أعدت أوروبا هدية ثمينة للأتراك مثيرة الحسد في نفوس الكثيرين بما في ذلك الروس الذين يحلمون بالتنقل في دول الاتحاد الأوروبي بدون الحاجة لتأشيرة دخول.
جاء ذلك في مقالة كتبتها يلينا سوبونينا المستشرقة الروسية المعروفة. ونوهت بأن روسيا وتركيا تسعيان منذ أكثر من 10 سنوات عن طريق المفاوضات الشاقة مع الاتحاد الأوروبي، لإلغاء نظام التأشيرات. وهاهم الأتراك نجحوا أخيرا.
لقد استخدم الأتراك مع الأوروبيين وبنجاح ومكر، سياسة لوي الذراع وربطوا موضوع التأشيرات بمشكلة اللاجئين الذين تدفقوا بأعداد هائلة من سوريا عبر تركيا إلى أوروبا.
ومن المعروف أن المفوضية الأوروبية ستنشر يوم 4 مايو/ أيار تقريرها حول إلغاء التأشيرات في منطقة شنغين لمواطني تركيا اعتبارا من بداية يونيو/ حزيران المقبل. ولن يسمح الإجراء للمواطن التركي بالبقاء أكثر من 3 أشهر أو العمل في دول الاتحاد الأوروبي.
من جانبه أقر المفوض الأوروبي بشؤون الهجرة دميتريس افراموبلوس قبل عدة أيام بأن الأتراك لم يلبوا كل ما ورد في الـ72 بندا المحددة لهم من بنود الالتزامات ولكنه لم يحدد البنود التي لم تنفذها تركيا. وسيتوجب على الجانبين مع حلول 1 يونيو/ حزيران، التوقيع على اتفاقية حول إعادة القبول(readmission) أي إعادة إلى تركيا كل تركي يبقى مدة أطول من المسموح بها وكذلك والمتسللين عبر تركيا إلى أوروبا من المهاجرين من الدول الأخرى.
ولكن هناك احتمال أن لا يلحق الطرفان في الاتفاق في الوقت المحدد أو يتخاصما من جديد بسبب عدم الاتفاق على المال. وتركيا وكما هو معروف تطلب المال الكبير لقاء كبح جماح اللاجئين البؤساء. وتجري المساواة على مصير اللاجئين والمال ويربط ذلك بموضوع إلغاء التأشيرات.
ولكن لماذا لا يجرؤ اللسان أن أتمنى النجاح للمتفاوضين؟ إنها ليست غيرة أو حسد. وليس السبب في فتور العلاقات بين روسيا وتركيا، وكذلك بين روسيا والاتحاد الأوروبي. السبب هو أننا نرى وجود خطر محيق في هذا الاستعجال لإلغاء التأشيرات. فعلى الرغم من أن تركيا ليست مستعدة لذلك إلا أن هلع الأوربيين من أمواج اللاجئين الكبيرة يدفعهم لتقديم التنازلات الكبيرة. وخلال ذلك يستمر الأتراك في المساواة وسيحصلون بحذاقة التجار الشرقي، على التنازل تلو الاخر.
هذا طبعا شأن الأوروبيين، ليتصرفوا كما يحلو لهم. أما نحن فيهمنا الجانب الأمني بما في ذلك أمننا الذاتي. يعلم الجميع أن جموع اللاجئين تضم الكثير من المتشددين، وليس خافيا على أحد تجول أنصار وأعضاء الجماعات الإرهابية بين أوروبا وتركيا ذهابا وايابا والبعض منهم يحمل جنسيات أوروبية مثل صالح عبد السلام وغيره الذين شاركوا في هجمات باريس وتفجيرات بروكسل. وتصورا كم ستزيد أعداد الإرهابيين المتسللين إلى أوروبا عندما يلغى نظام التأشيرات مع تركيا التي تشهد كل أسبوع تقريبا تفجيرات وأعمال إرهابية ولا يزال القسم الجنوبي والشرقي منها يشهد الحرب مع الأكراد وجشيها يشترك بشكل غير علني في حرب في شمال سوريا. مع كل ذلك تعلن أوروبا أن تركيا تلبي معايير الدخول بدون تأشيرات. ونفس الأمر ينطبق على أوكرانيا التي تعدها المفوضية الأوروبية أيضا بنفس التسهيلات.
ستقدم أوروبا لتركيا 3 مليارات يورو لتغطية نفقات إقامة اللاجئين وبعد عام 2018 قد يتم تخصيص مبلغ مشابه. هذا بالإضافة إلى ملايين أخرى كثيرة ستنفق داخل أوروبا على تنقل اللاجئين وجيش الموظفين من عامين في مجال الهجرة والأطباء والمترجمين وغيرهم، الذي سيعمل معهم.
طبعا يبدي أردوغان عدم رضاه بهذه المبالغ ويشير علنا وبالتلميح إلى ذلك باستمرار. قبل عدة أيام أعلن المذكور خلال اللقاء مع نظيره الأذربيجاني أن تركيا أنفقت فقط من ميزانيتها 10 مليارات دولار على إقامة أكثر من 3 ملايين لاجئ من سوريا والعراق ونفس المبلغ انفقته المنظمات الخاصة – أي 20 مليار دولا بشكل إجمالي.
وجدير بالذكر أنه بات ساري المفعول اليوم 3 مايو/ أيار، القانون التركي الذي يلغي أي قيود في مجال التأشيرات لمواطني دول منطقة شينغين.