نحتفل هذه الأيام بذكرى ثورة ٣٠ يونيو التي كتب فيها المصريون تاريخًا جديدًا، واستردوا مصر المختطفة من جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وهي الثورة الأكبر من حيث العدد على مدار التاريخ، لكن حال الأقباط الذين شاركوا حبًّا وخوفًا على مستقبل مصر لم يتغير كثيرًا عن سنوات ما قبل الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وبالرغم من اتهام الجماعات الإسلامية والمعارضة لصورة يونيو بأن القوام الأغلب المشارك فيها من الأقباط والنساء وهو اتهام بحب مصر ويحمل جزءًا من الحقيقة فتلك الثورة شارك فيها كل المصريين ولم تقتصر على فئة أو طبقة أو حتى شريحة عمرية، ولكن هذه الاتهامات تبعها عقاب من تلك الجماعات الإرهابية التي حرقت ما يزيد على ٨٤ كنيسة وعددا كبيرا من المنشآت التعليمية والمستشفيات التابعة للكنائس وبعضها للأسف حتى الآن لم يعَد ترميمه أو إصلاحه، مع ضرورة ذكر مجهود كبير للقوات المسلحة في هذا المجال، وهو ما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسي في زيارته الأخيرة للكاتدرائية المرقسية بالعباسية واعتذر عن التأخير في ملف إعادة بناء وترميم الكنائس، وللأمانة فإن الرئيس السيسي يحمل فكرا شخصيا بالمساواة والمواطنة، ولكن النظام لا يتبنى ذلك، والوقائع والدلائل كثيرة ولا تحصى.
الرئيس قام بزيارة الكاتدرائية أكثر من مرة ورسخ فكرة زيارة الكاتدرائية في عيد الميلاد المجيد، وأول رئيس يعتذر عن التأخير في ترميم الكنائس المتضررة بعد فض اعتصام رابعة العدوية، كما أنه ثار لشهداء مصر الأقباط الذين قُتلوا في ليبيا على يد تنظيم داعش الإرهابي وطالب أكثر من مرة بتجديد الخطاب الديني، كما أنه من طالب بضرورة الانتهاء من قانوني بناء الكنائس والأحوال الشخصية وله مواقف تحترم من بعض الحوادث الطائفية وتأكيده على تطبيق القانون في حادث تعرية الست سعاد في قرية الكرم بالمنيا والتي عراها مجموعة من الأوغاد في شوارع قريتها.
لكن فكر الرئيس ورؤيته لم يتحولا حتى الآن لممارسات للنظام والحكومة المصرية، بالإضافة إلى وضع الملف القبطي والطائفي تحت تصرف الأمن واعتباره ملفا أمنيا في المقام الأول، ولذلك يتم التعامل معه بالمسكنات وعدم وضع حلول جذرية لتلك المشاكل منها بناء الكنائس الموضوع حولها قيود وشروط لا تضعها الحكومة لبناء الملاهي.. كما أن الحوادث والاعتراضات في الفترة الأخيرة لوجود شائعات بتحويل منازل لكنيسة يتبع ذلك هجوم على الأقباط وطردهم وتهجيرهم في نفس التوقيت، وهو ما حدث في العامرية بالإسكندرية وفي نفس الوقت يتخلى الأمن عن تطبيق مهامه بتقديم الجناة والمحرضين للعدالة ولكنه يقبض على الطرفين لإحداث توازن، بل استحدث جريمة جديدة ضد الأقباط وهي الصلاة بدون تصريح، وهو ما حدث في مركز سمالوط في المنيا.
وفي النهاية وضع الأقباط لم يتغير كثيراً فمازلت المشاكل كما هي، بالإضافة للمعاناة في الصلاة والاتهامات بازدراء الأديان واللجوء للجلسات العرفية وعدم تطبيق القانون والرضوخ للمزايدات القبلية والعشائرية، كما أن وصولهم للمناصب العليا أصبح أسوأ من أوقات سابقة.. نحتاج لتطبيق المواطنة والقانون وإنشاء مفوضية عدم التمييز مع إعطائها صلاحيات واسعة والانتهاء من القوانين الخاصة بالأقباط وتجديد الخطاب الديني والإعلامى.
نقلا عن المصري اليوم