استنكر عدد من الخبراء الاقتصاديين حالة تخاذل الحكومة فى مواجهه موجة غلاء الأسعار التى تسببت فى حالة الغضب العارم الذى انتابت الشارع المصرى خلال الفترة القليلة الماضية، وحاولوا وضع خطط استراتيجية لحل الأزمة ووضع روشتة إرشادية لمواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة لتخفيف العبء على المواطنين.
وأكد خبراء أن الحكومة تلعب دوراً سلبياً وتكتفى بالتصريحات المسكنة التى لا تثمن ولا تغنى من جوع، كما أوضح أحدهم أن وزير التموين خاصة لن يقوم بأى دور إيجابى يضر بمصلحة التجار والغرف التجارية نظراً لأنه جاء وزيراً بترشيح من جانب هؤلاء ولابد أن يسدد فاتورة جلوسه على كرسى الوزارة.
وطالب خبراء بضرورة الإسراع بتعديل مجموعة قوانين اقتصادية لحل الأزمة وعدم الاعتماد على الحلول المسكنة كنوافذ التوزيع وسيارات الجيش، لأنها تندرج تحت بند «موائد الرحمن» فلا يليق أن نفكر في الحلول الصغرى ونحن نمتلك حلولاً كبرى، ودعا اقتصاديون إلى ضرورة الحد من الاحتكار فى السوق المصرى.
ومن جانبه أكد الدكتور رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية رشاد عبده أن الحكومة لها دور قوى فى حل الأزمة من خلال خلق سوق منافس لمواجهة جشع التجار وهنا يأتى دور الشركة القابضة للمواد الغذائية التى تتبع الحكومة، وقال «عبده»: إن وزير التموين الحالى ليس وزيراً للمصريين وإنما جاء كوزير للتجار فلا ننسى عمله كمستشار لاتحاد الغرف التجارية وهذه الغرف هى من قامت بترشيحه للمنصب وبالتالى لابد أن يحمى من أتوا به وليس المستهلكين، وأشار إلي أنه حين قام بعمل «نقاط الخبز» لم يهدف حينها لصالح المواطن وإنما لإنعاش سوق التجار وتشغيلهم.
«وعلى وزارة التموين التعاقد بشكل مباشر مع الفلاحين لتوفير دور الوسطاء الذى يمثل أسوأ ما يمكن أن يفعل، فالحكومة عامة والوزير خاصة يهمه الشو الإعلامى أكتر من العمل» وهذا بحسب عبده الذى أضاف أن ارتفاع سعر الدولار كان سبباً رئيسياً أيضا فى الأزمة لفقد قيمة الجنيه، إضافة إلى الجشع الموجود لدى التجار، ودعا الحكومة إلى الاجتماع مع اتحاد الغرف التجارية لإجبارهم على تخفيض هامش الربح بحيث لا تزيد عليه وتضر بالمواطن قائلا: «لكن الحكومة لن تفعل ذلك، حيث أيديها المرتعشة وإحساسها الدائم أنها أضعف كثيراً من كافة المؤسسات الأخرى من نقابات وغرف تجارية فتبتعد عن المواجهة خوفا من الانكسار».
واتفق المستشار الاقتصادى أحمد خزيم مع الرأى السابق مضيفاً «دور الحكومة فى أى دولة يسمى بدور الدولة الحارسة بمعنى أننا بحاجة إلى تغيير سياستنا والاتجاه إلى جعل مصر سوق حرة، ولابد من وضع قوانين ضابطه للاقتصاد»، وأضاف: «فقد وضعت قوانين الفترة الماضية نعانى منها حالياً وتسبب فى كارثة الأسعار الحالية مثل المنافسة الاحتكارية فالأسعار لا ترتبط بتصريحات الوزراء لأنها مسكنات فى النهاية، فضلاً عن المشكلة الناتجة عن تعويم العملة، والعجز بالواردات المصرية التى وصل إلى 50 مليار دولار، وفقدان بعض الدخول الخاصة من بينها قناة السويس والسياحة مما أدى إلى ارتفاع الدين العام وخنق الاقتصاد وخلق عجز فى الموازنة العامة للدولة، كما فقد الجنيه لـ20% من قيمته الشرائية.
«حتى نتحدث عن المعالجة هناك علاج على المدى القريب وآخر للمدى البعيد فيجب أن يقوم مجلس الشعب بعمل 8 قوانين عاجلة لإشعار المواطن أن الحكومة ومجلس النواب يسعان إلى إرضائهم، أولها قانون العمل لضبط تأمين علاقة العامل بالمستثمر، وتعديل قانون المنافسة الاحتكارية بسبب ما سببته سياسة الخصخصة، وقانون هامش الربح يكون 25% فقط وأكثر من ذلك يغرم صاحبه، وقانون حق الانتفاع لتشغيل المصانع المتوفقة لأن أزمة مصر تعود لتوقف الناتج القومى المحلى فلابد من زيادة الإنتاج المحلى، إضافة إلى أن هناك خطة لابد من وضعها لاستغلال نحو 92% من أراضى مصر الفارغة كاستغلالها صناعياً أو زراعياً، واستغلال العنصر البشر الذى يمتلك قوة يجب ألا تهدر.
وكشف «خزيم» عن أن مصر تقوم بتصدير المواد الخام لا المصنعة وهذا يعود إلى أن من يتخذ هذا القرار يمتلك «دماغ وتفكير خام» لا يستطيع تقديم حلول، وأضاف أن العملة المنهارة فاقمت من الأزمة وأدت لضياع قيمة الجنية، وأضاف: «الحكومة تعمل برجل واحدة وليس برجلين ثابتتين فلا يعلم أى منهم أن الجنيه فكر وإدارة وليس مجرد ورق يطبع أو عملة تسك».
وانتقد «خزيم» معالجة الاقتصاد بعشوائية قائلا: «الأسعار لا تعالج بعربيات بها لحوم ودواجن ونوافذ توزيع لأن ذلك يسمى موائد رحمن ولكن يجب أن تدخل المجموعة الاقتصادية لتحقيق التوازن المطلوب فى السوق المصرى وسرعة ضبطه لتخفيف العبء عن المواطن محدود الدخل».
وأضاف الدكتور إيهاب الدسوقى رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية أن الحل الصحيح لمواجهه ارتفاع الاسعار هو زيادة الإنتاج، كما اقترح محاولة الاتجاه لاستراتيجية الاحلال فى السوق المصرى، إضافة إلى القضاء على الاحتكار المنتشر بالسوق.
«أما فكرة مراقبة الحكومة للأسعار مجرد كلام بلا معنى لأن القانون لا يتيح ذلك لها طبقاً لقانون الاستثمار فلا تستطيع وضع تسعيرة جبرية للتجار» وهذا بحسب الدسوقى.