙيذاً لمبدأ إدارة الخد الآخر؟ ام أنك تØاول أن توق٠هذه الجريمة إن استطعت؟
طبعاً لا يوجد من يقبل أن يضØÙ‰ بممتلكاته ÙˆØقوقه لقطّاع الطرق وكاسرى القانون. الا طبعا اذا اجبر على ذلك من مجرمين مسلØين تÙاديا لما يمكن ان ÙŠØدث له او لأØد من اÙراد اسرته. ÙˆÙÙ‰ هذه الØالة لا يكون الداÙع هو تØويل الخد.
كي٠تصر٠الرب يسوع عندما Ù„Ùطم على وجهه؟
أثناء Ù…Øاكمة الرب يسوع أمام رئيس الكهنة، سأل رئيس الكهنة الرب يسوع عن تلاميذه وعن تعليمه. كان الإتهام الذى Øاولوا أن يلصقوه به هو عصيان قيصر، وكان من الضرورى إثبات عدد التلاميذ ليبرهنوا على مدى قوة هذا العصيان المزعوم. ÙˆØاول رئيس الكهنة أن يأخذ من الرب يسوع إعتراÙاً بذلك، ولكن الرب رÙض أن يقدم له الإعترا٠وعوضاً عن ذلك Ø£Øاله إلى المصدر السليم للدليل وهو تعاليمه واجتماعاته التى قام بها علانية، قائلاً: "أنا علمت كل Øين ÙÙ‰ المجمع ÙˆÙÙ‰ الهيكل Øيث يجتمع اليهود دائماً. ÙˆÙÙ‰ الخÙاء لم أتكلم بشئ" (يوØنا 18: 20).
لقد كانوا يظنون أن الرب يسوع Ø³ÙˆÙ ÙŠØµØ¨Ø Ùريسة للخو٠لدى استجوابهم له وبينما هم ÙÙ‰ مركز القوة، Ùيعتر٠ÙÙ‰ الØال بعصيانه لقيصر وتعديه على ناموس موسى. ولكنهم Ùشلوا ÙÙ‰ أن ينتزعوا من الرب يسوع أى اعتراÙ. ÙˆÙÙ‰ جرأة مثالية قال الرب يسوع لرئيس الكهنة: "لماذا تسالنى أنا؟ اسأل الذين قد سمعوا ماذا كلمتهم. هوذا هؤلاء يعرÙون ماذا قلت أنا" (يوØنا 21:18). وإذ قال هذا رÙع Ø£Øد الخدم يده وصÙع الرب يسوع على وجهه قائلاً: "أهكذا تجاوب رئيس الكهنة؟" (يوØنا 22:18).
هذا مع انه رغم صراØØ© الرب يسوع وجرأته إلا أنه لم يتعدى Øدود الادب أو اللياقة. ولم يقم هذا الخادم الوضيع بلطم الرب يسوع إلا تزلÙاً لأصØاب المناصب، وإرضاء لغرور ذوى السلطان. ولكن هذا لم ÙŠÙسكت الرب يسوع عن الدÙاع عن Ù†Ùسه وعن Øقه القانونى ÙÙ‰ إثبات براءته Ùأجاب "إن كنت قد تكلمت ردياً Ùاشهد على الردى، وإن Øسناً Ùلماذا تضربنى؟" (يوØنا 23:18).
ÙÙ‰ هذه الكلمات البليغة يعلن الرب يسوع عن اØتجاجه ضد الظلم. وبذلك يعطينا المثال القوى أن نداÙع عن أنÙسنا عندما نكون أبرياء. هذا مع ان Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ ÙƒØ§Ù† على استعداد ان يسلم Ù†Ùسه ليموت عن البشرية رغم براءته. ولكن Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ø§Ø±Ø§Ø¯ هنا ان ÙŠÙˆØ¶Ø Ù„Ù†Ø§ كي٠ان التسليم للظلم والعن٠يتوق٠على الظرو٠المرتبطة بكل Øالة على Øدة. ÙˆÙÙ‰ النهاية نجد ان Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ Ù‚Ø¯ خضع للظلم ولكنه لم ÙŠÙعل هذا الا بعد ان اØتج على كل تعدى Øدث له . وهذا يؤيد Øقنا ÙÙ‰ الدÙاع عن انÙسنا ضد الظلم عندما نكون أبرياء Øتى وان اصبØنا بعد هذا تØت طائلة الظلم..
وكي٠تصر٠الرسول بولس عندما Ù„Ùطم على وجهه؟
ÙˆÙÙ‰ ظرو٠مشابهة، بينما كان الرسول بولس ÙŠÙØاكم امام رئيس الكهنة تعرض أيضاً للضرب على الوجه. وأيضاً رÙض الرسول بولس هذا الأمر واØتج ضده بشدة.
أمام رئيس الكهنة أعلن الرسول بولس براءته قائلاً "إنى بكل ضمير ØµØ§Ù„Ø Ù‚Ø¯ عشت لله إلى هذا اليوم" (أعمال 1:23). وعندما سمع رئيس الكهنة هذه الكلمات أمر الواقÙين أن يضربوه على Ùمه. Ùما كان من الرسول بولس إلا أن اØتج قائلاً: "سيضربك الله أيها الØائط المبيض Ø£Ùأنت جالس تØكم علىّ Øسب الناموس، وأنت تأمر بضربى مخالÙاً للناموس؟" (أعمال 3:23).
كانت كلمات الرسول بولس لرئيس الكهنة قوية وشجاعة. ولقد كان على ØÙ‚ ÙÙ‰ اعتراضه على الضرب على أساس أنه مخال٠للناموس. وهو يعطينا درساً أنه من Øقنا أن نداÙع عن براءتنا ونØتج ضد الظلم.
الخلاصة انه ÙˆØ§Ø¶Ø Ø£Ù† كلام الرب يسوع عن تØويل الخد الآخر لا ينÙÙ‰ تمسكنا بØقوقنا القانونية والإنسانية. من Øقنا أن Ù†ØµÙŠØ Ø¨Ø£Ø¹Ù„Ù‰ صوتنا ÙÙ‰ وجه الظلم قائلين للظالم "لماذا تضربنى؟" ومن Øقنا ان نلجأ لكل الطرق المتاØØ© لنمنع الظلم. ومن واجبنا ان نداÙع عن الضعÙاء عندما نرى Øقوقهم تغتصب. هذا Øتى وان كان يبدو ان Ù…Øاولاتنا لن ترÙع الظلم. مسئوليتى تنتهى عندما اقوم بواجبى كاملا، وبعد ذلك على ان اترك الأمر لله وهو من بيده الأمر.
Mounir.bishay@sbcglobal.net
عن كتاب "كي٠نواجه الاضطهاد" للكاتب. والكتاب باللغتين العربية والانجليزية. وقد صدرت منه مؤخرا الطبعة الثانية المنقØØ© والمزيدة. للØصول على الكتاب يرجى الاتصال بالمؤل٠على عنوانه الالكترونى.