لو كتب لسعى الشيخ أسامة الأزهرى الفلاح فى مهمته الشاقة داخل السجون، لأنقذنا شبابا من براثن المظلومية، ولأعدنا شبابا إلى حضن الوطن، ولنزعنا الحقد والثأر من نفوس شباب يقبع فى السجون بجريرة عتاة من الظالمين، ظلموا هؤلاء الشباب الذين ساروا وراء راية عمية!.
حسنا فعل وزير الداخلية، اللواء مجدى عبدالغفار، أن مهد للشيخ الأزهرى الطريق سالكة إلى داخل السجون، ليتواصل مع نفر من الشباب الذين تنكبوا الطريق، تواصلا حميما مستنيرا مدركا لأبعاد هذه القضية الخطيرة، بقاء هؤلاء فى السجون ليس الغاية، واستمرارهم وراء القضبان ليس نهاية المطاف.
الأخطر بقاؤهم على حالهم حانقين، واستمرارهم على أفكارهم محتقنين، وتواصلهم مع جماعات التكفير والأخونة التى تعمل بنشاط داخل السجون لتجنيد هؤلاء فى محنتهم استغلالا لمظلوميتهم، ومعلوم جل الأفكار التكفيرية والجماعات الجهادية قبلا تشكلت أفكارها، وتجمعت عناصرها فى السجون، فما إن خرجت علينا حتى نفرت وهجرتنا وأعملت فينا التكفير.
أعلم أن محاولة الشيخ الأزهرى محفوفة بالمخاطر، ولكن عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتى العَزائِمُ، وأعلم أن فى عزم هذا الشاب المعمم الكثير، وما يتيحه وزير الداخلية لإنجاح هذه المهمة داخل السجون لافت ومعتبر، وأعلم أن المهمة تبتعد بالكلية عن المصالحات المزعومة أو التمهيد لما هو خيالى ضلالى، بأن مستشار الرئيس مكلف بالتواصل مع قيادات الإخوان الإرهابية فى السجون، لم يلتقهم، ولا مجال للقاء، لأنه لا مصالحة مع الإرهابيين فى السجون أو خارجها، ولكنه مكلف بالتواصل مع الشباب الذى انحرف وانجرف تحت دعاوى ظلالية مضللة.
مهمة الأزهرى ليست سعيا فرديا يثاب عليه دينيا، وليست محاضرة فقهية فى الهواء الطلق، ولكنها مراجعات وطنية جد عسيرة مع عقول تم مسحها، لقد استولى شيوخ الضلال على هذه العقول فى غفلة منا، وحتما لابد من استردادها مهما كان الثمن غاليا، يقينا أرخص من هدر الدماء.
ليس مهمة الداخلية فقط التوقيف والقبض والسجن لسنوات، ويصير السؤال: وماذا بعد، إذا ظل هؤلاء الشباب فى سجن المظلومية، فى سجونهم مع عتاة المجرمين تحولوا إلى قطعان من الزعران قطعوا علينا الطريق، وإذا ائتلفوا مع أئمة الضلال والتكفير والتفسيق لتحولوا إلى قنابل متفجرة، ستنفجر فى وجوهنا لاحقا.
الدخول إلى هؤلاء، والتواصل معهم، والوقوف على هذه الضلالات فى العقول، وإعادة تصحيح المفاهيم، بعد عزل هؤلاء أولا عن منابع التكفير فى السجون، وإحياء الأمل فى النفوس، وتفعيل دعاوى التوبة النصوح، وإثابة العائدين من الجب المسحور، إذا نجح الأزهرى فى إخراج بعض هؤلاء من غيابات الجب لكان فضلا عظيما.
لن يفلح الأزهرى وحده، والمهمة تحتاج إلى فرق من الدعاة المستنيرين، وصولا إلى تفكيك هذه الحالة قبل أن تستعصى، ولن نحصد نجاحا إلا بإقامة جسور من الثقة أولا، وهو أهل لهذه الثقة وأحرز نجاحا لافتا فى جولة أولى، الأزهرى يتحرك بوعى من ضمير جمعى يشفق على شبابنا فى ظلمات السجن، ودون مدد من دعاة مستنيرين لن يكتب للمهمة العاجلة النجاح المنشود.
وهنا دور واجب للرموز الوطنية فى الدعم والتواصل والتداخل والاشتباك مع هؤلاء، القضية ليست دينية فحسب أو سياسية فحسب، بل مجتمعية بالأساس، يظلم مهمة الأزهرى فى السجون كثيرا كونه يحمل لقب مستشار الرئيس للشؤون الدينية، يلقى بظلال حول مهمته، ويناوله البعض بما تعتمل أنفسهم بالشكوك التى تراوح مكانها مع كل تواصل حميد مع شباب السجون، يقينا قطع هؤلاء من ضلع الوطن ليس حلا.
نقلا عن الوطن