الفتوى غير البيان. والبيانُ ليس كالفتوى. أخيرًا أصدرت دار الإفتاء المصرية «فتوى» بتحريم ختان الإناث. متى؟ بعد مقتل صبيّة مؤخرًا فى السويس إثر عملية ختان مجرّمة. كانت دار الإفتاء قد أصدرت «بيانًا» عام ٢٠٠٦ يذهب إلى أن الختان عادة وليس من الشعائر الدينية. لكن ملايين البنات قد خضعن لهذه العملية الوحشية منذ البيان وحتى اليوم، لأن البيان غير الفتوى! فهل تُبطِل الفتوى الشرعية ذلك القتل الجسدى والمعنوى الذى يُمارس على الطفلات والصبايا قسرًا على يد آباء وأمهات وأطباء مرتزقة متوحشين؟ نرجو ذلك.
قالت دار الإفتاء إن البعض يستند على حديث ضعيف جدًّا لم يرد به سند صحيح فى السنة النبوية. ليتها أعلنت هذا منذ عقود طوال، قبل أن تُدمر حياة ملايين الأسر على يد متأسلمين يتقنون «فقه النكد» كما وصفهم الشهيد «فرج فودة»، المفكر الإسلامى الكبير.
يؤكد المـتأسلمون يومًا بعد يوم هوسَهم المَرضىّ بالمرأة وشؤونها، فيزجّون أنوفهم فى أدقّ شؤونها، حتى بات الأمرُ مهزلةً تُضحِكُ علينا العالمَ وتُبكى السماء! و«المتأسلم» غير «المسلم». المتأسلم هو مَن يزعم أنه أكثر إسلامًا من سواه، وأعمق صِلةً بالله، جلّ وعلا، فيُعطى نفسَه الحقَّ فى قمع الناس وإرهابهم بكارت الدين. أما المسلم فهو أنتَ وأنا وسوانا ممن اختار الإسلامَ وسَلِم الناسُ من لسانِه ويده. المسلم مشغولٌ بعلاقته بالله، والمتأسلم مشغول بعلاقة «سواه» بالله! والنتيجة: خراب العلاقتين معًا.
أيام حكم الإخوان التعس، أطلق حزب «الحرية والعدالة» قافلةً تجوب محافظات مصر تبشّر بنات مصر بالختان المجانى! استغلّوا بساطة أمّهات لا يقرأن ولا يكتبن فسمحن بأن يُسلّمن طفلاتهن لمشرط جائر يبتر أجسادهن ويشوّه أرواحهن ويُراكِم العُقد النفسية فى ذاكراتهن؟! لماذا لا يترك المتأسلمون أولئك الطفلات يلعبن بدُميهن ويرقبن براءتهن تنمو مع أعمارهن الغضّة دون أن يدنسوا طفولتهن بفكرهم الشهوانىّ الخَشِن الذى لا يرى فى الفتاة إلا بئر استمتاع للرجل؟! لماذا ينسحب هوسهم بالمرأة على طفلاتنا فيقضون على مستقبلهن بعملية جرّمتها قوانينُ العالم أجمع، بما فى ذلك القانون المصرى؟ ألم يسمعوا سقراط يقول: «عندما تُثقِّفُ رجلاً، تكون قد ثقفت فردًا واحدًا، وحين تثقِّفُ امرأة، فإنما تثقفُ عائلة بأكملها»؟.
أيام الإخوان أعلنت نائبةٌ اسمها «أم أيمن» أن ختان البنات «سترةٌ وعفاف»!! سترة من أى شىء يا سيدتى؟! السَّتر لا يكون إلا لفضيحة، يتستر عليها الناسُ؛ فهل الطفلةُ فضيحة؟! وأما العفاف، فسلوكٌ ووعى واختيار وترفّعٌ وكبرياءٌ وحُسن تربية وميثاقٌ غليظ مع الله. فما علاقة كلّ ما سبق بقطعة من جسد الإنسان؟! الفضيلةُ محلُّها العقلُ، والعقلُ فى الدماغ، وليس فى مكان آخر! هذا موروث مرشدهم الأول «حسن البنا» الذى يرى المرأةَ كائنًا لا أهليةَ له ولا كرامة! كتب فى مجلة «الإخوان المسلمون» عام 1944: «خيرٌ للزوجة أن تستمتع بربع رجل أو ثُلثه أو نصفه من أن تستمتع زوجةٌ واحدةٌ برجل كامل، وإلى جانبها واحدةٌ أو اثنتان أو ثلاثٌ لا يجدن شيئًا». الزواج فى فكر الإخوان قضية «استمتاع»، وليس شراكةً وصداقةً وبناءً وعُروةً وثقى! ياللفزع!! هل تعلم النائبةُ العزيزةُ أن حسن البنّا لو كان حيًّا ما دخلت البرلمان؟! كتب بالمجلة ذاتها عام 1947: «إن منْح المرأة حقَّ الانتخاب ثورةٌ على الإسلام وعلى الإنسانية!» الانتخاب وحسب، ما بالك بالترشّح؟! فإن كنتِ تتّبعين مرشدك الأول كما يليق بإخوانية، فكان عليك أن تتركى البرلمان وتلزمى بيتك، لكيلا تكونى ثورةً على الإسلام، وأن تتكرمى بتزويج زوجك بثلاثٍ أخريات، لو لم يكن قد فعلها بعد.
يدخل الختان فى خانة يسميها العالم المتحضر Child Abuse، أى «الإيذاء الجسدى للطفل»، وهى من جرائم الدرجة الأولى فى أمريكا ودول الغرب الكافر، الذى للأسف يحترم الطفولة ويُغلّظ عقوبة المساس بها؟ أيها المتأسلمون اتركوا أطفالنا لبراءتهم، فهم غدُ مصرَ.
نقلا عن المصري اليوم