الأقباط متحدون - لماذا قانون أحوال شخصية جديد؟
أخر تحديث ٠٧:٤٧ | السبت ٧ مايو ٢٠١٦ | ٢٩برمودة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٢١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لماذا قانون أحوال شخصية جديد؟

نهاد أبوالقمصان
نهاد أبوالقمصان

صدر أول قانون أحوال شخصية فى مصر عام 1920، وكان صادماً آنذاك لما به من رؤية محافظة تدعى استنادها إلى الشريعة الإسلامية، إلا أنها تجاهلت ما أعطته الشريعة للمرأة من حقوق وعكست رؤية ذكورية تعكس المصالح ربما الشخصية لبعض واضعى القانون، وفى عام 1926 وفى ذروة تطور حركة الإصلاح الدينى تألفت لجنة من المختصين بالمسائل الفقهية من تلامذة الإمام محمد عبده، وضعت اللجنة مقترحات استمدتها من آراء الفقهاء عامة مما هو نافع للأسرة ولم تقيد نفسها بآراء الفقهاء الأربعة وارتقى عمل اللجنة إلى الاستنباط من القرآن والسنة حتى ولو ناقض ذلك ما قاله السابقون، فلكل عصر ظروفه ومن ثم اجتهاداته، فإن كان الفقهاء الأربعة اجتهدوا مشكورين على ذلك، إلا أن تطورات العصر وتعقيداته تحتاج منا العودة إلى الأصل والاجتهاد لعصرنا «أتكلم عن عام 1926».

وانتهت اللجنة إلى عدة نقاط عامة ربما من أبرزها أنها اشترطت لتزوج الرجل من أخرى ألاّ يعقد الزواج أو يسجله إلاّ بإذن القاضى الشرعى، ومنع القاضى من الإذن لغير القادر على القيام بحسن العشرة، والإنفاق على أكثر ممن فى عصمته، ومن تجب نفقتهم عليه من أصوله وفروعه. كما أخذت اللائحة المقترحة من هذه اللجنة بمبدأ الالتزام بالشروط التى تفرضها الزوجة على الزوج عند إبرام العقد، كالاشتراط بألاّ يتزوج عليها.

وأعطت اللائحة الحق للزوجة فى طلب التفريق بسبب إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة. وكذلك طلب الزوجة الطلاق لو غاب زوجها سنة فأكثر، حتى لو ترك مالاً تستطيع الإنفاق منه، لم يتم قبول التعديلات فى هذا العام لأسباب سياسية وليست دينية، حيث كان الملك يرغب فى الزواج على زوجته فى ذلك العام، فقد صدر القانون رقم 25 لسنة 1929 واقتصر القانون على ما جاء بالمذاهب الأربعة.

فى ظل قانون الأحوال الشخصية الحالى الذى يحمل العديد من المشكلات لجميع أطراف الأسرة، هناك ضرورة لعمل قانون أحوال شخصية جديد كلياً، يستمد من القرآن والسنة واجتهاد المعاصرين ليناسب ظروف العصر وتعقيداته، أيضاً يبنى على مقاصد الشريعة والمصالح المرسلة، لذا فالعنصر الأهم أن يلزم الدولة بلعب دور فى هذه العلاقة وتنظيمها، فمن العجائب أن المرأة فى قضايا النفقة هى الملزمة بعمل تحرٍ عن دخل الزوج معتمدة على مسمى انقرض وهو شيخ الحارة، شيخ حارة فى عام 2016؟!

أيضاً حكم النفقة هو الوحيد الذى تنفذه صاحبة الحق بمفردها ولا تملك سوى الترجى والتمنى فى وقت تملك البنوك والضرائب كل صلاحيات الحجز الإدارى بلا أحكام، تناقض عجيب فى حماية حقوق الدولة حماية مطلقة متعسفة أما حقوق الضعفاء فهى بلا قيمة، فقانون الأحوال الشخصية الحالى وإجراءاته لا تلزم الدولة نفسها أو تزعجها بل إن الدولة منسحبة تماماً مما حول العلاقة من المودة والرحمة إلى علاقة استعراض قوى، من يملك القوة أو السلطة يسحق الطرف الآخر.

أمر آخر عجيب وهو ترتيب الحضانة وترتيب الولاية على المال يعكس عدم التعامل مع الأسرة كوحدة واحدة مبنية على المودة والرحمة والشراكة، وإنما يعكس ثقافة القبيلة الممتدة التى يعمل الرجال فيها بالرعى والصيد ولا علاقة لهم بالأطفال وتعمل النساء فى طهى الطعام على الكانون وليس لهم علاقة بالأموال، منظور ربما قبل التاريخ وظهور الدولة بل وظهور الإسلام نفسه، منظور جعل الأب فى ترتيب الحضانة بلا قيمة فإن ماتت زوجته حرم من الزوجة والأولاد، أيضاً هذا المنظور جعل الأم فى ترتيب الولاية على أولادها ورعاية أموالهم ومصالحهم بلا قيمة فإن مات زوجها تخضع هى وأولادها إلى رأس القبيلة، لذا فنحن بحاجة إما إلى العودة للقبيلة وإلغاء الدولة أو أن تتدخل الدولة للعب دورها الأصيل.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع