الأقباط متحدون - شوارع لها تاريخ
أخر تحديث ٠١:٢٣ | الجمعة ١٩ نوفمبر ٢٠١٠ | ١٠ هاتور ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢١١ السنة السادسة
إغلاق تصغير

شوارع لها تاريخ


بقلم: مايكل جرجس
يدور حديثنا اليوم حول أحد إصدارات مهرجان القراءة للجميع، وبالتحديد كتاب بعنوان: "شوارع لها تاريخ.. سياحة في عقل الأمة"، وهو للكاتب "عباس الطرابيلي"، وكانت طبعته الأولى قد صدرت في عام 2000م، ويقع الكتاب في 223 صفحة من الحجم المتوسط، وينقسم إلى ستة أبواب.

الشارع الأعظم
 الباب الأول من الكتاب بعنوان: "القاهرة الإسلامية"، ويتحدث عن تاريخ مصر في شارع، ويقصد به "الشارع الأعظم"، حيث توجد بهذا الشارع العديد من المنشآت الإسلامية، والتي تمثل ستة عصور إسلامية كبرى، هي: "الفاطمية، والأيوبية، والمملوكية البحرية، فالمملوكية البرجية الجركسية، ثم العثمانية التركية، حتى نصل إلى عصر "محمد علي" باشا".

 "الشارع الأعظم" هو أول شارع شقه "جوهر الصقلي"؛ القائد الذي فتح "مصر"، وبنى "القاهرة"، و"الأزهر"، وقد أطلق البعض على هذا الشارع اسم: "شارع المعز لدين الله الفاطمي"، ويبلغ طوله الحقيقي -حاليـًا- 4800 مترًا، وكان يمتد هذا الشارع من باب النصر وباب الفتوح شمالاً، إلى باب زويلة في الجنوب، وذلك قبل التوسعات التي شهدها فيما بعد.

شارع قصر النيل
 أما الباب الثاني من الكتاب فهو بعنوان: "القاهرة الحديثة"، ويبدأ بالحديث عن شارع "قصر النيل"، أحد أشهر شوارع وسط القاهرة، ويعتبر القائد "إبراهيم باشا" ابن "محمد علي" باشا، أول مَن فكر في تعمير المنطقة الممتدة من كوبري أبو العلا شمالاً، إلى ما بعد كوبري قصر النيل جنوبـًا، إلا أن الخديوي "إسماعيل" هو الذي اهتم بتعمير تلك المنطقة، ورسمها وتخطيطها، وعهد لكبير مهندسي مصر في هذا الوقت -"علي باشا مبارك"- بتحويل تلك المنطقة لواجهة حضارية للعاصمة، فخططها وأنشأ فيها الشوارع والحارات على خطوط مستقيمة.

 وبعد الانتهاء من رصف الشوارع، قام الخديوي "إسماعيل" بمنح الأرض للذين سوف يشيدون المباني، بشرط ألا تقل تكلفة العمارة عن 2000 جنيهـًا، بهدف بناء عمارات كبيرة عصرية، وهكذا ظهرت شوارع: "قصر النيل"، و"سليمان باشا"، و"قصر العيني"... إلخ.

 ويبلغ طول الشارع نحو 1250 مترًا، كما قام الخديوي "إسماعيل" بتكليف شركة "فيف" الفرنسية بإنشاء كوبري معدني -كوبري قصر النيل- لتسهيل الوصول إلى الجزيرة الواقعة على الضفة اليسرى للنيل، وتم إنشاء الكوبري عام 1872م، وتكلف 108 آلاف جنيهـًا فقط.

 كما أنه كانت توجد بالشارع الثكنات العسكرية للجيش المصري، وقد قام الاحتلال الإنجليزي عند وصوله إلى "القاهرة"، يوم 14 سبتمبر 1882م، وبعد هزيمة العرابيين في معركة التل الكبير، قام باحتلال تلك الثكنات في قصر النيل، كرمز لاحتلالهم للقاهرة.

 "العباسية".. من صحراء إلى حي للأثرياء
 كانت مجرد صحراء جرداء في شرق القاهرة، وكانت تقع على الطريق المؤدي إلى المطرية وهليوبوليس، وضع أساسها "عباس حلمي" الأول، والذي تولى حكم "مصر" من 1848 إلى 1854م، فقد قرر تشييد ثكنات عسكرية للجيش المصري على حافة الصحراء، ووضع أسس حي "العباسية"، وشجع الناس على تعمير هذه المنطقة، وذلك عن طريق منح الأراضي، وتشييد مستشفى ومدرسة وقصر.

 إلا أن الطفرة في بناء هذا الحي تعود إلى الخديوي "إسماعيل"، الذي أنشأ عدة مدارس عسكرية به، وامتدت فيما بعد حركة العمران، فشهدت العباسية إنشاء المستشفى اليوناني، والمستشفى الإيطالي، بعد إنشاء مستشفى الأمراض النفسية.

النيل والجيزة والعجوزة والدقي
 يعرف البعض أن دلتا النيل كانت تتكون من سبعة فروع، قبل أن تستقر عند فرعين اثنين؛ هما "دمياط، ورشيد"، وتـُدفن الفروع الخمسة الأخرى، ولكن هل يعرف البعض أن نهر النيل عند "القاهرة" غيـَّر مجراه أربع مرات على الأقل؟؟ وأن معظم أراضي القاهرة الحديثة كانت تحت مياه النيل؟؟ وكانت كلها تقع على الضفة الغربية للنيل، وأن مناطق مدينة الجيزة والدقي والعجوزة، وشارعي الجيزة والنيل، كلها كانت تقع شرق مجرى النيل الحالي؟!

حي الزمالك
 اختلف المؤرخون في معنى الاسم، منهم مَن قال إن "الزمالك" هي كلمة أعجمية معناها الأخصاص، وهي بيوت من الغاب ومفردها زملك، ومنهم مَن قال إن الخديوي "إسماعيل" عندما أنشأ قصر الجزيرة -والذي أصبح فيما بعد قصر لطف الله، وبعد هذا أصبح مقرًا لفندق عمر الخيام، ثم أصبح فندق الماريوت حاليـًا- أن جعل الخديوي الحرس الخاص به يقيم حول قصره هذا، في خيام الطراز، "ذي الزملك".

 وفي آواخر القرن قبل الماضي، وللحد من عمليات تحرك مجرى النيل غربـًا، بذلت الحكومة جهدًا كبيرًا لإيقاف هذا التحرك ومحاولة تثبيته وتقوية جسوره، وقد أُلقيت من أجل ذلك حجارة كبيرة وكثيرة في النيل، الذي يجري إلى الغرب بين جزيرة الروضة والجيزة، وإرغامه على الجريان في معظمه في الفرع الشرقي، كما تمت تقوية جسور النيل على طول شارع الجيزة، وأدت هذه الجهود إلى تثبيت النهر في مجراه الحالي، ووقف تحوله ناحية الغرب، كما أدت إلى تثبيت سهل الفيضان الغربي للنيل، الذي تم صرف مياهه وشق الشوارع فيه؛ لتظهر أحياء العجوزة والدقي والجيزة.

 تلك هي قصة أرقى الأحياء؛ الزمالك والدقي والعجوزة، بشارع النيل وشارع الجيزة، وهي الأحياء التي هرب إليها الناس بعد أن ارتفع عدد سكان "القاهرة" من 260 ألف نسمة -وذلك عند دخول الفرنسيين عام 1798م- إلى 375 ألفـًا أيام "علي باشا مبارك" عام 1872م، إلى 5 ملايين عام 1971م، إلى ما يزيد عن الـ18 مليونـًا في عصرنا الحالي.

 ونستكمل الحديث عن باقي أشهر الشوارع في المرة القادمة بإذن الله.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter