نبيل المقدس
      حان الوقت الأن أن ندرك , من هم أهل الشر ؟.  فمنذ تولي السيسي  رئاسة البلد فهو يشير إلي أن "أهل الشر" هم الجماعات الإرهابية وعلي رأسهم الإخوان . فقد ذكر هذا التعبير في كثير من المناسبات .. ففي مناسبة إفتتاح قناة السويس الجديدة في أغسطس 2015 قال إن قوات الجيش تصدت للإرهابيين , وسنظل نحارب الإرهاب وهذه القوى من "أهل الشر" للانتصار عليها . وأيضا خلال احتفالية إطلاق الموقع الإلكتروني لمشروع بنك المعرفة، أشار إلى دور الجيش والشرطة في حماية الوطن من "أهل الشر" الذين أرادوا أن يزرعوا الفوضى والعنف في أرضنا الطيبة . كذلك و في مايو 2015، أثناء الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بمسرح الجلاء  قال : أنا مش عايز أقول كل حاجة بالتفصيل وبقول الأرقام بشكل سريع عشان "أهل الشر" .. وأيضا خلال تعقيبه على حادث إسقاط الطائرة الروسية في نوفمبر 2015 إذ قال "أهل الشر" بيحاولوا يعرقلوا كل النجاح اللي مصر حاولت تعمله . وجاء تفصيل أكثر عن "أهل الشر" في الحديث عن قضية اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، ومقتل الشاب الإيطالي ريجيني، حين ذكر "الكتائب الإلكترونية"- أهل الشر- على مواقع التواصل الاجتماعي، وما عبر عنه بقوله "ده في ناس بتطلع الميكروباصات والأتوبيسات وتطلع تقول الحكاية كذا" مشيرا هؤلاء يعملون على تفتت الكتلة الصلبة من المجتمع المصري. 

    لكن في لقاءه يوم الأربعاء الماضي 13 - 4 بممثلي عدد من النقابات، ومجلس الشعب، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، أخذ وصف "أهل الشر" شكل جديد، إذ عبر به السيسي عن المشككين  "أهل الشك " في القرارت الحكومية والرئاسية  من "مشروع أو اتفاقية أو قضية" حسب قوله. الشك بين الحاكم والشعب أو شك أحدهما في الآخر مرضٌ له أسباب إقتصادية واجتماعية .. وعندما يرى الشعب برود الحاكم ، أو عدم إبداء الشفافية والرد علي جميع التساؤلات من قبل الشعب للحاكم يصير من أهل الشك . وهناك خط رفيع بين الشر والشك .. فليس كل الشكاكين أشرار , لكن كل الأشرار شكاكين لأن أهل الشر ينتهز كل الفرص لكي يظهر انيابه ويحاول سحب المتشككين ويضع الفتنة بينهم مما ينتج عنه الفوضي . ومعروف ان الفوضي في البلاد بيئة خصبة لأهل الشر أن ينفذوا ما لم بستطيعوا عمله من قبل .

     الشك واجب لنا كشعب إجتاز ثورتين .. وليس عيبا أن نشك في رئيسنا .. لكن كان يجب أن لا يتحول الشك إلي عداوة متطرفة .. ولا نترك الشك العنان ونتهم النظام الحالي بالفساد , وعدم مقدرة الحاكم في وضع سياسة واضحة امامهم . والشك المتطرف يؤدي إلي ساحة رحبة لأهل الشر .. وبيئة مناسبة في إنحراف بعض الشباب بالذات إلي عناصر إرهابية نتيجة ضغط اهل الشر علي نفوس أهل الشك إما بالدين أو بالمال أو الإثنين معا , وينضمون معهم في لحظة غياب عدم الشفافية .. 

    إن أهم عنصر للإستقرار بين الشعب والحاكم ( الحكومة) هو الرضا بينهما والثقة المعقولة والأمان مما يجعل كلا الطريفين يمارس حياته العملية والعادية بثقة واطمئنان دون شك ولا ظنون سيئة فيخرج الشعب من شكه وليس امامه إلا العمل , كما تركز الحكومة علي حفظ شعبها وأرضها وتكفيل له المعيشة العالية .

   وبالنسبة لمصر يمكن أن نحقق هذه المعادلة .. وذلك ان الحاكم هو حاكم منتخب من الشعب .. وهو رجل وطني لجأ إليه الشعب في أزمته السابقة خلال حكم الإخوان .. ولم يتواني في تلبية رغبة الشعب وقبل أن يتحمل هذه المسئولية العظيمة .. لكن واضح ان بعض المئات من أبناء ثورة 30 يونيو مستعجلين في إيجاد تحسن في معيشتهم مباشرة .. لكن أحب ان اقول أن الكثير من شباب مصر وقع تحت سحر وحلاوة الكسل , وان لا يزيد من جهده في العمل .. وإتخذ المقاهي بأدواتها المخربة مكان يعيش فيه أغلب اليوم يحلم في حياة السلاطين الكسالي .. فأمس بعد صلاة الجمعة .. كان يتم توزيع ورق علي المصليين , تُعلن عن إحتياجاتها من الشباب للعمل فيها من جميع الدراسات العملية . سألت واحدا من الشباب عاطل منذ 5 سنوات أن يجرب حظه ويقدم نفسه لهذه الشركة .. وجدته يقول لي " وأنا إيه إللي يوديني مدينة بدر "! انا أعتبر هؤلاء الذين يرفضون ترك شارعهم , ويخرج من نطاق مكان ولادته ,فهم من ضمن أهل الشر وأهل الشك .. !

    قاربنا أن نتخلص من أهل الشر لكن برزت بدلا منها أهل شر من نوعية أخري أخطر فتكا من الإرهابيين والشكاكين ..
  لاَ تَحْسِدْ أَهْلَ الشَّرِّ، وَلاَ تَشْتَهِ أَنْ تَكُونَ مَعَهُمْ، لأَنَّ قَلْبَهُمْ يَلْهَجُ بِالاغْتِصَابِ، وَشِفَاهَهُمْ تَتَكَلَّمُ بِالْمَشَقَّةِ. بِالْحِكْمَةِ يُبْنَى الْبَيْتُ وَبِالْفَهْمِ يُثَبَّتُ، وَبِالْمَعْرِفَةِ تَمْتَلِئُ الْمَخَادِعُ مِنْ كُلِّ ثَرْوَةٍ كَرِيمَةٍ وَنَفِيسَةٍ. اَلرَّجُلُ الْحَكِيمُ فِي عِزّ، وَذُو الْمَعْرِفَةِ مُتَشَدِّدُ الْقُوَّةِ. لأَنَّكَ بِالتَّدَابِيرِ تَعْمَلُ حَرْبَكَ، وَالْخَلاَصُ بِكَثْرَةِ الْمُشِيرِينَ. أمثال 24 : 1 – 6 .