الأقباط متحدون - الأيقونة وفنون أسبوع الآلام
أخر تحديث ٠٠:٣٨ | الاثنين ٢ مايو ٢٠١٦ | ٢٤برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩١٦ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الأيقونة وفنون أسبوع الآلام


إعداد : مدحت بشاي
لاشك أن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد قد شهد بين طياته عشرات الحواديت والحكاوي ، والسير الذاتية ، والأمثال الدرامية التي كانت توجز الكثير من القيم وفضائل الأديان ودعواتها الإيمانية ، وتفاصيل حياة المؤمن المسيحي عبر سني كتابتها.. 
 
نعم ، تضم أسفار وإصحاحات الكتاب المقدس عشرات ــ إن لم تكن مئات ــ لنوعيات مختلفة من الدراما الإنسانية التقليدية التي تحكي الصراع بين الخير والشر بشكل زاخر بكل عناصر بناء الدراما الصحيحة مكتملة الأركان والعناصر ، و هي في مجملها قادرة على التحريض و التحفير و الدفع في اتجاه  التواصل الحميم مع متلقيها لترجمتها في أعمال فنية مسموعة أو مكتوبة أو مرئية ومسموعة أو مرسومة ، ولعل في مقدمة تلك الأعمال "الأيقونة"  التي تحكي على جدران الكنائس والبيوت المسيحية حكاوي تفاصيل وجود الديانة المسيحية كما أشار إليها كُتاب فصول دراما الكتاب المقدس.

و " الأيقونة " هي تعريب لكلمة يونانية تعني صورة "εἰκών "أو شبه، مثال, تصنع وفق أطر محددة ، مع مراعاة الأبعاد اللاهوتية , و الأيقونة على حسب القديس يوحنا مكسموفتش تصبح اندماجا بين الرمز والرسم وكلمة أيقونجرافيا أو iconography نجد أنه من مقطعين icon رسم شبه مثال والمقطع التالي هو graphy  ، والتي تأتي من الكلمة اليونانية غرافو والتي تعني يكتب . . تمتد الأيقونة في الفكر اللاهوتي لتعبر عن المرئيات المروحنة أو عن الأشخاص في حالة الغبطة الإلهية ، ويقول فلاديمير لوسكي عن الأيقونة ، بأنها (أول درجة من درجات الملكوت) فالأيقونة في الفكر الروسي هي نافذة على الملكوت لذا نجد كثيرا هالات الأشخاص تمتد إلى ما بعد الإطار الداخلي لتوحي لك بأن الشخص المرسوم يطل عليك من نافذة من العالم الآخر وهي لدى يوحنا الدمشقي بدء سلسلة من المراحل الروحية في حياة الشخص.
 
من أمثلة اللوحات الشهيرة التي توثق لحدث هام من أحداث أسبوع الآلام " لوحة العشـاء الأخيــر للفنان الإيطالي ليــونــاردو دافـنـشـي ، 1499 " .. يجمع علماء تاريخ الفن والنقاد أن تلك اللوحة  تُعد واحدة من اشهر الأعمال الفنية في العالم بعد وقت قليل من إتمامها في العام 1498. ولم تفقد شيئا من ذلك البريق والوهج والشهرة حتى اليوم. وبالرغم من تغيّر الأذواق والأساليب الفنية، والتدهور الفيزيائي السريع الذي حلّ باللوحة ، فإن مكانتها باعتبارها إبداعا استثنائيا لم تكن أبدا عرضة للشكّ أو التساؤل.وأهمية "العشاء الأخير" لا تكمن فقط في الخصائص الفنية للوحة وانما في تفوّق دافنشي التعبيري. واللوحة هي تمثيل صوري بليغ للحدث الأكثر أهمية في تاريخ المسيحية. وليس هناك لوحة أخرى عن هذا الموضوع استطاعت أن تثير خيال الناس بمثل ما فعلته تحفة دافنشي هذه. 
 
وهناك طبعات ونسخ كثيرة من اللوحة تزيّن البيوت ودور العبادة والمتاحف عبر العالم. ومع ذلك فإننا عندما نتذكّر قصّة العشاء الأخير للمسيح فإن أذهاننا تتحوّل تلقائيا إلى دافنشي ولوحته الفريدة ,,
 
وهناك نقطة مهمة جدا في هذه اللوحة تتعلق بالمنظور الفني الذي اتبعه الفنان بشكل إعجازي في رسم عناصر اللوحة. فكل عنصر فيها يوجه اهتمام الناظر مباشرة إلى وسطها ، أي إلى رأس السيد المسيح نفسه. ويقال إن العشاء الأخير هي أعظم مثال تم إبداعه عن منظور النقطة الواحدة. 
 
في الليلة التي سبقت خيانة المسيح من قبل أحد اتباعه ، جمعهم للطعام وأخبرهم بما سيحدث. واللوحة تحكي عن تلك الثواني القليلة من القصة أي بعد أن ألقى المسيح على تلاميذه مفاجأته المدوية بأن أحدهم سيخونه قبيل شروق الشمس. واللوحة تكشف بوضوح عن ردود فعل النلاميذ التي كانت مزيجا من الرعب والصدمة والغضب. بالإضافة إلى السيد المسيح نفسه ، فإن الشخصية المحورية في اللوحة هي شخصية يهوذا المتآمر " الخامس من اليسار" ، وقد تعمّد دافنشي رسم وجهه في الظل، بينما بدا خلف يهوذا مباشرة بطرس بلحية بيضاء ووجه غاضب متحدّثا إلى يوحنّا المعمدان الذي يظهر بملامح أنثوية بينما يميل برأسه ليستمع إلى بطرس الشخص الوحيد في الغرفة الذي يبدو وجهه هادئا هو المسيح نفسه. يقال أن دافنشي نجح كثيرا في تصوير الانفعالات الدقيقة على وجوه الشخصيات بفضل الساعات الطوال التي قضاها في دراسة التشريح ، وهذا بالذات هو ما يميّز "العشاء الأخير" عن عشرات اللوحات الأخرى التي تناولت نفس القصة.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter