الأقباط متحدون - احد السعف ورموزه في العهد القديم
أخر تحديث ١٣:٣٧ | الثلاثاء ١٩ ابريل ٢٠١٦ | ١١برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٠٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

احد السعف ورموزه في العهد القديم


بقلم: لطيف شاكر

كان  اليهود في العهد القديم يحتفلون بعيد المظال أو السوكوت أو عيد العُرش يبدأ هذا العيد في الخامس عشر من شهر تشري حسب التقويم العبري و يستمر ثمانية أيام ويأتي بعد عيد الغفران , وهو إحياء لذكرى خيمة السعف التي آوت اليهود في العراء أثناء خروجهم من مصر. وفي نهايته يحتفل باستلام التوراة وتسمى فرحة التوراة  وحسب لاويين  23: 40 ( وتأخذون لانفسكم في اليوم الاول ثمر أشجاربهجة وسعف النخل وأغصان أشجارغبياء وصفصاف الوادي وتفرحون امام الرب الهكم  سبعة أيام)

وكان يتوقف العمل في اليوم الأول والذي يعتبر عطلة رسمية وكذلك الأخير من العيد ، وخلال الأيام الخمسة تقام المظلات قرب البيت أو على السطح وشرفات البيوت المفتوحة ، وفي اليوم الثامن تبدأ صلوات طلب المطر  وكانوا يهتنفون: هوشعنا مبارك الآتي باسم الرب ملك إسرائيل
واستعمال  النخيل يعود إلى زمن المكابيين. عندما دخل اليهود (إلى القلعة) في اليوم الثالث والعشرين من الشهر الثاني... بتسابيح الحمد وسعف النخل...   . إذن سعف النخل يدل  على الانتصار. وكانت زينة الملك العائد من الحرب منتصرا

ويسمى هذا اليوم  "أحد السعف" والسعف في اللغه العربيه هي اغصان النخيل ,وكان العرب في الجاهلية يحتفلون بهذا اليوم أيضا باسم "يوم السباسب" وهو مذكور في عدة مصادر وهو العيد الذي ذكره النابغة الذبياني حيث قال : "رقاق النعال طيب حجزاتهم‏... يحيون بالريحان يوم السباسب‏" ويوم السباسب كما يذكر بعض المؤرخين كان عيدا للمسيحيين يعرف باسم عيد الشعانين، والسباسب جمع سبسب : شجر يتخذ منه السهام .

لقد دخل يسوع أورشليم لآخر مرة ليشارك في عيد الفصح اليهودي، وكان مدركاً اقتراب ساعة آلامه وموته. وكان أعلن: "لايمكن ان يهلك نبي خارجا عن  أورشليم" ( لو33:13)، لأنها العاصمة الدينية والسياسية للشعب اليهودي، ولان فيها قُتل جميع الأنبياء، بسبب تسييس الدين المترجم بالنظام السياسي  (الثيئوقراطي) . وقد انذرها بقوله: "أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها. كم مرة أردت أن اجمع  اولادك ، كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم  تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خراباً. لاني  أقول لكم  لا ترونني  من  الآن حتى تقولوا: مبارك الآتي باسم الرب" ( مت37:23)

 وخلافاً لكل المرات، لم يمنع الشعب من إعلانه ملكاً، وارتضى دخول المدينة  بالهناف  من الشعب  والاطفال: "أوصنا لابن داود، مبارك الآتي باسم الرب أوصنا في الأعالي" (متى9:21)". دخل أورشليم ليموت فيها ملكاً فادياً البشر أجمعين، وليقوم من بين الأموات ملكاً إلى الأبد من اجل بعث الحياة فيهم. هذا يعني انه اسلم نفسه للموت بإرادته الحرّة

سار الناس وراء يسوع عند دخوله أورشليم لتتم إحدى نبوات العهد القديم الواردة في سفر زكريا القائلة: "ابتهجي جداً يا صهيون، اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك، هو عادل ومنصور، وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان" (زكريا 9:9) . تبعته الجموع لأغراض كثيرة، بعضهم استمع إلى تعاليمه وآمن به، والبعض الآخر تبعه لغاية الشفاء وسد الاحتياج، لاسيما بعد أن سمعوا عن قدرته على صنع العجائب. فكان في نظرهم الشخص المناسب لسد احتياجاتهم المادية. والبعض الآخر اعتقد بأن المسيح سيأتي ملكاً أرضياً يخلّص الناس من حكم الرومان، ويجعل النصرة للأمة اليهودية، ولكن خاب ظن هؤلاء عندما قال لهم يسوع إن مملكته ليست من هذا العالم

هوشعنا مبارَك الآتي باسم الربّ ملك إسرائيل". هذا ما هتف به أهل أورشليم عندما دخل الرب يسوع إلى مدينتهم برفقة تلاميذه وأتباعه راكباً على ظهر جحش ابن أتان. دخل بمحبة ووداعة دون سلاح ومسلحين، ودون أبهة وجاه ومرافقين، ودون حراس ومراسيم. دخل بتواضع مبشراً بالسلام والتوبة والرجاء. ما دخل المدينة ليحارب وينتقم ويحكم ويحاكم، بل ليقدم ذاته فداءً عن الإنسان حتى يغفر له خطيئته الأصلية
كانت أورشليم تكتظ بالملايين في ذلك الوقت، جاءوا يشترون خرافًا يحتفظون بها لتقديمها فِصحًا عنهم، أمّا السيِّد المسيح - حَمَل الله - فتقدّم بنفسه متَّجهًا نحو أورشليم ليقدّم نفسه فِصحًا عن البشريّة بإرادته. إنه ليس كبقيّة الحملان التي تُذبح فتؤكل وتُستهلك، إنّما يقدّم جسده ذبيحة حبّ قادرة أن تقيم من الموت وتهب حياة أبديّة لمن ينعم بها. إنه الكاهن والذبيحة في نفس الوقت الذي يتقدّم إلى الصليب، ليقدم نفسه فدية عن كل البشرية فهو الفادي والفدية .

و دخل اورشليم رَاكِبًا عَلى جَحْشٍ ٱبْنِ أَتَان: كان لركوبه دابة هذه المرة عن  قصد. ولقد كشف النبي زكريا في نبوءته سر هذا الأمر بقوله: اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ.

نجد الرب داخلاً هنا على "جحش" وليس على "فرس" لأن هنا دخول الاتضاع وليس دخول المجد وليس علي  الفرس رمز الحرب والكبرياء  ,يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم:"لقد شبّه البشر بهذين الحيوانين لوجود مشابهات معهما... فالحمار حيوان دنس (حسب الشريعة) وأكثر الحيوانات المستخدمة للحمل غباءً، فهو غبي وضعيف ودنيء ومثقّل بالأحمال. هكذا كان البشر قبل مجيء المسيح إذ تلوّثوا بكل شهوة وعدم تعقل، كلماتهم لا تحمل رقّة، أغبياء بسبب تجاهلهم لله، فإنه أيّة غباوة أكثر من احتقار الشخص للخالق وتعبُّده لعمل يديه كما لو كان خالقه؟! كانوا ضعفاء في الروح، أدنياء، إذ نسوا أصلهم السماوي وصاروا عبيدًا للشهوات والشيّاطين. كانوا مثقّلين بالأحمال، يئنّون تحت ثقل ظلمة الوثنيّة وخرافاتها

والأتان ترمز إلى الأمة اليهودية، وإلى أورشليم اليهودية (أرميا2: 24)، ولعل وجه الشبه بين الأتان وبين أمة اليهود أن الأتان تمرست على الركوب، وتعودت عليه، كما تمرست الأمة اليهودية على نير الشريعة ونداءات الأنبياء. أما الجحش فهو لطياشته يرمز إلى الأمم الوثنية من غير اليهود، الذين لم يخضعوا لشريعة الله. كما أن الجحش في نظر اليهود نجسًا. لأنه لا يجتر وهو غير مشقوق الظلف. وكذلك الأمم غير اليهودية كانت في نظر اليهود نجسة. 

واستقبله اهل اورشليم  باغصان (السعف) النخل وأغصان الزيتون: كان الناس يلوحون بأغصان النخل علامة للفرح، وقد اختلط النخل بأغصان الزيتون وكأن روح النصر قد امتزجت بروح السلام. سعف النخيل هي شعار للمدح وتعني الإنتصار. فقد كان الرب قادماً للانتصار على الموت بالموت، وأغصان الزيتون تشير إلى نبوات العهد القديم التي تفرش لنا طريق دخول المخلص إلى قلبنا، وشجرة الزيتون هي شجرة السلام في حين أن زيتها في العهد القديم اعتبره مقدساً وكان يمسح به الملوك علامة للخلود والأبدية

اما  فرش الثياب وأغصان الأشجار في الطريق أمام المسيح فكان طقس تقليد في العهد القديم يشير إلى المحبة والطاعة والولاء. ويذكر الكتاب المقدس في سفر الملوك الثاني أن الجموع فرشوا ثيابهم وأغصان الشجر وسعف النخل أمام "ياهو"   عندما نصّب نفسه ملكاً (2ملوك13:9). وأيضاً عندما دخل سمعان المكابي وهو قائد ثورة المكابيين إلى أورشليم بعد انتصاراته على الحاكم (انتيخوس أبيفانوس) الذي نجّس الهيكل وذبح الخنازير على المذبح وجعل أروقته مواخير للدعارة وذلك سنة 175 قبل الميلاد

وقال المقريزي : كان عيد الشعانين من مواسم النصارى بمصر التي تُزين فيها كنائسهم، فلمَّا كان لعشر خلون من شهر رجب سنة (378هـ) فالأعياد الكبار عندهم هى‏:‏ عيد البشارة وعيد الزيتونة وعيد الفصح

ويُعرف عندهم‏‏ بعيد الشعانين ويكون في سابع أحد من صومهم (الصوم الكبير)، وسُنّتهم في عيد الشعانين أن يُخرجوا سعف النخل من الكنيسة، ويرون أنَّه يوم ركوب المسيح العنو وهو الحمار في القدس، ودخوله إلى صهيون وهو راكب والناس بين يديه يُسبّحون، وهو يأمر بالمعروف، ويحث على عمل الخير، وينهي عن المُنكر ويباعد عنه

 وكان عيد الشعانين فمنع الحاكم بأمر الله أبو علي منصور بن العزيز بالله النصارى، من تزيين كنائسهم وحملهم الخوص على ما كانت عادتهم، وقبض على عدة ممن وجد معه شيئاً من ذلك، وأمر بالقبض على ما هو محبس على الكنائس من الأملاك وأدخلها في الديوان، وكتب لسائر الأعمال بذلك، وأُحرقت عدة من صلبانهم على باب الجامع العتيق والشرطة ‏*

 وقد كتب  المؤرخ القبطي ابن العسال  :ليُعيّدْ عيد الزيتونة، هذا العيد هو أحد الشعانين، الذي دخل فيه المسيح أورشليم راكباً على جحش كملك، لأنَّ الجمع الأكثر فرشوا ثيابهم في الطريق " وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَاناً مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ متي 8:21
والسيد المسيح  هو ملك السلام ومملكته ليست من هذا العالم. وبقيامته من بين الأموات صار  ملكاً على جميع البشر

ونحن نقول للسيد المسيح  الان " اوصنا  لابن  داود ومبارك انت الاتى باسم الرب . تعال ايها الرب واملك على أورشليم عقلى وقلبى وليكن عملك تخليص روحى من قيود جسدى وتخليص عقلى من افكارى الدنسة وتخليص كلى من كل ما يعوقنى على ان اكون معك. تعال ايها الرب فانا ماسكا باغصان الزيتون ومعى سعف النخيل وارتل هتافا أوشعنا فى الاعالى


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع