( خواطرتربوية طريفة )
للأديب والشاعر فايز البهجورى
بعد مشاجرة حادة قامت بين " اللسان" و" الانسان " ، بعد تناول " الانسان " طبقا ساخنا من الشوربة.
قال اللسان للانسان: : أنت تقسو علىّ وتؤلمنى كثيرا بما تتناوله من طعام أو مشروبات ساخنة.
أ و" أطعمة حرّاقة " تحشوها بالفلفل والشطة . تتمتع أنت بها ، وأتألم أنا. منها.
متى ترحمنى من تناول السوائل الساخنة التى تلسعنى ؟ ومن الأغذية الحارقة التى تحرقنى ؟
ومتى ترحمنى من الكلمات الهابطة التى تنطقنى بها ؟
قال الانسان للسان : وأنا من يرحمنى من " التفكير الغبى ، " الذى يمليه البشر على مخى ، فاحيله الى كلمات وقحة وهابطة و مستفذة ؟
من يرحمنى من التربية المنحطة ؟ ومن العادات والتقاليد البالية ، والعقائد الفاسدة ؟
الى يفرضها علىّ البشر طول الوقت ؟
وهنا سكت اللسان ولم ينطق بكلمات أخرى .
وحوار آخر بين اللسان والأنف
وفى يوم من الأيام دار حوار آخر بين اللسان والأنف .
قال اللسان للأنف : أنت " جار سيئ " . لا تراعى حقوق غيرك.ولا حقوق الجوار معه
تصرّ ، فى ليالى الشتاء الباردة ، على أن تمطرنى مطرا رائحته كريهة وطعمه كريه .
وتعطلنى عن القيام بدورى فى خدمة الانسان الذى يرعانى .
تعطلنى عن تحريك الطعام فى فمه ليسهل عليه بلعه .
ليعطيه الطاقة التى تساعده على أن يعيش .
وتعطلنى عن النطق بالكلمات التى يعبّر بها عن أفكاره.
ويتواصل بها مع الآخرين . من بنى جنسه .
علّق الأنف على كلام اللسان بقوله :
أنا معك فى بعض ما تقوله . ولكن ما يحدث منّى يحدث على غير ارادتى .
البرد هو السبب .
بدليل أن ذلك لا يحدث الا فى أيام الشتاء . ولا يحدث فى الأيام الدافئة .
وأضاف الأنف :
ولكن ألا تقوم أنت بالحاق الضرر بالانسان ، بأكثر مما أفعل أنا ؟
ألا يحدث منك أنك تقوم بالنطق بكلمات تسبب أضرارا كبيرة للانسان قد تصل الى فقده حياته ؟
وكم من الألسنة الشريرة ثرثرت فى آذان جاهلة حوّلت أصحابها الى مجرمين وارهابيين وسافكى دماء . وسقط قتلى وجرحى أبرياء.. وقامت حرائق وتفجيرات مرافق وممتلكات فى كل مكان
واحتارت قيادات الشعوب فى الخلاص منهم ولم تعرف كيف تحاربهم ؟
وهنا تدخل العقل وقال :الارهاب ليس مسئولية الارهابى وحده . .فالارهابى نفسه ضحية .
فهو ضحية من خدعوه وزرعوا فى عقله بذور الارهاب .
وحشوا عقله بافكار مزيفة ووعود باطلة .
و"جنة " طريقها مفروش بالدماء وأشلاء البشر.
وحوّلوه الى ارهابى .
وعلاج ظاهرة الارهاب لا يبدأ بملاحقة الارهابى ومحاكمتة أو قتله
ولكنه يبدأ بملاحقة ومحاكمة الذين خدعوه وحوّلوه الى ارهابى .
حتى ولو تستروا بعباءة دينية.
والى هنا توقف الحوار بين اللسان وألأنف والعقل .