وضرب مثلاً، الرئيس من أسيوط إلى دمياط فى أسبوع، يتابع على أرض الواقع ما تم تنفيذه، وما سيتم على توقيته، لم يركن إلى التقارير المكتبية، ولم يكتف بالمتابعات الوزارية، يذهب ليتفقد، ليتحقق، ليبحث، الرئيس وسط المسؤولين التنفيذيين، لا يترك هفوة ينفذ منها فيروس الإهمال، أو ثغرة يتسرب منها المال العام، ويطمئن على سير الأعمال، حسناً فعل.
التحرك العرضى والطولى للرئيس مهم وضرورى، وحتماً ولابد أن يستتبعه تحرك مماثل من رئيس الوزراء والوزراء، كل فى مجاله، وتحرك من كبار المسؤولين التنفيذيين، كل فى موقعه، اتركوا مكاتبكم، انزلوا إلى الشارع، إلى المواقع، تفقدوا المشروعات، راجعوا مواقيت التنفيذ، حلحلوا المعوقات، وفككوا المشاكل، كونوا بين الناس، لا تنعزلوا عنهم.
التحركات الرئاسية المحمومة فى كل الاتجاهات حتماً ولابد تترجم بتحركات المسؤولين كافة، خلية نحل فى المواقع والمشروعات، ليس لدينا رفاهية الوقت لنضيعه، ولا نملك وفرة فى المال لنبعثره، كل دقيقة هى حياة أو موت، وكل جنيه من لحم الحى، وتعظيم العوائد بتوفير الوقت والمال، أيتحرك الرئيس والقوات المسلحة ونحن هاهنا قاعدون؟!
السيسى لا يتجمل حراكاً، لكنه ينفذ برنامجاً طموحاً لإعمار هذا الوطن الرائع، عنده إيمان بإمكانيات هذا الشعب، ولديه رغبة أكيدة فى النجاح، وثقة بلا حدود أن التحريك من أعلى يستتبعه تحريك الدوائر المركزية، وصولاً لدفق الحياة فى الأعصاب الطرفية، فيتحرك الجسد كله، الرئيس يحرك البحيرة الراكدة بإلقاء حجر، عسى أن تضرب الدوامات الشاطئ فتبعث فيه الحياة.
مشكلة الرئيس أن التحريك من الأسفل معدوم تقريبا، الجسد الإدارى الضخم خامل، بليد، يتثاءب، وضع يده على خده من زمان، أدمن الراحة والأنتخة والنوم فى العسل، دون إيقاظ هذا الفيل الثقيل ستظل حركة الرئيس محصورة فى أعلى القمة، أما عند السفح بحطة إيدك، لو فى هذا الجسد ثمة حياة لانتفض واهتز وشغّل المَكَن، لكنه دأب على تشغيل الفهّامة، واستهوته الفهلوة، واستطعم تضييع الوقت، لا مسؤولية، ولا شغلة ولا مشغلة، نيام نيام.
يجد الرئيس غايته فى تشغيل القوات المسلحة، إنجاز فى توقيته المطلوب، القوات المسلحة عنوان عريض للإنجاز، إلا أن عدوى الإنجاز لم تنتقل إلى الوزارات والمحافظات والأحياء، القوات المسلحة فى مهمة مؤقتة، أخشى أنها ستستمر طويلاً، الأجهزة المدنية يدها فى المياه الباردة، اذهب أنت والقوات المسلحة فقاتلا نحن هاهنا قاعدون، على قلبها لطالون.
الفارق فى السرعات يفقد الحركة الرئاسية كثيراً من فاعليتها، يستحيل أن يظل الرئيس فى شغل تنفيذى ولديه حكومة كالفيل ثقيلة الحركة، بطيئة التفكير، تنتظر التوجيهات، لا تقدم على المبادرات، تتجنب التوقيعات، وتلوذ بالأمان. إنصافاً هناك نفر من الوزراء والمحافظين وكبار الموظفين لديهم مس من حراك، متحركون، ولكن مطلوب حركة أكثر، جماعية فى الأداء، طموح فى الإنجاز.
نحلم بالوزراء وقد هجروا مكاتبهم، وتبعهم التنفيذيون، كل يوم فى موقع، وكل ليلة فى مشروع، نحلم بمحافظين نزلوا إلى الأحياء، ليقفوا على المشكلات، نحلم برؤساء أحياء أحياء وليسوا أمواتا، كيف ينام رئيس حى وتلال القمامة تسد الأفق أمام ناظريه؟!.
التحركات الرئاسية بين المحافظات ملاحقة للمشروعات تبعث على الإنجاز، ولكن من أين للرئيس وسط غابة التشابكات السياسية فى الإقليم أن يقف على كل مشروع، ويراجع كل خطة، ويقف على الإنجاز؟.
السيسى مفطور على الإنجاز، ويتمنى أن يحقق حلمه، «مصر قد الدنيا»، ولكن عوناً للرئيس، وبراً بالقسم، ووفاء بالتكليف، وإرضاء للضمائر، تحركوا يرحمكم الله، لا تكونوا فى الرِكَاب، الرئيس يصحو باكراً وأنتم نيام!!.
نقلا عن المصري اليوم