سوف أترك إسرائيل تنفرد بأفريقيا. لأننا فى خصومة معها. سوف أتركها تستثمر فى حوض النيل لأننى أكره إسرائيل. سوف نتفرج عليها وهى تتوسع فى مشروعاتها مع الحكومات الأفريقية، أصلا أنا مخاصم نتنياهو. كل ما سبق لا يزيد على كونه منطقا طفوليا بحتا. تصرفا غير منطقى من زمن الحرب فى عهود السلام. إكليشيهات أكل الدهر عليها وشرب.
لا أحد فى أفريقيا يريد خسارة مصر. ولا مصر يمكنها خسارة أفريقيا. والأفارقة لن يخسروا إسرائيل. أو يخسروا مصالحهم لخاطر عيون العرب. هم يريدوننا أن نعمل معا. أن نتعاون مع كل مَن يستثمر فى أفريقيا. لأن القارة السمراء تعانى مشكلات جمة. والأفارقة لا يرفضون أى يد تمتد إليهم بالمساعدة. حتى لو كانت هذه اليد يد نتنياهو. هذه هى الحقيقة التى يجب أن نتقبلها. هذا هو الواقع الذى يجب أن نعترف به. فمنذ زيارة إسحاق رابين الشهيرة عام 87 إلى أفريقيا، والاستثمارات الإسرائيلية فى كل بلد هناك. تتدفق على الدول الأفريقية. ونحن عشنا ومازلنا نعيش وهم أن الأفارقة سوف يرفضون اليد الإسرائيلية الممتدة إليهم. وهو ما لم يحدث ولن يحدث. فلا مفر من التعاون. يستحيل أن نستغنى أو نتنازل عن مصالحنا الاستراتيجية فى أفريقيا. فى مقدمتها نهر النيل.
بالأمس فى جريدة «المصرى اليوم» فى صفحتها الأولى، نقلا عن وكالة الأناضول. قال رجب طيب أردوغان: «نعم للتطبيع والشراكة مع إسرائيل لا للمصالحة مع مصر». هذا كلام صادر عن رجل يريد أن يعين نفسه زعيما على المسلمين السُّنة حول العالم. لا يجد غضاضة فى الشراكة مع إسرائيل. سوف يدخل معها إلى أفريقيا يدا بيد. سوف يشارك أردوغان نتنياهو فى الاستثمار فى القارة السمراء. أما نحن فمازالت الفرجة خيارنا الأول والأخير.
فى زيارة نتنياهو الحالية لحوض النيل شاركه 18 رجل أعمال من أهم رجال الأعمال فى إسرائيل. هناك اهتمام عالمى بأفريقيا لما تتمتع به من ثروات. هذا الاهتمام انطلق فى أواخر مارس وبداية إبريل عام 1998. عندما قام الرئيس الأمريكى بيل كلينتون بزيارة لأفريقيا استمرت 12 يوما. لم يفعلها أى رئيس مصرى أو عربى من قبل وقام بزيارة لأفريقيا نصف المدة التى قضاها كلينتون هناك. زار كلينتون خلالها كلا من غانا- أوغندا- رواندا- إثيوبيا- جنوب أفريقيا- بتسوانا والسنغال. ثم قام كلينتون بجولة ثانية بين 26 و29 أغسطس عام 2000. مكملة للجولة الأولى زار خلالها نيجيريا وتنزانيا. الدرس هو أنه علينا أن نتعاون مع كل مَن يعمل فى أفريقيا. ونتخلى عن أفكار بالية عششت فى عقولنا سنوات طويلة.
الآن بعد حوالى نصف قرن من السلام. وبعد النداء الذى قام به السيسى من أجل التصالح بين العرب وإسرائيل. يجب ألا يمر هذا النداء مرور الكرام. من شأنه أن يغير شكل المنطقة اقتصاديا وثقافيا وعلميا، ومن جميع النواحى. ولن نترك الأمر لتفاصيل تعرقل هذا النداء. بل يجب أن نطالب السيسى باستكماله حتى بلوغ مقاصده.
نقلا عن المصري اليوم