د. مينا ملاك عازر
بعد مرور ثلاث سنوات من اندلاع ثورة الثلاثين من يونيو، نستطيع القول أن مصر قد اجتازت فترة عصيبة من تاريخها، بيد أن ذللك القول لا يعفينا ولا يعطينا الحق من أن نواجه أنفسنا ببعض المسائل التي يجب مواجهتها حتى نتحرر.
نبدأ بالصعيد الاقتصادي، في هذا الصعيد ينهار الجنيه أمام متغيرات السوق العالمية في ظل ترنح الصناعة المحلية، وتوقف أكثر من عشرة آلاف مصنع دون أدنى محاولة من الدولة لتقنين أوضاع تلك المصانع لإعادة عجلتها للدوران وكأننا نقبل بهذا ونريده، هذا يجري وسط مناداة الأكثيرين بتحمل الدولة مسؤوليتها حيال تلك المصانع المغلقة والبطالة المتسبب فيها عطب هذه المصانع، مع انهيار الجنيه أمام الدولار، نستطيع القول أن البنك المركزي رغم قيامه بكل المحاولات الممكنة وغير الممكنة للتصدي لهذه الانهيارات المتتابعة إلا أنه فشل في مكافحة سوق الصرافة التي يسيطر عليها الإخوان، وهذا إما لضعف من البنك المركزي المصري أو لضعف وقلة حيلة القانون الذي يجب تعديلهلمكافحة ممارسات الإخوان وغيرهم في هذا المجال، ناهيك عن أنه يحتمل أن يجتمع الاحتمالين السابقين في ما يشكلان احتمال ثالث يتضافر فيه ضعف القانون وضعف البنك المركزي أمام ابتلاع الإخوان لتحويلات المصريين بالخارج المرسلة للبلاد.
تستطيع أيضاً من السياق الاقتصادي المتدهور والارتفاعالمتزايد للأسعار الذي لا يداويه أي ارتفاع مقابل للرواتب والمعاشات ما يعبر عن ضعف مرعب للحكومة الحالية والحكومات السابقة لضبط الأسواق وإنفاذ القانون ووضع ولو تسعيرة إرشادية للتجار والتعامل مع الممارسات الاحتكارية الواضحة من تجار الأرز مثلاً الذين ضاعفوا سعر الأرز المصري لثلاث مرات في وسط صمت بل دعم حكومي مؤسف.
وسط هذا التردي الاقتصادي المؤلم، نرى ثلاث نقاط هي الانتهاء من شق المجرى الملاحي الموازي لقناة السويس في غضون عام، والعمل في مشاريع شرق التفريعة وتنمية محور قناة السويس بمشاريع مدعمة للسفن المارة لجعل هذه المنطقة كسنغافورة وفي هذا المشروع رغم فوائده الجامة إلا أنه ولسوء حظ ولاندفاع القيادة نحوه لم يتوقع أحد انهيار أسعار البترول بالشكل الذي هو عليه الآن ما أسفر عن إحجام السفن عن المرور من القناة هروباً من المقابل المادي الذي لو قُرِن بما ستكلفه السفن فيما لو مرت من رأس الرجاء الصالح ستميل الكفة للمرور من رأس الرجاء الصالح ما اسفر عن قلة الدخل المعتاد من القناة وتزداد الأمور سوءاً بمشروع العاصمة الإدارية الجديدة تلك العاصمة التي ستكلف الدولة الكثير من المال والدولارات والعائد منها لا نعلم متى سيأتي؟ وهل سيأتي أم لا؟ أما مشروع الضبعة النووي رغم أهميته البالغة فتكلفته تزعجني وخطورته على البشر والحياة تقلقني خاصةً مع وجود البديل الأقل تكلفة والأكثر أماناً بعيداً عن دعاية الستينات الإعلامية الخيبانة.
رغم ما تقدم إلا أنني لا أستطيع القول بأن الصورة قاتمة، ولذا فانتظروني المقال القادم لعلنا نفصح عن بعض الأضواء في الصورة.
المختصر المفيد كل عام ومصر ثائرة وعقبال شعبها.