رغم أن أزمة " تيران ــ صنافير " باتت وبسرعة كبيرة ككرة الثلج تكبر وتتدحرج في تداعيات أفسدت ما تصورته الإدارة المصرية أنهم كانوا بصدد إنجاز سياسي واقتصادي عبر مناسبة زيارة الملك السعودي ، ورغم أن ردود الفعل كشفت بشكل بشع حالة فشل هائلة تشاركت في إحداثها العديد من المؤسسات الحكومية والسيادية والإعلامية ، و الكثير من الرموز النخبوية التي علقت على الحدث بآراء متناقضة وبعضها ساذج يفتقد الرؤية والفهم السياسي والوطني .. أقول ، وبرغم تلك الحالة الصادمة ، إلا أن المتابع لردود فعل مؤسساتنا الدينية ( الأزهر والكنيسة ) له أن يسعد ... حالة إدراك جيدة وطيبة بالبعد عن مناخ التوهان من جانب الإدارة المصرية وأجهزة الإعلام ، وأن الاكتفاء من جانب تلك المؤسسات بالدور الروحي والتوعوي والإنساني أمر رائع ... لقد كنت أتوجس وأخشى خروج رموز دينية لأجهزة الإعلام في وصلات نفاق وموالاة  ، أو إطلاق فتاوى تحريم أو تحليل أو خلط الروحي بالسياسي بشكل عام ، وعليه وجب تقديم عظيم التحية ، فقد تابعنا منذ اللحظات الأولى اكتشاف أن جميعنا خبراء و أهل قانون وأصحاب فهم في العلاقات الدبلوماسية ، والكثير منا باتوا أساتذة في علوم الجغرافيا والتاريخ والبحار والعسكرية !!!!

 

نعم ، هـمّ يبكـي وهمّ يضحك ، فالحدث محزن ومخيف لاكتشافنا حالة التردي العامة لحال مؤسساتنا ، ولكن حالة الاستسهال من جانب البعض منا في التعليق على الأزمة تبدى في بعض الأحوال ما يثير الضحك كالبكاء ، مثل متابعة تصريحات اساتذة قانون وخبراء عسكريين باتت تختلف من برنامج إلى آخر بما يشى بحالة خواء معلوماتي وفكري ، والأكثر غرابة كان لــ " جبهة العلمانيين " كما أطلق عليها الصحفي الرائع " نادر شكري" على صفحات موقعنا الإخباري  الهام " أقباط متحدون " .. في تعجل غير مفهوم و تلبس شيطان العمل السياسي يصدر التيار العلماني بيانا سياسيا ( المعروف أن التيار جماعة من المواطنين لهم رؤية إصلاحية في مجال تصويب وتطوير مسار الإدارة الكنسية ) ، وأترك للقارئ إعادة الاطلاع على البيان لاكتشاف عبقري لدور جديد للتيار وباسمه يتم إعلان بيان سياسي وموجه لرئيس الجمهورية ... طبعا من حق أي مواطن التعبير والمشاركة السياسية،ولكن ولعد أن سعدنا ألا تقحم المؤسسات الدينية رأيها في قضية لها بعد سياسي معقد ، نجد جماعة كان دورها المساهمة في تطوير فعاليات الإدارة الكنسية تقحم برأيها مجال الحوار وبعد ساعات قليلة لتفجر المشكلة في أزمة غير واضحة المعالم في بدايتها ...فعلا حالة فوضى غير مسبوقة كما وصفها رئيس الجمهورية...أرجوكم امنعوا الضحك واكتفوا بالبكاء !! .. كتب " نادر شكري " :

 

أصدرت جبهة العلمانيين للأقباط بيان موجه لرئيس الجمهورية ومجلس النواب ، يطالبهما بكشف ملابسات توقيع اتفاقية الحدود المائية بين مصر والسعودية وعدم لتفريط فى سيادة مصر على جزيرتين تيران وصنافير وقال البيان الذى كتبه المفكر كمال زاخر منسق الجبهة إلى السيد رئيس الجمهورية ومجلس النواب تتردد أنباء غير رسمية عن توقيع اتفاقية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية تقر بتبعية جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية ، وخضوعهما لسيادتها ، وهو أمر يمثل اعتداء على وحدة الأراضى المصرية بحسب الدستور المصرى، ويأتى مخالفاً للمسار الذى حدده الدستور فى هذا الشأن ، ويعد اغتصاباً لحق اصيل للبرلمان المصرى الذى يمثل الشعب المصرى والذى يتوجب طرح هذا الأمر عليه فى استفتاء عام (مادة 151 من الدستور). وأضاف " لا يمكن منطقياً قبول التأويلات والتبريرات التى تلح على الملكية التاريخية للسعودية لهاتين الجزيرتين ، والتى لا تتسق مع اصرار مصر بامتداد ما يقرب من قرن من الزمان على الدفاع عنهما وما تكبدته من دماء مصرية أريقت فى سبيل الدفاع عنهما فى سياق المواجهة العسكرية مع اسرائيل تأسيساً على كونهما أراض مصرية....الى اخر الخبر.