م. مدحت سيف - نيويورك
عزيزى القارئ:
تحدثنا سابقاً عنتسع قصص،وتوصلنا من خلالها لنقاط عديدة منها:
من يخشى صعود الجبال، يعيش حياته بين الحفر.
هناك مَنْ يصطاد بالصنارة،وهناك مَنْ يصطاد بالشبكة.
لنضع أنفسنا مكان الآخرين ولا نحكم عليهم، فربما لو كنا مكانهم لفعلنا مثلهم.
إذا جعلت نفسك دودة، فلا تلُم الآخرين إن داسوا عليك بأقدامهم.
ليس كل ما يُعرف يُقال، فبعض الكلمات قد تفتح علينا وعلى الآخرين أبواباً قد لا يمكن غلقها.
آن الآوان لنرى أنفسنا بشكل أفضل، ونستثمر إمكانياتنا لتطوير أنفسنا فنعيش الحياة التى نرجوها ونستحقها.
الناس كالسلحفاة إن أردتهم أن ينزلوا عند رأيك فأدفئهم بعطفك، ولا تجبرهم على فعل ما تريد بعصاك.
لا تفترض أنالطرف الآخر سيفهم قصدك، ويرى الأمور كما تراها أنت.
إحذر من سرعة رد الفعل،فقد تدفع الثمن غالياً...
ولنكمل رحلتنا: دروس حياتية من النسر
1. لدى النسر رؤية ثاقبة ونظر قوى ،يستطيع التركيز على فريسته من علو خمسة كيلومترات، يركز بصره على الفريسة و لا يدعها تغيب عن ناظريه حتى يمسك بها.
ليكن لديك هدف واضح ورؤية محددة لحياتك القادمة ركز عليها،لا تتنازل عنها حينما تواجهك عقبات بل امض بكل تركيز نحوها .
2. النسور لا تأكل الأشياء الميتة،بل تصيد وتتغذى على الفرائس الجديدة ...
كن متجدداً،تجنب تكرار ما فعله غيرك و أبدع جديدا لحياتك على الدوام ولا تكن نسخة من شخص آخر،فأنت شخص فريد فى قدراتك وليس لك نظير.
3. النسور هى الطيور الوحيدة التى لا تهاب العواصف و الغيوم ، فوجود ذلك الطقس يحفزها و يثيرها للطيران! حيث تقوم بتوظيف العواصف لصالحها فتستخدم اندفاع وضغط الرياح للطيران لأعلى وهذا يعطيها فرصة لإراحة أجنحتها.
نحن أيضاً بإمكاننا توظيف عواصف الحياةسواء تحديات أوعقبات أو ضغوطلصالحنا للاستفادة منها فى التعلم.
4. إناث النسور لا تقبل بأى نسر زوجاً! بل تخضعه لاختبار شاق! حيث تقوم الأنثى بالتقاط غصن من الأرض ومن ثم تطير لأعلى لتوقعه بعد ذلك! وعلى النسر الذكر أن يلتقطه قبل أن يقع على الأرض! و يجلبه للأنثى التى تطير به لإرتفاع أعلى و توقعه لترى هل يلتقطه النسر الذكر أم لا ؟ تتم هذه العملية عدة مرات حتى تثق الأنثى بقدرات النسر الذكر ومن ثم ترضى به زوجا.
فى حياتك الخاصة أو فى عملك لا تعطى ثقتك لأحد قبل اختباره و معرفة معدنه Test before You Trust
5. حينما توشك الأنثى على وضع البيض،يختار النسر الأب مكانا مرتفعا بعيداً عن المفترسين، يطير النسر الأب ملتقطا الأشواك ليحيط بها عشه،ومن ثم يحلق بحثا عن العشب الطرى ليفرش به العش ،ويحيط العش بالأشواك مرة أخرى للحماية أكثر و يبالغ فى هذا حفاظا على ذريته. يتشارك الزوجان فىبناء هذا العش لتنعم ذريتهما بالأمان.
الذين يحبوننا لا يدعونا نتحمل كل الجهد بل يشاركوننا به،لا يتركونا للسقوط بل يدعموننا و يستنهضون حماسنا، فكن أنت ذلك الشخص الذى يسند ويدعم الآخرين .
6.حينما يبدأ الفرخ بالنمو تبدأ الأم بتعليمه الطيران،حيث تقوم الأنثى بقذفه خارج العش أحياناً! و لأنه خائف سرعان ما يعود الفرخ لعشه، مع مرور الأيام يبدأ نموه بالاكتمال فتقوم أمه بقذفه خارج العش وقبل رجوعه تبدأ بتخريب العش و ذلك بالتخلص من الأعشاب و ملء العش بالأشواك فحين يرجع الصغير للعش تدميه الأشواك فيرجع للخارج و لعله يتساءل لم يعذبه ابواه هكذا! فيدرك حينها أنه لا مفر من الطيران.
عزيزى،البحر الهادئ لا يصنع بحاراً ماهراً.
7.بعد ذلك تقوم الأم بقذف الصغير من علو شاهق فيصرخون مذعورين وهم فى الهواء! حينها يقوم الأب بالتحليق أسفل منهم و يلتقطهم على ظهره! ليعود بهم إلى الأم! يتكرر حدوث هذا الأمر حتى يبدأون بخفق أجنحتهم، فتثيرهم المعرفة بالقدرة الجديدة على التحليق،فيتحمسوا و يطيروا حينها لارتفاعات عالية لأول مرة الأبوان يدعمانهم بخفق أجنحتهما حولهما بقوة و يشجعانهم بأصواتهما تحميساً لهم.
عملية تخريب الأم للعش تعلمنا أننا يجب أن نكون مستعدين و مؤهلين للتغيرات و التحديات و فهى لا محالة قادمة لحياتنا . قد تؤلمنا لكنها تعلمنا المواجهة وتجعلنا أقوى وعملية خفق النسران و صراخهما حول صغيرهما،الذى للتو يطير تعلمنا أننا بحاجة على الدوام ان نكون محاطين بوسط داعم و حافز تماماً كالوالدين و من نحب وأن نكون مدعمين للآخرين.
8.تطير النسور عادة لوحدها،وعلى ارتفاعات عالية للغاية،ولا تختلط مع الطيور الأخرى كالغربان أ و العصافير،لا طير آخر يحلق كما يحلق النسر.النسور تحلق فقط مع النسور لا غير.
انتق من يصاحبك فى حياتك ابتعد عن الأشخاص التى تجذبك لأسفل،وصاحب ورافق هؤلاء الذين لهم طموحات عالية
9.يُعمِّر النسر لـ 70 عاماً لكن الوصول لهذا السن يعتمد على اتخاذ قرار خطير للغاية فى حياته
فحينما يصل لسن الأربعين تقوى و تصلب مخالبه و تطول،ويصبح جناحاه ثقيلان بسبب ريشه الكثيف الذى يلتصق بصدره مما يجعله غير قادراً على الطيران! فماذا يفعل النسر حينها ؟ شىء عجيب يحدث
يغادر النسر في مهمة صعبة جدا، و لديه فقط خياران! إمّا أن يموت أو يستمر فى عملية تغيير شاقة تستغرق 150 يوماً وتتطلب تلك العملية أن يستقر على قمة جبل ماكثاً فى عشه! وهناك يبدأ بنقر الصخرة بشدة بمنقاره،وكذا بطرق الصخرة بمخالبه! وحينما ينتهى من ذلك،يمكث حتى تنمو له مخالب ومنقار جديد،و فى أثناء هذا يبدأ فى نتف الريش القديم الواهن حتى ينتهى منه تماماً و يبدو عاريا كالفرخ الصغير المولود الآن يا لها من عملية شاقة بحق! وبعد مضى خمسة أشهر من هذه العملية الشاقة و المجهدة و الصبورة ، يطير النسر مجدداً خارجاً من هذه المحنة أقوى و أكثر قوة ليعيش بعدها 30 عاماً.
من حين لآخر نحتاج أن نراجع عاداتنا و قناعاتنا وكل ذلك فى عزلة قصيرة هادئة لنتجدد، و ولنتخلى بعد ذلك عما نراه غير لائق منها.لنعيش الحياة بقوة متجددة.
المستقلون والذين يريدون أن يعيشواحياة نابضة بالحيوية والإنجاز،هم مَنْ يقدمون على عمل شجاع مثل هذا! فمن لايتجدد يتبدد ...ولتتجدد مثل النسر حياتنا...
ولدروسنا من التنمية البشرية بقية...