بقلم : د. مينا ملاك عازر
يستوقفني إعلان شارح معقد، وأعتقد أن التعقيد هنا مسألة متعمدة ليوهمك بأنه يقول كلام مهم، لكنني حينما تأملته وجدته يحاول أن يضحك علينا، لهدف جيد بكلام غير معقول، ولا له علاقة ببعضه، والمصيبة أنه غير منطقي، وإن سلمنا بمنطقته نجد أنفسنا أمام اسئلة كثيرة لكن قبل الخوض فيها، دعني أقول لك عن الإعلان وفكرته.
تقوم فكرة الإعلان، أن يشرح لك المعلن علاقة كل حاجة ببعضها، وأننا نستخدم غاز طبيعي لإنتاج %91 من الكهرباء، وتوفيرنا في استخدامها يوفر الغاز الذي نستورد منه قرابة ال85 مليار جنيه بالعملة الصعبة، ويضع المعلن عدة أرقام كثيرة وأفكار متضاربة ومتلاطمة جوار بعضها البعض ليقنعك في الآخر بما لا داعي لإقناعك به، أنه من المطلوب أن توفر بالكهرباء والبنزين والسولار، لأن ذلك كله سيؤثر في الأسعار، فكلما وفرت كلما انخفضت الأسعار، وهذا غير صحيح، فالأرز المصري غير المستورد مرتفع السعر مع أننا لا نستورده بالدولار الذي يتأثر باستهلاكنا بالغاز والبنزين والسولار، وارتفاع الأرز لتخاذل الحكومة مع المضاربين والمحتكرين له، وارتفاع الدولار راجع لتخاذل البنك المركزي مع شركات الصرافة، وإغلاق عشرة آلاف مصنع لم يعودوا ينتجوا لقلة حجم التصدير وهذا لا يعود على البلاد بالعملة الصعبة، ولانعدام السياحة لتخاذل أمني أدى لتوقف حركة السياح الروس والإنجليز والإيطاليين.
لم يقل لي الإعلان الذي يختم المعلن كلماته العظيمة بوفر لنفسك، وماذا عن الإهدار؟ نعم إهدار خمسين مليار جنيه بسبب عدم تحصيلها من المتهربين من دفعها كمستحقات للكهرباء والغاز والمياه- كما قال سيادة الرئيس- لم يقل لي ماذا عن إهدار الدعم في دعم مصانع السيراميك والحديد والاسمنت وغيرها؟ وهي ترفع في أسعار منتجها حتى تخطت السعر العالمي لتلك المنتجات مع أنها تنتج محلياً ولا تحتك بالدولار، لم يقل لي ماذا عن إهدار الأموال في عشرات المسلسلات التليفزيونية في شهر واحد لخلق جو من التزاحم والتلاطم المسلسلي بأرقام فلكية من نجوم لا يمكن القول عن أجورهم إلا أنها أموال مهدرة لأنه لا يمكن أن يعود على الشركات المنتجة بعائد من تلك الأجور اللهم إلا إذا كان لديهم المعلن الذي يغطي تلك المصاريف الإنتاجية ما يعني أن لو وجد ذلك المعلن فهو يمكنه توفير أمواله التي يصرفها في الاعلانات وتزيد عن العادي في ذلك الموسم، ومن الأفضل أن يخفض أسعاره للناس، فالناس أولى، لم يقل لي الإعلان، ماذا عن الإهدار الشهري في رواتب مستشاري الوزراء الذي يظهر مع الوقت أن من بينهم فسدة.
صديقي القارئ، لعله إعلان مستفز، فنحن لا حاجة لنا أن نربط توفيرنا للطاقة مع ارتفاع الأسعار لكي نوفر في الطاقة، فتوفيرنا لها يعود علينا بالفائدة عندما ندفع مستحقات الطاقة، فنحن لسنا كهؤلاء المتهربين المحميين من الدولة والمدعومين منها بداعي أنهم يصنعون.
المختصر المفيد الرحمة من عندك يا رب.