بقلم - سليمان شفيق
كشف بيان عاجل مقدم من النائبة منى منير، إلى كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، عن فضيحة جديدة تتحملها الحكومة، بعد أن قام مجموعة من البلطجية في منيا القمح بمحافظة الشرقية بتجريد سيدة من ملابسها وضرب زوجها المشلول وضرب أولادها.
وأكدت النائبة أن هولاء البلطجية يحميهم سكرتير لنيابة مرور الزقازيق، حيث يرهب ويوهم الجميع بأنه يمتلك نفوذًا، وهو ما يستند إليه هؤلاء البلطجية في التمادي بارتكاب جرائمهم ضد أهالي القرية البسطاء الضعفاء الذين لا يملكون سندا، حيث يحاولون بسط نفوذهم وسيطرتهم على القرية.
المسافة بين الحادثين 500 كيلو متر وثلاثة اسابيع ، وفساد محليات واصحاب نفوذ فاسدين ، وانكار من مسئولي الامن والعمدة ورؤساء الاحياء والخ ، الاولي في قرية صعيدية والثانية قرية من الوجة البحري ، الاولي مسيحية والثانية مسلمة .. بمعني ان الانهيار الاخلاقي واهتزاز القيم لايتوقف علي دين ولا تركيبة اجتماعية واقتصادية او جغرافية، الفرق الوحيد ان الافاضل الكرام في بيت العائلة (لبوس اللحي) لم يذهبون لسيدة منيا القمح للمصالحة .. واللة اعلم ممكن يوفدوا الي هناك !!
من المهم التوقف أمام محاولة الاجابة علي سؤال: لماذا كل هذا التدهور الاخلاقي وبالتحديد الخروج علي القيم خاصة التي تحدث ضد المرأة ، بدء من اوائل جرائم الاغتصاب التي حدثت (فتاة المعادي ثم فتاة العتبة 1985)وصولا الي فتاة التحرير يونيو 2014، ثلاثين عاما ولم يتوقف الاغتصاب رغم تغليظ العقوبة الي الاعدام ، لان القانون الجنائي المصري كان سبّاقًا إلى إلغاء المواد 290-291 المتعلقة بالإعفاء من العقوبة إذا تزوج الجاني المعتدى عليها، منذ عام 1999. ولكن على الرغم من إلغاء هذه المواد، فما زالت تلك الأفعال تتم "كعرف" خوفاً من الفضيحة، إلّا أن "المادة 17 من قانون العقوبات المصري هي مشكلة حقيقية في شأن جرائم الاغتصاب، لأنّها تعطي القاضي سلطة استعمال الرأفة في أقصى درجاتها، إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة، ما يؤدي إلى عدم العدالة في الأحكام".
يعني أغتصب وتزوج ببلاش ، هل يعقل ذلك ؟ للاسف كان هذا بناء علي راي رجال الدين !!
واكثر من ذلك في جرائم الزنا يعفي الزاني بعد شهادتة علي الزانية ، كما يميز القانون ايضا بين الرجل والمرأة في شروط تحقق واقعة الزنا، فالمرأة المتزوجة تعاقب على فعل الزنا أياً كان مكان وقوعه (في منزل الزوجية أو خارجه)، لكن القانون لم يعترف بذلك للزوج، “فإذا زنا في غير منزل الزوجية، فلا تتحقق بالنسبة له جريمة الزنا، إلا إذا كان قد زنا بامرأة متزوجة، أما إذا ارتكب الزنا في خارج منزل الزوجية مع امرأة غير متزوجة، فلا تقوم في حق أي منهما جريمة الزنا”.
حتي وصلنا للتحرش الجنسي كجزء من العنف ضد المرأة، تجرمه كثير من التشريعات الأجنبية سواء كان لفظياً أو بدنياً بنصوص صريحة وعقوبات رادعة. وتنتشر ظاهرة التحرش الجنسي في مصر على نحو يدعو إلى القلق، ولا تفلح نصوص القانون في ردع من يمارسون هذا السلوك، بل إن رجال الدين يجتهدون في إيجاد مبررات لشيوع هذه الظاهرة من سلوك الفتاة أو ملبسها أو مظهرها العام. رغم ان التحرش لا يستثنى أحداً، فالفتاة المحجبة مثل المنتقبة، والصغيرة مثل الكبيرة، والمتزوجة مثل غير المتزوجة، والمصرية مثل الأجنبية، والمسلمة مثل غير المسلمة. وحتى إذا سلمنا بأن مظهر الفتاة في بعض الأحيان لا يكون مناسباً، فعلاج ذلك لا يكون عن طريق التحرش بها، فالقول بذلك يحول التحرش من سلوك غير اجتماعي مجرم إلى عقوبة يطبقها المتحرش دون سند من القانون.
ولا يوجد نص في القانون المصري صراحة تعبير التحرش الجنسي، لكن توجد عدة نصوص في قانون العقوبات المصري يمكن أن تطال بالعقاب أغلب صور التحرش.
وصولا الي ماحدث في الكرم ومنيا القمح (عقاب المرأة بتعريتها وتجريسها)
وفي كل الاحوال يبرر بعض رجال تلك الافعال من خلال تأؤيلات ذكورية تارة او زواج المغتصب من المغتصبة ، واعطاء الرجل رخصة للزنا علي حساب المرأة او تبرير التحرش عبر ادانة ملابس النساء ، وصولا لانكار تعرية النساء من العمدة وحتي المحافظ والاسوء هو محاولات بعض رجال الدين الدعوة للمصالحة (أسم الدلع للحلول العرفية) والغريب ان يغضب أصحاب الفضيلة او القداسة الموقرين من نيافة الانبا مكاريوس لانة طالب بتطبيق القانون في رمزية عدم قبولة مهمتهم لا شخوصهم كشيوخ موقرين وكهنة افاضل !!
لعلنا نتفهم الان عدة ملاحظات :
اولا: الحاح الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني لم يأتي من فراغ.
ثانيا : من 1985 وحتي الان ثلاثين عاما من انتهاك للمراة (من الاغتصاب للتجريس مرورا بالتحرش) والقانون تميل كفة العدالة فية نحو الرجل ، ورجال الدين يلوون ويؤولون النصوص بشكل ذكوري ، وصولا لمحاولة طمس الجرائم عبر "المصالحات" !!
ثالثا : قد يري البعض ان العنف ظاهرة سائدة ولكن فاتهم ان العنف ضد المرأة يطور بلا عقاب رادع ، وكان الله في عون الرئيس السيسي الذي بح صوته مع كل هؤلاء ولا مجيب.