الشربينى الاقصرى
فى الخامس والعشرين من شهر يناير عام 2011م . خرجت جموع الشعب المصرى فى ثورة عظيمة لم يعرف لها التاريخ الحديث أو القديم مثيلا ً. ثورة شهد لها العالم أجمع فى الشرق والغرب على أنها ثورة فريدة من نوعها وأطلقوا عليها وعلى الثورة التونسية والثورة الليبية والثورة السورية والثورة اليمنية اسم ثورات الربيع العربى . لم تخرج هذه الشعوب ضد حكام هذا الزمان كمبارك وبن على والقذافى وصالح والأسد فقط .
وإنما خرجت هذه الشعوب نتيجة لآثارالظلم والقهر والاضطهاد الذى شهدته من أمثال هؤلاء الطغاة وزبانيتهم على مر عصورالتاريخ . إنه الإحساس والشعور بالظلم والغبن والقهر طوال عهود الحكومات الديكتاتورية الفردية الظالمة والباطشة. إن جراح ظلم الماضى عميقة ومؤلمة فى وعى هذه الشعوب . لذا فإن العامل النفسى كان هو المحرك والمفجر لهذا الكبت الذى لازم هذه الشعوب إبان عصور الظلم والاستبدادمن استعمار وحكام خونة وعملاء أشد ظلماًوبطشاًمن الاستعمارنفسه. إن لدغات أفاعى السلطات الديكتاتورية المستبدة الغاشمة التى حكمت البلاد نيابة عن الاستعمار كانت أشد وأصعب ضراوة من لدغات الاستعمار نفسه وكان أثرها النفسى فى وجدان وذاكرة الشعوب أصعب على المواطن العربى لأن ظلم ذوى القربى أشد مرارة من ظلم العدو الغريب .
إن الأفاعى الحاكمة التى حكمت البلاد حتى وإن لانت ملامسها ففى تعاملها مع الشعوب تجد فى أنيابها السم القاتل. هؤلاء الأفاعى من أذناب الحكام كالحرباءاستطاعوا أن يتلونوا بلون الثورات وأن يلبسوا ملابس الثوار واندسوا فى ميادين الثورة وهتفوا بشعارات الثوار وارتدوا قناع الطهر والتقوى وفى النهاية سرقوا الثورة وخدعوا الثوارونهبوا خيرات البلاد. استطاع هؤلاء المندسون خلف أسوار الثورة من الوصول إلى كراسى السلطة. واستلموا زمام الأمور وعندما شعروا بالأمن والأمان شعروا بأنهم هم السادة ودونهم العبيد. هذه الشعوب هى العبيد ويجب ان تظل فى عبوديتها لهم طالما أنهم يلهبون جلودها السياط . العبيد لا يستحقون الحرية طالماأنهم يتحملون هذه السياط. وهكذا إن ماحدث الآن عادت خفافيش الظلام من جديد تحكمت فى البلاد من جديد وسقطت ثورة العبيد . .