الأقباط متحدون - ما قبل الفجر.. ما زال العرض مستمراً (6)
أخر تحديث ٢٠:٠١ | الاثنين ٤ يوليو ٢٠١٦ | ٢٧ بؤونة ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٧٩ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

ما قبل الفجر.. ما زال العرض مستمراً (6)

كمال زاخر
كمال زاخر

 بينما نتأهب لاختتام هذه السلسلة من المقالات التى تتحدث عن طبيعة لحظات ما قبل الفجر، الأكثر ظلاماً، بفعل موروث ثقيل وفساد تملك من حياتنا وسعى محموم للانقضاض على ثورة 30 يونيو لتفكيك روابطها وتفخيخ عناصرها والوقيعة بينها، وطالبنا بالانتباه لحاجتنا لتفعيل منهج العدالة الانتقالية لتأمين الانتقال من الثورة التى هى بطبيعتها لحظة غليان استثنائية إلى الدولة حيث الاستقرار والبناء والتنمية وفق تخطيط يترجم على الأرض يحكمه علاقات سوية أقرها عقد اجتماعى جديد، محاوره العدالة والحرية والمساواة، ويحميه منظومة أمن محايدة وشفافة ونظيفة، ومنضبطة واحترافية.

 
وانتهينا إلى طرح تعريف موجز بالعدالة الانتقالية، على أن نخصص سطور اليوم للتعريف المفصل بها، وقد سبقت الكتابة عنها قبلاً على امتداد السنوات الثلاث المنصرمة، لكن الواقع اختزلها إلى «وزارة دولة» تحولت معه إلى جزء من الدولاب الحكومى، فابتلعت فى دهاليز التقارير والبيروقراطية وتنازع الاختصاصات مع الكيانات المشابهة، وتاهت معالمها وما زالت تبحث عن دور.
 
بينما المتربصون بالثورة لا يتوقفون عن استهدافها، وقد راعهم إصرار الرئيس السيسى على مواصلة العمل الجاد على الأرض، بغير أن يلتفت إلى هوس التشكيك وتحالفات «الشامى والمغربى» بحسب التوصيف الشعبى العبقرى، وكان جوادهم هذه المرة «الإعلام» الذى يسعون للسيطرة عليه على أصعدة مختلفة، فيعيدون إنتاج ما كان قبل 25 يناير، عبر خلاياهم المنبثة فى مفاصل الدولة، والدفع بوجوه بديلة تواصل ما انقطع، وكأن شيئاً لم يتغير.
 
وبالتوازى تنفجر الأعمال الإجرامية فى صعيد مصر، مجدداً، والتى تسوق على أنها فتنة طائفية، وتصدمنا الحلول التقليدية التى تتكرر منذ أحداث الخانكة 1972، مروراً بالزاوية الحمراء 1981، والعمرانية 2010، وبينهم سلسلة لم تتوقف لعل أبرزها الكشح الأولى والثانية، 1998 و2000، نفس الإخراج والترتيب والتبرير والحلول التى ترحل الاحتقانات وتدفع لتكرارها بعد أن تكبر ككرة الثلج، أو قل تتحول من شرارة إلى حريق يأتى على وطن، ولا تقترب مؤسسات الدولة ذات الصلة، الأمن والبرلمان والإعلام، من مواجهتها وتفكيكها وتجفيف منابعها، وفى هذا السياق ما زالت محافظة المنيا، المنكوبة، تحتل موقع الصدارة، بما حدث فيها قبل أيام، فى قرية «كوم اللوفى» من أعمال إجرامية صُنفت على أنها طائفية، ومن يقترب منها يكتشف استلاب حق الدولة فى إعمال القانون، ليصبح ضمن صلاحيات المتطرفين وإرهابهم الأسود، ويسقط أحد أهم أركان العدالة وانضباط المجتمع، وهو غير بعيد عن الارتداد إلى العرف، فى طريق إحياء دولة «الخلافة»، وفيها وبها ينخفض سقف الحريات، حتى إلى تجريم حرية العبادة.
 
وفى تصعيد متعمد يستهدف فصم عرى العلاقة بين الأقباط، أحد أهم أرقام معادلة «30 يونيو»، وبين الثورة والرئيس السيسى تحديداً، تستهدف يد الإرهاب الأسود أحد رجال الدين الأقباط بمدينة العريش بسيناء، باعتبار وضعية الأقباط عصباً ملتهباً بالجسد المصرى، ونجد أنفسنا فى خضم حلكة ساعات ما قبل الفجر، وهنا يأتى دور المكاشفة والمواجهة الحاسمة، والتى لا يصلح معها المواءمات والتوازنات، ولا يستقيم أن تغيب المهنية عن أداءات الأمن المحلى الذى توقف عند ثلاثينات القرن المنصرم، بالقبض العشوائى، ثم الانتهاء إلى صلح مفتعل عبر عقد إذعان، والتستيف ورفع التقارير التقليدية، التى تنتهى بأن الأمن مستتب وكله تمام يافندم، وننتظر انفجاراً جديداً فى تكرار ممل.
 
أعود فأكرر: مطلوب، العودة إلى عدم تسكين القيادات الأمنية لمدد طويلة بالقرية والمركز والمحافظة لئلا تتحول إلى مراكز قوى محلية، وكشف المتواطئين والفاعلين الأصليين فى تلك الأعمال الإجرامية، وتجريم الحض على الكراهية خاصة فى دوائر التعليم والإعلام ومنابر الوعظ.
 
وللحديث بقية.
نقلا عن الوطن

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع