بقلم:د. عماد جاد | السبت ٩ يوليو ٢٠١٦ -
١١:
٠٤ م +02:00 EET
د. عماد جاد
من خلال متابعة وتحليل أحداث الاعتداءات الدينية والطائفية بدءاً من أحداث مدينة الخانكة بالقليوبية عام 1972، وحتى وثائق قرية كوم الليفى، ففى نهاية يونيو 2016، وما بينهما من آلاف الوقائع يمكن استنتاج أن أحد أبرز الأسباب على الأقل الشكلية الظاهرية هى محاولة الأقباط بناء كنيسة يؤدون فيها الصلوات والشعائر الدينية، أو أداء هذه الطقوس فى منزل من المنازل بشكل مؤقت إلى حين تحويله إلى كنيسة أو انتظاراً للحصول على ترخيص لبناء كنيسة فى الحى، القرية أو المنطقة التى يقطنون فيها. هنا تبدأ المشكلة حيث عادة ما يعلن فى مسجد القرية أو المنطقة المعنية أن الأقباط أو «النصارى» بحسب التعبير المحبب لدى من يقوم بالحشد، يقومون أو ينوون القيام ببناء كنيسة، أو يتخذون من منزل ما مكاناً للصلاة بنية تحويله إلى كنيسة، هنا يجرى الحشد، وعادة ما يتم تجهيز الحشد عقب صلاة الجمعة التى عادة ما يتجمع فيها أكبر عدد من أهل القرية أو المنطقة المعنية، ثم يجرى التحرك باتجاه الهدف الذى أصبح التصدى له، هدمه أو حرقه نوعاً من الجهاد الذى يثاب عنه الإنسان. عادة ما تنجح الغزوة ويجرى تدمير المكان المستهدف أو حرقه، وأحياناً يجرى الاعتداء على عدد من منازل أقباط القرية، وأحياناً أخرى يجرى طرد بعضهم خارج القرية.
وتبدأ بعد ذلك آليات مؤسسات الدولة وأجهزتها المعنية فى التعامل مع المشكلة. إحجام الشرطة عن التدخل فى الساعات الأولى حتى تصل رسالة المهاجمين إلى من حاولوا بناء الكنيسة أو الصلاة فى منزل من المنازل بنية تحويله إلى كنيسة، وإذا كانت هناك حرائق، فساعات تمر قبل أن تتحرك سيارات الإطفاء، وإذا كان الأمر يتطلب هدم المبنى فلا مانع من منح المهاجمين قدراً كافياً من الوقت لإتمام المهمة، كما حدث فى هدم كنيسة المارينا بأسوان الذى تم تحت الإشراف المباشر لرئيس المباحث هناك.
ويبدأ التحقيق فى الأحداث، فتكون النتيجة الأولى العامة والمشاركة فى كافة الأحداث هو عدم القدرة على تحديد الجناة بسبب شيوع الاتهام، الحشود كانت ضخمة والأعداد كانت غفيرة، ومن ثم يصعب على رجال الشرطة تحديد المتهمين. وأحياناً يجرى إفشال القضية برمتها عبر توجيه الاتهام من قبل الشرطة لأشخاص أبرياء حتى لا تثبت عليهم التهمة مثل أحداث قرية الكرم التى وجهت الشرطة فيها الاتهام إلى شخص رحل عن عالمنا منذ عشر سنوات، وآخر مصاب بشلل رباعى. ماذا لو تم تحديد الجناة بدقة. هنا يجرى القبض على عدد من الأقباط وتوجيه اتهامات لهم ويجرى الضغط للتنازل المتبادل وإغلاق الملف دون محاسبة أو تطبيق لقانون، وإذا لم يفلح الأسلوب الأخير يجرى الضغط لإجراء صلح عرفى يتنحى فيه القانون جانباً، ويمكّن المجرمين من الإفلات من العقاب. وعندما يكون الفاعل واحداً ويجرى القبض عليه، يجرى الإعلان عن أنه مضطرب نفسياً، مختل عقلياً، ومن ثم فهو لا يسأل عما فعل، حدث ذلك فى واقعة طعن عدد من الأقباط داخل كنائس إسكندرية، واقعة قتل أسرة مصرية على يد شرطى فى قطار سمالوط عام 2010، وواقعة طعن ابنة قس بسوهاج الأسبوع الماضى، القاسم المشترك فى الرواية الرسمية أنهم أشخاص متخلّفون لا يسألون عما ارتكبوا من أفعال.
الأسباب هى هى لم تتغير، والتعامل الرسمى لم يتبدل أو يطرأ عليه تغيير، والنتيجة تراكم الملف وتضخمه وتحول شكاوى الأقباط إلى أنين ومن أنين إلى غضب، والغضب عادة ما يسبق التفكير فى الرد. هل يستمر ذلك أم لا بد من التحرك الرسمى لعلاج جذرى على أرضية القانون، وقيمة المواطنة؟
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع