انطلقت حملة «داونلود» حلقات إسلام بحيرى مباشرة بعد القضية التى رفعها الأزهر مطالباً بمنعه من الظهور فى أى فضائية وحذف جميع حلقاته من على موقع «يوتيوب». استجاب عدد كبير من الشباب، وفى أقل من أسبوع تم تحميل جميع حلقات «إسلام» التى تجاوزت مائة وخمسين حلقة، تم التحميل على أكثر من «هارد ديسك» وهناك مَن رفعها وحمّلها على سيديهات، سيذهب الجميع رافعين هارداتهم وسيديهاتهم فى الجلسة المقبلة لإثبات أنه لا يمكن أن تقتل فكرة خاصة فى هذا الزمن، زمن السماوات المفتوحة ووسائل التواصل المحلقة الكاشفة المقاومة للمنع والقمع، شعارهم سيكون: «ارفع هاردك يا أخى فقد مضى عهد الاستعباد»، مضى عهد المصادرة والوصاية، انتهى عهد اغتيال الفكر والمفكر. تحولت الجملة التى قيلت فى عصر عبدالناصر للفلاح المصرى، «ارفع رأسك يا أخى فقد مضى عهد الاستعباد» إلى «ارفع هاردك يا أخى فقد مضى عهد الاستعباد والاستبداد».
كان الاستعباد المقصود وقتها هو الاستعباد الإقطاعى الذى سقط، الآن نطالب بإسقاط الاستعباد الدينى، أو بالأصح الاستعباد باسم الدين وسماسرة الدين وأصحاب بوتيكات الفتاوى، رفع الهارد فى وجه العقل، الهارد والقلب، الهارد والوجدان، الهارد الجاف القاسى الخالى من روح الجمال والحب والفن والإبداع والخيال، إذا صدر الحكم بشطب حلقات إسلام بحيرى من على اليوتيوب سيفاجأ الأزهر وسيفاجأ محامو الأزهر بالحلقات على موقع آخر وبنسبة مشاهدة أعلى، سموها قرصنة، أطلقوا عليها هاكنج، انشروا حملات إعلانية تندد وتشجب وتقول ضيعتوا حق ومجهود طارق نور المالك الوحيد الحصرى لتلك الحلقات... إلخ، قولوا ما تريدون، فالحلقات لم تعد ملكاً لطارق نور وحده، الحلقات صارت ملك الناس، ملك الجمهور، هذه هى القرصنة الحلال إن جاز التعبير!!،
من المحتمل أن تُرفع قضية أخرى على من حمّلوا الحلقات على الهارد ديسك بإقامة الحد عليهم وقطع أيديهم وحرق هارداتهم من خلاف! يعنى حرقها وش وضهر حتى تلفظ آخر ميجا أنفاسها الإنترنتية، هذه القضايا التى تتعلق بشطب حلقات من يوتيوب أو منع رواية أو مصادرة ديوان شعر... إلخ هى بمثابة حرث فى البحر، مع احترامنا وإجلالنا لكل القضاة الذين حكموا والمحامين الذين رفعوا وحتى المواطنين العاديين الذين قدموا البلاغات، الأفكار لها أجنحة كما قيل فى فيلم «المصير»، ستحلق فى الفضاء رغماً عن أنوفنا جميعاً حتى لو قصقصنا أجنحتها، ولكم فى رواية «أولاد حارتنا» أسوة حسنة، لقد قرأها كل متعلم فى الوطن العربى من الخليج إلى المحيط بعد قرار المنع والمصادرة، من كانت آخر حدوده الثقافية نجيب الريحانى أصبح يعرف من هو نجيب محفوظ، قبل المصادرة قرأ الرواية مئات، بعد المصادرة قرأها ملايين!!
كلمة مصادرة صارت كلمة فولكلورية من الحفريات، مكانها الطبيعى متحف الآثار وأقسام الجيولوجيا!! من الممكن أن نستفيد بكلمة المصادرة سياحياً بوضعها على لافتة والسفر بها لعرضها فى متاحف العالم، لكى يرى البشر فى البلاد المتحضرة بصمات ما قبل انقراض هذه المجتمعات الديناصورية التى تضخمت أجسامها وضمرت عقولها فاستحقت الانقراض ووداع الحداثة، صارت هياكل عظمية فى محمية طبيعية باتساع الخريطة العربية، معلقاً عليها لافتة «هنا كان يسكن الجهل ويرفض أن يغادر البلاد فضاع الوطن وغرق العباد وساد باسم الدين الاستعباد».
نقلا عن الوطن