ربما حان الوقت لأعترف أمام نفسى أولاً أننى أسافر كثيراً، ربما أكثر من اللازم وأكثر مما يحتاجه عملى، على الرغم من خلافاتى مع زوجتى التى تتهمنى باختلاق الحجج من أجل السفر بلا داع فى كل مرة!
نعم أنا أعشق السفر، لا أعنى أننى أعشق زيارة الأماكن الجميلة على سطح هذا الكوكب، أو حتى التعرف على الثقافات المختلفة، فمن الذى لا يفعل، ولكننى أعنى شيئاً مختلفاً!
إننى أعشق السفر نفسه، أعشق ذلك الهيكل الحديدى الذى يربض فى ساحات المطارات، والذى يحلق فى الهواء بنظرية فيزيائية لم أتمكن من استيعابها قط! أعشق ذلك الصوت الذى يهتف بالمسافرين فى الإذاعة الداخلية للمطار، أعشق الكتب التى أحضرها فى كل مرة لتكون رفيقتى أثناء الرحلة، والتى لا أقرأ منها شيئاً! أعشق الفعل نفسه، وليس نتائجه!
والواقع أن أسفارى المتعددة قد منحتنى خبرات لا بأس بها فى مجالات مختلفة، يقولون إن للسفر سبع فوائد، ولكننى أعرف جيداً أنهم أكثر بكثير!
إحدى هذه الخبرات هى خبرتى بشركات الطيران المختلفة، ومدى كفاءة كل منها ومستوى الخدمات التى تقدمها، فقد حالفنى الحظ وسافرت مع معظم شركات الطيران العالمية الشهيرة، وهنا ينبغى على أن أقر باعتراف آخر ربما تتعجب منه عزيزى القارئ، فأنا أحب السفر كثيراً مع «مصر للطيران»!! سأجد من يستنكر ما أقول، وربما ألمح تلك الابتسامة الساخرة التى تعنى الكثير على شفاه البعض، ولكننى لن أتراجع فيما قلته، فأنا أحب السفر مع تلك الشركة، أحب تلك الابتسامة الحميمية التى أراها على وجه مضيفيها، أحب مهارة طياريها التى هى أفضل بكثير من معظم الطيارين من الجنسيات الأخرى، والتى تجعلنى مطمئناً حين أسمع اسم الطيار فى بداية الرحلة لأعرف أنه مصرى، إنها الحقيقة التى يعرفها كل من سافر على خطوط طيران مختلفة، باختصار أستطيع أن أؤكد أننا نمتلك شركة طيران لا تقل فى جودة أدائها عن أعرق شركات الطيران العالمية، وأكثرها شهرة!
لقد تعرضت تلك الشركة العريقة لهزات عنيفة منذ بداية هذا العام تقريباً، بدءاً من سقوط الطائرة الروسية إلى اختطاف طائرة برج العرب، ومروراً بإضراب طياريها وحتى سقوط الطائرة الفرنسية، لن أتطرق إلى سبب الحادث الأخير، فالتحقيق سيكشف لنا ماذا حدث بعد أيام أو شهور، ولو أننى لا أستبعد أنه عمل إرهابى فعلاً، فملابسات الحادث وتوقيت السقوط يشى بأن المقصود كان انفجارها داخل المجال الجوى المصرى، أو ربما على أرض مطار القاهرة! لولا تأخر إقلاع الطائرة ثلاثين دقيقة! إنها أزمات عنيفة، زاد منها ما سبقها من أزمة فى قطاع السياحة فى مصر، التى أدت لانخفاض عدد المسافرين عليها، أزمات كفيلة بتدمير شركات أكثر عراقة وأكبر حجماً من تلك الشركة الوطنية، ولكنى أريد أن أؤكد أن الأزمات فى قطاع الطيران لا تنتهى فى العالم كله، فلسنا أول من يعانى منها، فبعد أحداث ١١سبتمبر ٢٠٠١، شهد قطاع النقل الجوى الأمريكى أزمة تمثلت بالأساس فى تناقص عدد المسافرين، تفاقمت هذه الأزمة فى ٢٠٠٣ حتى وجدت عدة شركات طيران أمريكية نفسها فى مآزق مالية وأدخلت نفسها فى برامج خفض المصاريف من تسريح وتخفيض للأجور، يكفى أن أقول إن «مصر للطيران» لم تفعلها حتى الآن، وهو ما يجعلها تثبت أنها أكثر ثباتاً مما نظن!
بقى أن أحكى أن صديقاً مصرياً سيعود إلى مصر بعد أيام أخبرنى أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من شركة مصر للطيران يسأله إن كان ما زال يفضل السفر على متن طائرتها التى قام بالحجز عليها قبل الحادث أم لا، ويخبره أن الشركة مستعدة لرد ثمن التذكرة بالكامل إن كان يرغب، لقد رفض صديقى ولكنه سأل المتحدث إن كان هناك من فعلها وألغى حجزه، فكان الرد أن الذى فعل عدد قليل للغاية، وهو ما أثلج صدرى! أعتقد أن دعم تلك الشركة العريقة هذه الأيام هو واجب وطنى، وإعادة الثقة إليها أمام العالم كله لن يحدث إلا إذا تكاتف الجميع معها، وأعتقد أيضاً أنها ستتمكن من تجاوز كل تلك الأزمات سريعاً، وستعود قوية ثابتة، وسأستمر فى السفر معها، وربما فى اختلاق الحجج أمام زوجتى.
#أدعم_مصر_للطيران
نقلا عن الوطن