هذه ليست المرة الأولي- وقطعا لن تكون الأخيرة – التي أرصد بكل ضيق وقلق انزلاق منابر إعلامية لها وزنها في تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام بشكل يتواءم مع مواقع التواصل الاجتماعي !! … وأنا هنا أشير إلي تغطية فضائيات عالمية مثل بي . بي .سي البريطانية و سي.إن.إن الأمريكية للحادث المأساوي لسقوط وتحطم طائرة مصر للطيران القادمة من باريس الأسبوع الماضي.
الحادث مؤلم ومروع بكل المقاييس,أن تختفي طائرة فجأة من شاشات الرادار وينقطع الاتصال بها تماما دون صدور أية استغاثة من قائدها , فتهرع جميع وسائل البحث والإنقاذ في سباق مع الزمن لمحاولة كشف سر ما حدث ورصد موقع الطائرة المختفية حيث كل الاحتمالات واردة في العثور عليها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ركابها وأفراد طاقمها … وتظل الآمال معلقة بين سيناريوهات عديدة إلي أن تنجلي الحقيقة, وهي في حالتنا حقيقة مؤسفة مبكية تؤكد سقوط الطائرة وتحطمها وفقدان كل من كان علي متنها دون وجود أي أحياء.
هذا هو الخبر المؤكد الذي عرفناه عرفه العالم معنا بعد أقل من 24 ساعة منذ إذاعة أنباء اختفاء الطائرة .. أما ماذا حدث للطائرة وكيف هوت من الارتفاع الذي كانت تحلق فيه فهذا سؤال لا تتأتي الإجابة عليه فور التأكد من سقوطها , ويلزم التأني والتروي انتظارا لما تكشفه جهود انتشال أجزاء الحطام وتحديد طبيعتها ومدي انتشارها علاوة علي حتمية العثور علي الصندوقين الأسودين الخاصين بالطائرة واللذين يسجل أحدهما كيفية عمل كافة أنظمتها خلال الرحلة بينما يسجل الآخر أداء طاقمها وكل ما دار بين أفراده أو بينه وبين محطات المراقبة الجوية والرادار عبر مسار الرحلة.
لكن يبدو أن معايير المصداقية والتدقيق والتروي التي تفرضها درجات المهنية المحترمة عموما في التغطيات الإخبارية وتحتمها خصوصا في حالات الكوارث الصادمة باتت محل مرونة وتساهل لدي المنابر الإعلامية , وحلت محلها معايير أخري مثل ازدواجية المعايير والغمر واللمز والتلويح واجتهاد مقدمي نشرات الأخبار في الدفع بسيناريوهات سابقة لأوانها تفضح شهية متأججة للتعريض بطرف علي حساب طرف آخر .. والمؤسف أن الضحية هنا تكون المشاهد الذي ييعول علي ثقته في دقة ومصداقية فضائية بعينها فتكون النتيجة تزييف وعيه وتضليله.
حذرت القراء في مقال سابق من مواقع التواصل الاجتماعي وإسهامها المدبر في ترويج الشائعات والمعلومات المغلوطة . لكن ما بالنا ونحن نري ونسمع فضائيتي بي. بي. سي و سي.إن.إن تفعلان نفس الشيء بشكل يدل علي افتقار المهنية وانعدام المسئولية وتدني الاحترام في تغطيتها لحادث الطائرة المصرية ؟!!!…. فلا يخفي علي المشاهد اندفاعها المتربص بما تكشف من حقائق في التعقيب بالإيحاء بأسباب سقوط الطائرة والتلويح بسيناريوهات تحت زعم التحليل تقدم فرضيات كارثية والغمر واللمز بربط الحادث الأخير بحوادث سابقة دون أي دليل ودون ارتباط موضوعي في مسلك يفضح الرغبة المكبوتة للتشهير بمصر والإساءة إليها!!!… هذا علاوة علي التركيز علي إسناد السلبيات إلي مصر دون باقي أطراف الحادث مثل فرنسا التي أقلعت الطائرة من مطار عاصمتها باريس ومثل الشركة المصنعة لطراز الطائرة -إيرباص إيه320 – والمسئولة عن أي خلل فني يمكن أن يحدث.
اذدواج المعايير فاضح وصادم عند المقارنة بحوادث مماثلة لسقوط طائرات تابعة لدول أخري مثل فرنسا أو المانيا أو سويسرا أو حتي ماليزيا والصين في السنوات الأخيرة حيث تابع الجميع الأحداث طبقا لما تكشف عنها وانتظروا الكشف عن ملابساتها وأسبابها حتي إن اقتضي ذلك شهورا طويلة قبل العثور علي الصناديق السوداء وفك شفرتها وتحليلها .. كان ذلك مفهوما وطبيعيا في جميع تلك الحالات , أما في حالة مصر فالشهية مفتوحة لاستدعاء سقوط الطائرة الروسية بعد إقلاعها من شرم الشيخ (!!) واستدعاء خطف الطائرة المصرية إلي لارناكا بقبرص (!!) وحتي استدعاء سيناريو انتحار الطيار تذكيرا بسقوط الطائرة المصرية القادمة من الولايات المتحدة منذ نحو خمسة عشر عاما (!!) .. كانت الأصوات خافتة جدا ويغلفها التردد والحياء إذا تناولت فرضية التقصير الأمني في مطار شارل ديجول في باريس أو إذا تناولت فرضية الخلل الفني في الطائرة,بينما كانت زاعقة منطلقة بلا حياء عند تناولها مسئولية مصر وشركة طيرانها وطياريها عن الحادث المؤلم.
إن ما حدث من بي.بي.سي ومن سي.إن.إن كان انزلاقا مهنيا يفتقر إلي الحرفية والمصداقية والاحترام , كما كان جارحا لكل مصري شعر بالنوايا مبيتة للتعريض بمصر والإساءة إليها .. صحيح أنها ليست المرة الأولي,ولن تكون مصري شعر بالنوايا المرة الأخيرة .. لكن جاء الوقت لتحذير المصريين من هاتين الفضائيتين وما تبثانه من معلومات مغلوطة مندفعة مغرضة.
—
لا تقللوا من فداحة مصيبة قرية الكرم
* بعد أن قالت سيدة أبوقرقاص: عروني زي ما ولدتني أمي وتلات رجالة ضربوني!!!
* وبعد أن قال محافظ المنيا: قضية السيدة التي جردت من ملابسها في المنيا موضوع بسيط.. وبلاش نكبره!!!
* وبعد أن قال مجدي سعداوي النائب البرلماني: نسعي للمصالحة بين الطرفين!!!
*** أقول لمحمد الدسوقي مقدم برنامج قصر الكلام علي قناة النهار الذي لخص المأساة بقوله: لو في إيدي قرار كنت كتبت علي قرية الكرم يا بلد مافيهاش راجل.. أقول له لا فض فوك.. نطقت بالحق.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع