وهل تبرأت النهضة فى تونس من أفكار سيد قطب، وما صدر من فتاوى تكفيرية، وجرائم دموية سبقت، هل أعلنت قطيعة مع الجماعة الأم فى مصر، هل خرجت على التنظيم العالمى، هل سيدت تونسيتها على إخوانيتها؟!.
حتى ما نسب إلى زعيم النهضة راشد الغنوشى من قول حكيم: «أنا مسلم تونسى، تونس هى وطنى، وأنا مؤمن بأن الوطنية مهمة وأساسية ومفصلية فلن أسمح لأى كان أن يجردنى من تونسيتى، ولن أقبل أى عدوان على تونس حتى لو كان من أصحاب الرسالة الواحدة».. كذبه الغنوشى تاليا وقطعيا، ولم يعلن على إخوانه مثلا «أن تونسيتى هى الأعلى والأهم»، أعلى من الإخوان وأهم من الخلافة!.
وعليه تحول «النهضة» من الإخوانية إلى التونسية سيظل محل شك كبير، يقينا أهل تونس أدرى بنهضتهم، ولكن نفراً من المؤلفة قلوبهم إخوانياً، يبشرون فينا بتحول تاريخى فى تاريخ الحركة الإخوانية (فرع تونس) يستغفلون المصريين بكذبة التحول إلى حزب مدنى، كيف تنطلى على المصريين الذين ذاقوا الأمرين من حزب الحرية والعدالة وكان مدنياً؟!.
الإخوان هم الإخوان، وإن حلقوا اللحى، وقاموا لتحية العلم، ووقفوا زنهار لعزف السلام الجمهورى، تزرعهم يقلعوك، يرومون خلافة، لا يعترفون بالأوطان، لا يقفون على الحدود، ليس لهم حدود، ويجيدون ظاهرة المماتنة كالحرباء.
الغنوشى ليس استثناء، رضع لبانهم، وتونس ليست استثناء، اكتوت بنارهم، والجماعة الأم فى مصر التى خرجت من أعطافها «النهضة» ضربت مثلاً دموياً، «اتمسكنوا» للتيارات المدنية حتى «تتمكنوا» من الرقاب، يومها صاح كبيرهم الذى علّمهم السحر وقد ظن أنه تمكن، من التمكين، إنى أرى رؤوساً قد أينعت.
حديث التحول الذى تنقله إلينا مستبشرة منابر مصرية مأفونة ومخاتلة باعتباره نموذجاً ومثالاً، عجيب وغريب أمر هؤلاء، فليتذكروا ما جرى من إخوان مصر وقد تحولوا إلى حزب، فليراجعوا مواقفهم عندما تسلموا الحكم، وأنكى وأمر ما صدر عنهم بعد أن خلعهم الشعب، هل عادوا إلى الصف الوطنى، أعلنوها حرباً على المصريين، الإخوان مالهمش أمان.
أعلم أن الضرورات التونسية تبيح المحظورات المصرية فى إعلان الإخوان جماعة إرهابية، وفى الأخير هذه نهضتهم وهم أولى بها، ولكن حديث الإفك مصرياً، والتبشير بالنموذج التونسى على الأراضى المصرية، وتحبيذ عودة الإخوان، والدعوة فى المسجد، والسياسة فى الحزب، كلام ساكت، لا النهضة ستغادر المسجد، ولن تحلق اللحى، هى تمارس أرذل الكذب، المعاريض السياسية، أقرب للتقية، وهى الكذب على مذهب أهل الشيعة.
ما يصدر إلينا من تونس عبر خلايا الإخوان فى الصحافة الزرقاء، يجعلنا أكثر حرصاً عن ذى قبل، الثعبان يجدد جلده بين الفصول، لكنه يظل ثعباناً كامناً فى الدغل، والثعبان التونسى جلده أملس، يجيد الفرنسية، الحالة التونسية كمن يربى ثعباناً فى عِبه، أخشى أنه سيُلْدَغ قريباً، قرصة الإخوان بالدم، ألا ينظر بعينيه ملياً إلى شلال الدم المصرى.
الخديعة التى تصدّرها منابر الإخوان إلى مصر، شوفوا تونس بتعمل إيه، نموذج فى العيش المشترك، والحوار السياسى، وتبادل السلطة، الإخوان شركاء، ولا حل إلا بالمصالحة، والإخوان يراجعون، والشيوخ يقوّمون ما استطاعوا إليه سبيلا عنف الشباب، والتحول إلى العمل العلنى أرحم من النزول تحت الأرض، متى خرج الإخوان من تحت الأرض لينزلوا إليها، متى طلّق الإخوان العمل السرى، هل حدث وإن فكك الإخوان التنظيم السرى، الإخوان جماعة سرية وستظل لأنها لا تعيش ولا تنمو ولا تتمدد إلا فى الظلام.
نقلا عن المصري اليوم