ندد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء، بالاعتداءات الممنهجة والمستمرة لتنظيم "داعش" الإرهابي بحق الآثار والتراث الإنساني، وإقدامه على إزالة المعالم التاريخية والآثار الأشورية فى العراق، على خلفية هدم عناصره بوابة المسقى التاريخية، وقصر ملك الدولة الأشورية في محافظة الموصل، ونشر صورًا للآثار التي خربها في مدينة نينوي، والتي أظهرت دمارًا لقصر الملك "سنحاريب" الأشورى وأسواره، وبوابة المسقى التاريخية.
وأكد المرصد، في بيان أصدره اليوم، أن هذه الاعتداءات الهمجية والمستمر ضد التراث الإنساني بشكل عام، تعبر عن تشوهات في فكر ومنهج تلك الفئة الضالة، والتي تعادي كل شيء حتى الحجر بما يحمله من قيم تراثية وتاريخية، ولا تنبع تلك الممارسات بأي حال من الأحوال من تعاليم الإسلام وقيمه العليا.
وأضاف المرصد أن بوابة "المسقى" التي هدمها التنظيم يعود تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد 705-618 ق.م، وهي عبارة عن بوابة لقصر الملك سنحاريب إمبراطور الدولة الأشورية الحديثة، ولا يوجد أي زريعة لهدمها، حتى بالمبررات التي يسوقوها أصحاب الفكر المتطرف من أن تلك الآثار قد تعبد من دون الله، حد وصفهم، فبوابة المسقى وقصر ملك الدولة الآشورية بالعراق لا يمكن بحال من الأحوال أن تُعبد من دون الله أو أن تمثل نوعا من الشرك، ما يؤكد أن عداء تلك الفئة الباغية للحضارة والتراث الإنساني هو عداء للإنسان ومنتجاته ومخرجاته الحضارية أينما وجد.
وأضاف المرصد أن الآثار هي تراث إنساني يعبر عن الأمم السابقة وإنجازاتها، ودعا الإسلام إلى الحفاظ عليها بل والاعتبار بها والتدبر فيها، فقال تعالى: "كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"، وقال تعالى في موضع آخر "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ"، بما يعني أن الحفاظ على تراث السابقين أمر ديني يحقق للإنسان الاعتبار والعظة.
وأكد المرصد أن المتفق عليه بين علماء الأمة هو حرمة هدم الآثار أو الاعتداء عليها أو طمسها تحت أي دعوى، بل إن جوهر الإسلام يدعو إلى الحفاظ عليها بما يتطلبه ذلك من الرعاية والصيانة والترميم؛ فالإسلام احترم الحضارات المختلفة وحافظ على تراثها وآثارها باقية إلى يومنا هذا، وسار الصحابة على هذا النهج طوال عصور الفتوحات الإسلامية، ولم يرد أن المسلمين دمروا آثار أمة من الأمم أو حضارة من الحضارات.
وجدد المرصد تأكيده على أن حماية الآثار والتراث الحضاري في الدول والمناطق التي يسيطر عليها تنظيم "داعش" الإرهابي، إنما هو مسؤولية المجتمع الدولي بأكمله وينبغي أن يضطلع المجتمع الدولي ومنظماته الأممية بدوره، والقيام بمسؤوليته في الحفاظ على الحضارة والتراث الإنساني من التخريب والضياع والتدمير، والتصدي لتلك الفئة التي لا تعبر عن فكر أو معتقد ديني، ومنعها من استكمال دورها في طمس وهدم كافة الآثار والمعالم التاريخية في المنطقة العربية والإسلامية.