كتب د. أسامة الغزالى حرب فى عموده اليومى بالأهرام تعليقاً على ما كتبته تحت عنوان: «ما أحوجنا إلى على ونازلى»، إشارة إلى الحب الرومانسى المفتقد الذى هو فريضتنا الغائبة، وقال إن هذا العصر هو عصر التعبير عن الحب بـالإس إم إس، وليس المرسال، بالفعل المشاعر صارت تختزل فى رسالة واتس آب، أو تختصر فى إس إم إس أو تضغط فى إنبوكس فيس بوك، لكن كنت أتمنى أن تقف المشكلة عند هذا الحد، حد وسيلة التعبير عن الحب، لكنها للأسف تجاوزت ذلك إلى الحب نفسه، نحن صرنا نكره الحب، نعانى من فوبيا مزمنة منه، أصبحنا مرعوبين من الوقوع فى أسره، نظنه فخاً، بدلاً من أن نعتبره ملجأ، نسب طلاق الشباب صارت مرتفعة بشكل مزعج، أى بذرة علاقة حب بين شاب وفتاة سرعان ما تنتهى بخناقة تصل إلى حد تكسير العظام، منذ أن ارتبط الحب بالحرام والعيب والدنس والنجاسة والفسق والفجور، منذ أن اختفت من قاموسنا كلمات العشق والغرام والهيام،
ودخل مصطلح السينما النظيفة المعقمة من فيروسات الحب وميكروبات الغرام وبكتيريا الغزل، وغزت بيوتنا برامج سماسرة الدين الذين يتزوجون الأربع، ويحللون نكاح بنات الحضانة، ثم يحرمون الحب ويربطونه باسم الشيطان، بينما يربطون ذبح الرهائن باسم الله!!، منذ أن صارت البنت هى المزة وترجمت فورياً إلى قطعة لحم متحركة، اختفى الحب من المشهد، وصار شبحاً فى الخلفية، وحل محله فى صدارة المشهد فحيح التحرش، صار مشهد الحب وكلمات الغزل مصدر سخرية من جمهور السينما، تتصاعد من الصالة كلمات وعبارات ياعم هات م الآخر، يا سيدى انجز، منذ أن جعرت الحنجرة بكلمات بحبك يا حمار تحول الحب إلى مجرد بردعة!!،
نحن صرنا قوماً نفزع من الحب، لدينا وسواس قهرى من الحميمية، نخاف الاقتراب الحميم من الآخر، صارت المرأة صيداً لا رفيقاً، فريسة لا شريكة، لقد صار الحب مصلحة، لم يعد عطاء أو تحققاً أو مصدر بهجة أو انتشاء، لم يعد الحب، كما قال نزار، بعضاً من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه، لكنه صار بعضاً من رصيدنا فى البنك لو لم نجده فى الحساب لاستلفناه!!.
نقلا عن الوطن