الأقباط متحدون - الصراع الدولى فى شمال سوريا
أخر تحديث ٠٧:٤٤ | السبت ١٨ يونيو ٢٠١٦ | ١١بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٦٣ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الصراع الدولى فى شمال سوريا

د.جهاد عودة
د.جهاد عودة

في 12 أكتوبر 2015 تم الإعلان في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريا عن تشكيل جديد تحت اسم (قوات سوريا الديمقراطية)، وذلك بناء على طلب من الولايات المتحدة الأمريكية وبغرض محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وقالت الولايات المتحدة الأمريكية بعد يوم من إعلان هذا التشكيل، أنها ألقت أسلحة لهذه القوات التي تحارب تنظيم «الدولة» في شمال سوريا وأشادت بالمعارك التي تخوضها تلك القوات الكردية والعربية.

ويبدو أن الولايات المتحدة أرادت من خلال هذا الاسم العريض االديمقراطيةب أن تبين بأن هذه القوات تخدم المشروع «الديمقراطى»، وأنها بعيدة عن أى توجهات أيديولوجية، ومن جهة أخرى فإن وجود هذه القوات في إطار واحد وبتسمية عامة، قد يسهم في إبعاد الشبهة عن تنسيق الولايات المتحدة مع تنظيمات أصبحت أسماؤها مقترنة بالنظام السورى مثل قوات حزب العمال الكردستانى، وكان تعاون الولايات المتحدة في الفترة السابقة مصدر إزعاج واضح لتركيا، التى تخوض مع هذا التنظيم حرباً منذ ثلاثة عقود.

التشكيل الجديد المعروف بـ (قوات سوريا الديمقراطية)، يضم عملياً كل من الميليشيات التالية: قوات الحماية الشعبية YPG، وهي قوات كردية تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي PYD ــ الوجه السوري لحزب العمال الكردستاني ــ وهو المسئول عملياً عن قيادة باقي الميليشيات المرتبطة معه تحت المسمى «الديمقراطي» الجديد، ــ قوات حماية المرأة: وهي فرع من قوات الحماية الكردية، ولها المرجعية الإيديولوجية نفسها المتمثلة بحزب العمال الكردستاني، ــ قوات الصناديد: وهي ميليشيات عشائرية يقودها حميدي الدهام، شيخ عشيرة شمر، الذي تمت تسميته حاكماً للجزيرة ضمن مشروع الإدارة الذاتية «الوهمي» الذي تم الإعلان عنه برعاية النظام السوري نهاية عام 2013، ويقدر عدد عناصرها بنحو 500 شخص ينتمون لبعض عشائر المنطقة، ــ المجلس العسكري السرياني: ميليشيا سريانية نشأت في مدينة القامشلي برعاية النظام السوري في يناير 2012، تتبع لحزب الاتحاد السرياني القريب من العمال الكردستاني، انضمت للإدارة الذاتية التى أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني) وانضمت لوحدات الحماية الكردية YPG في عام 2013، ويقدر عدد مقاتليهم بنحو 70 شخصا، - غرفة عمليات الفرات: وهي تجمع يضم قوات الحماية الكردية مع فصيل من الرقة يقوده شخص يسمى أبو عيسى، تقول إنها قوات من الجيش الحر، وتوجه لها اتهامات بأنها تستغل اسم الجيش الحر لتغطي على ممارسات قوات الحماية الكردية، خاصة في مناطق تل أبيض، ويقدر عدد عناصر أبو عيسى بنحو 150 عنصراً، - تجمع ألوية الجزيرة: تجمع غامض غير معروف، يبدو أنه إطار يضم عناصر الدفاع الوطني والمغاوير التي أسسها النظام في محافظة الحسكة.

جميع تلك الميليشيات المتحالفة تقاتل جنباً إلى جنب مع قوات النظام كما حدث في معارك في الجزيرة السورية في مناطق تل براك والحسكة وقبلها تل حميس، ومعظم معاركها في شمال سوريا كانت مشتركة خلال العامين الماضيين. فالتحالف ليس جديداً بينها، وكلها كانت ضمن استراتيجية إضفاء شرعية على قوات ما يسمى «الإدارة الذاتية» لتصويرها على أنها مشكّلة من جميع مكونات منطقة الجزيرة وتضم عناصر غير كردية أيضاً.

الجديد في الأمر هو فقط التسمية العريضة ذات الإيحاء «الديمقراطي» والوطني المنسوب «لسوريا»، لكن حقيقة الأمر أن هذه الفصائل تخدم النظام، حتى لو كان شعارها محاربة «الدولة الإسلامية»، أو تشتبك معها فعلياً في بعض المناطق.

ويحمل اسم التشكيل الجديد دلالة سياسية، إذ أنه مكون من قوى علمانية تؤمن بالخيار الديمقراطي، وهو العنوان الذي ظلت الولايات المتحدة تبحث عنه طيلة سنوات الأزمة السورية في صفوف المعارضة المسلحة دون أن تجده.

والخطة الأمريكية تهدف إلى الاستيلاء على أجزاء واسعة من الرقة لعزلها عن خطوط الإمداد، لكن دون تسليمها للأكراد وحدهم خشية من غضب تركيا، وجاء التشكيل العسكري الجديد «قوات سوريا الديمقراطية» لتحقيق الأهداف الأمريكية والتركية والكردية والسورية المعارضة، حيث يضم التشكيل الجديد أكثر من 10 مجموعات عربية منضوية تحت اسم «التحالف العربي السوري» الذي تلقى دعما وتدريبا أمريكيا.

يعتبر التشكيل العسكري الجديد فرصة كبيرة للولايات المتحدة لتشكيل نواة قوة عسكرية قادرة على تمييز نفسها عن القوة الأخرى الموجودة على الأرض، وتحقق أهدافا عدة: ـ إزالة حالة الشك والريبة بين المكونات الإثنية في الشمال السوري، إذ يشكل الكيان الجديد خليطاً إثنيا واسعاً، وتحقيق حالة من التوازن بين الأكراد والأتراك الأعداء اللدودين، فوجود وحدات الحماية الشعبية الكردية ضمن التشكيل الجديد، يمنح الأكراد ثقة قد تجعلهم يميزون أنفسهم عن قوات الحكومة السورية، كما أن وجود قوات وعشائر عربية في التشكيل العسكري، يطمئن أنقرة من أن المنطقة الشمالية من سوريا لن تكون ذات سيطرة كردية خالصة، وإلغاء فكرة الاعتماد على فصائل إسلامية حاولت بعض الأطراف الإقليمية دعمها وتسويقها على أنها قوة معتدلة، مثل حركة «أحرار الشام» التي لا تزال واشنطن تنظر إليها بعين الريبة بسبب علاقتها مع «جبهة النصرة» فرع تنظيم القاعدة في سوريا، ومن شأن السيطرة على الرقة إزالة فكرة إقامة المنطقة الآمنة التي تضغط أنقرة على إنشائها، وهنا تتوافق الأهداف الأمريكية والروسية معا.

ومع ذلك تشكل القوة الجديدة امتحاناً للولايات المتحدة، بعد فشل برنامج التدريب الأمريكي، ووقوع أسلحة أمريكية بيد «جبهة النصرة».
نقلا عن الاهرام


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع