منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء في خريف العام الماضي, وما أعقب ذلك الحادث المؤلم من توجس الكثير من دول العالم حيال إجراءات السلامة في المطارات المصرية ووجود شبهة عمل إرهابي وراء سقوط الطائرة- الأمر الذي لم يعلن بشكل قاطع حتي الآن- هنا بالإضافة إلي الضربة الموجعة التي حاقت بالسياحة الخارجية إلي مصر ضربة أخري حاقت بحركة الشحن الجوي من وإلي مصر.. وبالرغم من تأكيد المسئولين عن صناعة النقل الجوي مرارا أن هناك تعاونا وثيقا بين الخبراء المصريين ونظرائهم الأجانب في مجال أنظمة أمن المطارات أسفر عن الاطمئنان الكامل لمعايير الأمن المتبعة في المطارات المصرية, إلا أنه يبدو أن ذلك يتركز فيما يخص حركة الركاب المسافرين والقادمين أكثر مما يخص حركة الشحن والبضائع.. وليس أدل علي ذلك من الخبر الملفت المنشور في صدر صحيفة الأهرام الخميس الأسبق تحت عنوان ألمانيا ترفع حظر شحن الحقائب إلي مطار شرم الشيخ.. حيث تضمن الخبر ما صدر عن وزارة النقل الألمانية برفع الحظر المفروض منذ نوفمبر 2015 علي شحن الحقائب مع الركاب علي متن رحلات الطيران السياحي الألماني المتجهة إلي مطار شرم الشيخ.
والحقيقة أن هذه الأجواء الملبدة بالغيوم تركت بصمتها السلبية علي حركة توزيع جريدة وطني لمشتركيها في الخارج وخاصة المقيمين في دول المهجر البعيد -أمريكا وكندا وأستراليا- حيث تعاقبت منذ نوفمبر الماضي وبشكل غير معهود شكاواهم من عدم وصول الصحيفة إليهم وفاء باشتراكاتهم التي نرسلها علي عناوينهم عبر خدمة البريد الجوي.
في البدء لم نتبين حقيقة الأمر واعتبرنا أنه راجع إلي تعثر أو تأخر في فرز وتوزيع وتصدير البريد, وبادرنا بمخاطبة هيئة البريد آملين في سرعة تدارك المشكلة كما سبق لنا أن فعلنا في مرات سابقة.. لكن هذه المرة استمرت الشكاوي تؤكد التوقف الكامل عن وصول الصحيفة لمشتركيها وثبت لنا أن الأمر ليس تعثرا أو تأخرا إنما انقطاعا تاما للخدمة مما دعانا إلي الاتصال بمسئولي هيئة البريد الذين فاجأونا بما كنا نجهله من أن السياسات المتبعة عقب حادث الطائرة الروسية تفرض تحويل جميع شحنات البريد المصري الجاري تصديره للخارج إلي دولة الإمارات لإعادة فحصه وتأمينه قبل شحنه إلي مقاصده.. وقام مسئولو الهيئة آنذاك بطمأنتنا بأن تلك السياسات سرعان ما يتم رفعها بعد نجاح جهود تأمين جميع المطارات المصرية, وبدورنا قمنا بإبلاغ المشتركين الغاضبين بذلك ملتمسين تفهمهم وصبرهم.
طالت المدة وانصرمت الأسابيع تلو الأسابيع والشهور تلو الشهور ولم تحدث أية انفراجة في وصول وطني للمشتركين بالرغم من استمرار وانتظام شحنها بالبريد من جانبنا, وتوالت الشكاوي والاحتجاجات من القراء.. وهنا لم يكن هناك بد من معاودة تقديم شكوي رسمية للهيئة في 20 أبريل الماضي نهيب فيها بالهيئة اتخاذ اللازم لعلاج ذلك القصور الذي يكبدنا أضرارا مهنية ومادية علي السواء.. فماذا كانت النتيجة؟
بتاريخ 12 مايو الجاري ورد لنا خطاب السيد مدير حركة البريد الخارجي بالهيئة القومية للبريد الذي يقول نصه:
إيماء إلي الشكوي الواردة من سيادتكم بشأن شكوي بعض القراء بالخارج (أمريكا- كندا- أستراليا), نود التفضل بالإحاطة بأنه نظرا لتوقف بعض شركات النقل الجوي عن التعامل مع الدول المنوه عنها في الوقت الحالي فإنه يتعذر علي البريد المصري نقل المواد البريدية إلي تلك الدول وبناء عليه فقد توقفت الخدمة لهذه الدول لحين استئناف شركات النقل الجوي التعامل مع الدول المشار إليها.. شاكرين حسن تعاونكم معنا.
توقيع: الأستاذ/ م.أ- مدير حركة البريد الخارجي
وأسقط في يدنا الأمر.. لأنه في الوقت الذي كنا نترقب عودة الأمور إلي مسارها الطبيعي طبقا لتصريحات المسئولين في هيئة البريد بانقضاء سياسات شحن البريد إلي دولة الإمارات, تفاجئنا الهيئة بخطابها الأخير الذي يسدل الستار تماما علي عودة وانتظام خدمة تصدير البريد الجوي ملقية باللائمة علي توقف شركات النقل الجوي عن التعامل بين مصر ودول المهجر!!!!.. هل هذه واحدة من سقطات عدم الشفافية التي عهدناها من المسئولين في مصر؟!!.. لماذا لم نسمع عن ذلك إلا ردا علي خطابنا للهيئة؟!!.. وماذا عن سائر المصريين -أفرادا أو شركات ومؤسسات- هل يعانون من ذات المشاكل في تعاملاتهم ؟!!.. وهل يعني ذلك أنهناك شللا في خدمة البريد بين مصر والخارج؟!!.. ولماذا لم نعرف ذلك لو صح إلا من خلال خطابات متبادلة بيننا وبين الهيئة؟!!
وإلي أن يتم إجلاء أسرار هذا الواقع الغريب واستئناف وصول وطني إلي مشتركيها في الخارج, أقول لهم جميعا.. عذرا.. ورفقا!!