الأقباط متحدون - رمضان آهو جانا
أخر تحديث ١٧:٠٦ | الاربعاء ١٥ يونيو ٢٠١٦ | ٨بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٦٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

رمضان آهو جانا

رمضان آهو جانا
رمضان آهو جانا

بقلم: د. مينا ملاك عازر 

أقدم التهنئة متأخرة -عذراً في ذلك- للمصريين، وأخص بالذكر أحبائي المسلمين بحلول شهر رمضان الكريم، وقد بدأت بتوجيه تهنئة المصريين عموماً، وهذا يشمل الإخوة المسيحيين لأني في رأيي أن شهر رمضان لم يعد شهراً دينياً يخص أحبائنا المسلمين بينما هو في الحقيقة شهر يعم علينا بفيض من الخير والمحبة والمسلسلات.

أذكر أنني وأنا صغير كان بيتنا يفتح لاستضافة أصدقاء أبي المسلمين ليقام في رمضان مائدة نأكل فيها الخشاف الذي يأتي به أحد أصدقاء العائلة المسلمين، كنا نتحولق كلنا حول الإناء الذي يحوي الخشاف، وكانت الجلسة كلها تقوم على التندر وتبادل الضحكات والحكاوي والقصص والذكريات الحلوة، وكانت القلوب مفتوحة للكل عامرة بالمحبة صادقة في احتضانها للآخر.

رمضان ليس مناسبة يختص بها البعض دون عن الآخر، فكلنا في رمضان نأكل المأكولات التي يشتهر بها شهر رمضان من كنافة وقطايف وبسبوسة وغيرها من حلويات شرقية وخشاف إلخ إلخ... ولا نسمع أحد من رجال الدين المسيحي مثلاً يفتي بحرمانية أكل هذه المأكولات في هذا الشهر الكريم من باب أن أكلها يجعل المسيحيين يتأسوا بالمسلمين، الأمر أكبر من هذا، المحبة أعمق من هذا، التآخي أكثر قوة من هذا كله.

أذكر أني وأنا صغير في المدرسة كنت أتعمد ألا أكل أو أشرب شيء أمام أصدقائي المسلمين لألا أضايقهم، لم أكن محتاج لشرطة تقبض علي للإجهار بالإفطار أمام أخي المسلم، لم أكن لأحد يوجهني بذلك، كنت أفعله من وحي شخصي لكن أصدقائي المسلمين كانوا يرفضوا هذا عندما لاحظوه، ولما كنت أحاول المزاح معهم بعد مرور سنوات على صداقتنا اشتريت كيس لب وأخذت أكله أمامهم ولما شعرت بأن الأمر قد يكون تجاوز المزاح في  نظر البعض توقفت لمجرد شعوري وليس لقانون أو إفتاء أو معاملة قاسية من شرطة غاشمة.

المحبة التي بين المصريين ليست بحاجة لتفعيل قانون لتسود لكن  القانون يحتاج لتفعيله حقاً حينما يحدث تجاوز له، ولا تُفعل الجلسات العرفية التي تختفي حينما يجهر أحد بإفطاره مع أن الكل لا يحتاج إلا شيء من المحبة حتى يغض البصر عن تجاوزات الآخر مادامت تجاوزات لاتنتهك القانون، لاتحرق لا تقتل لا تسرق لا تؤذي لا تعري.

السؤال هنا، أين ذهبت الروح الرمضانية التي كنا نتحلى بها وتخلى عنها البعض منا؟ لماذا حل الحقد في قلوب البعض محل المحبة؟ لماذا الكره بات سيداً في  قلوب البعض وطرد التآخي؟ لماذا لا نتجمع ونتواصل؟ لماذا لا يشركنا الوطن في محبته ولا نتفرق ابداً.

 

المختصر المفيد كل سنة وأنتم طيبين.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter