سامح جميل
مرحلة الحملة الفرنسية يعتبرها المؤرخون الحد الفاصل بين مفاهيم العصور الوسطى والعصر الحديث،والتى كانت بمثابة صدمة حضارية لمصر، بعد ان أجتر عليها التاريخ وتحولت من مركز للخلافة وسلطنة قوية ،الى مجرد وﻻية تابعة للباب العالى ،فى اسطنبول ،خلال الحكم العثمانى فى تلك الفترة التى كانت الدولة العثمانية تعانى من الشيخوخة بعد ثلاثة قرون من حكم العالم اﻻسلامى ،مماشجع رجال فرنسا على محاولة انتزاع مصر من ايديها ﻻسباب تتعلق باحلام نابليون بونابرت وصراعه مع اﻻنجليز،وحمل اﻻسطول الفرنسى
النور والنار حمل المطبعة الى جوار المدفع ،والعلماء بجوار المقاتلين ،وافكار التنوير مع خطط الحرب واحلام التوسع والهيمنة..
هذه اﻻزداواجية التى نرى بها حملة بونابرت تكشف طبيعة مشكلاتنا الفكرية والسياسية المزمنة ..،خصوصا فى ما يخص العلاقة بين المثقف والسلطة وفكرة الحوار مع "اﻻخر العدو"..واعراض الفصام الناتجة من التأرجح بين "الوافد والموروث"..او "اﻻصالة والمعاصرة"..وهى اكثر الثنائيات شيوعا فى كتبات مفكرينا..او اﻻنبهار بالغرب المتفوق واﻻستعداد النفسى والذهنى للامتثال والخضوع والتبعية،واستيراد نمازج الحياة الجاهزة ،
حتى لو جاءت فوق دبابات اﻻعداء،وربما يسائل البعض عن جدوى الرجوع للماضى فى ظل اﻻزمات المتلاحقة التى تعصف بنا،وربما يفضل اخرون بذل الجهد من اجل حل مشكلات الحاضر ،والتطلع للمستقبل بدﻻ من مشاعر"الحنين المريض "الى قصص الماضى وحكاياته ،،
وناتى للشيخ وهو اﻻب الشرعى للمثقف المعاصر وهو عدوه الحميم ،وصديقه اللدود،اورثه العلة والملة ،وتركة التناقض بين مسؤلية العمامة ووجاهة الزعامة،الشيخ هو قائد حركات التقدم واتنوير ،وهو ايضا حارس التقاليد ، وعدو التجديد،محرك الثورات وحامل شعلة النضال ،فى قضايا اﻻمة،وهو ايضا مثبط الهمة ومفرق اللمة،و هو نصير الفقراء واسير اﻻغنياء ،صوت العدل ..وسوط الندل..قبلة العوام وعصا الحكام ،جسر اليقين ووباعث الشك
،موقظ الفتن ومروج الضلالات ،شيوخ عاشوا فى شموخ وشيوخ ملائتهم الشروخ..!!