الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم .. الأسطول البريطاني ينذر قائد حامية الإسكندرية بوقف عمليات التحصين والتجديد وإنزال المدافع الموجودة بها
أخر تحديث ٠٥:٣٤ | الأحد ١٠ يوليو ٢٠١٦ | ٣ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٨٥ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

فى مثل هذا اليوم .. الأسطول البريطاني ينذر قائد حامية الإسكندرية بوقف عمليات التحصين والتجديد وإنزال المدافع الموجودة بها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 فى مثل هذا اليوم 10 يوليو 1882..

كتب : سامح جميل

الأسطول البريطاني ينذر قائد حامية الإسكندرية بوقف عمليات التحصين والتجديد وإنزال المدافع الموجودة بها، وقد رفض وزير الجهادية ومجلس الوزرء هذه التهديدات.

كتاب من 140 صفحة الفه الامير عمر طوسون من القطع المتوسط من مطبعة صلاح الدين بالإسكندرية لتنفذ نسخة فورا خاصة وان مؤلفة هو الأمير عمر طوسون ،والاهم ان موضوع الكتاب هو يوم 11 يوليو 1882 الأسود..
ميزان القوى بين سلاح الحصون المصري وسلاح الأسطول البريطاني :
بلغ عدد مدافع سلاح الحصون بالإسكندرية ذات العيار الواسع 45 مدفعاً .
جملة العيار بالبوصات 395 بوصة
جملة الوزن بالأطنان 381 بوصة
أقصى عيار للمدفع 10 بوصة
أما الأسطول البريطاني بلغت قوته الآتي :
جملة العيار بالبوصات 779 بوصة
جملة الوزن بالأطنان 1525 بوصة
أقصى عيار للمدفع 16 بوصة
عدد المدافع 77 مدفع
ويضاف إلى التفوق الساحق للأسطول البريطاني خفة الحركة وحداثة المدفعيات والسرعة – في ذات الوقت الذي لم يكن فيه مدافع عدد من الحصون بالإسكندرية موجها في اتجاه الأسطول البريطاني – ويستطيع الأسطول مهاجمة كل حصن بكل قوته دفعة واحدة ثم الاتجاه إلى آخر بعد تدمير الأول وهكذا .
ويضيف الكتاب أن قوة حامية الحصون كانت مكونة من 1762 ضابطاً وصف ضابط وجندي دافعوا بأرواحهم ودمائهم الذكية عن شرف الوطن وعلمه بكل بسالة .
إنها قصة كل زمان القوى الغاشمة في مواجهة السلام والأمان والحياة 000 الظلم والقهر وسرقة الثروات وقتل الأنفس الطاهرة التي حرمها الله سبحانه وتعالى - نفس الصراع 00 نفس المنهج 00 نفس الأحداث منذ آدم حتى يوم القيامة 00 الطمع 00 غرور القوة 00 أوهام الإمبراطوريات على حساب الشعوب . كان حلم الإمبراطورية البريطانية احتلال مصر حيث بها قناة السويس الممر المؤدي إلى مستعمراتها شرق العالم – وموقع جغرافي متفرد . إذن كيف يبدأ العدوان 000 ما هي المبررات ؟ كان الأميرال سيمور قائد الأسطول البريطاني يسابق الزمن من أول يوليو 1882 لخلق سبب للعدوان قبل أن يشاركه الأسطول البريطاني ببحر المانش بقيادة الأميرال دويل الأرقى منصباً منه – ولذلك أرسل في ذاك اليوم السابعة والنصف صباحاً إلى مجلس الأميرالية البريطانية برقية تفيد عن مشاهدة مراكب مشحونة بالمواد المفرقعة قريبة من الجسر (قناة السويس) وأن هناك معسكر كبير من البدو ومعسكر الزقازيق تلقى أوامر بحشد ثلاثين ألف رجل مسلحين بالفؤوس والزنابيل بغرض غلق أو سد مجرى قناة السويس – وتسلح الأهالي بالأسلحة وأن بالإسكندرية وحصونها ما يربو على عشرة آلاف جندي والإمدادات بلا انقطاع – وأن عرابي قائد الجيش ناظر الحربية يقول بزيارة النبي (ص) له كل ليلة من أجل أن تقع الأساطيل المتحدة في فخ وأن يغرق مراكب محملة بالأحجار في البوغاز . وطالبت بريطانيا الأسطول الفرنسي والقيادة الفرنسية المساهمة في منع مصر من تهديد العمل بقناة السويس – إلا أن فرنسا رفضت – وتتابعت الأيام ففي 4 يوليو 1882 برقية صادرة من الأميرال سيمور إلى مجلس الأميرالية البريطانية تفيد نصب مدفعان جديدان في قصر فاروس ( قلعة قايتباي ) وأن هناك تقوية لجدار الحصن وهكذا كانت الحجة وراءها صلف القوة وغرور الاستعمار وجبروت وطغيان إنجلترا - ورغم التطمينات الصادرة من مصر 000 من الحمل إلى الذئب وصدور أوامر السلطان العثماني لخديوي مصر بوقف أي أعمال في الحصون والاستجابة لذلك - وتحقق الجنرال سيمور قائد الأسطول البريطاني من عدم دعم الحصون بأي مدفع جديد .
وقد قام قناصل الدول الكبرى بمخاطبة الجنرال سيمور للوقوف على قناعته برد الحكومة المصرية أم أن الأمر يحتاج منهم الحصول على تأكيدات ترضيه الرضا التام - أم أن النية تتجه لضرب الإسكندرية وبذلك تتضرر أملاكهم ورعاياهم وأن هؤلاء الرعايا يجب ترحيلهم قبل تعرضهم لمخاطر جسيمة 000 هكذا كانت نظرة الدول الكبرى 00 الرعايا 00 الأملاك - لاشئ غير هذا – أما مصر والمصريون فلا وزن أو قيمة 00 قضية زماننا حالياً 00 نحن العرب لم تذهب قوات مصرية لغزو إنجلترا – أو الاقتراب حتى من مياهها الإقليمية كل ما في الأمر دعم الدفاعات الساحلية - أو ربما لم يحدث حتى مجرد الدعم وهو إجراء دفاعي بحت .
 
وأستمر التصعيد بلا أسباب ما بين برقيات متبادلة بين الجنرال سيمور إلى مستر كارترايت قنصل إنجلترا إلى الأميرالية الإنجليزية إلى لورد جرانفيل وزير خارجيتها إلى مسيو فريسينيه رئيس وزراء فرنسا إلى لورد ليونز سفير إنجلترا في باريس إلى السلطان بتركيا إلى الخديوي توفيق والي مصر - والجريمة التي تتهم بها مصر هو دعم حصون الإسكندرية وتهديد الملاحة في بوغاز الإسكندرية - حتى صدر خطاب اللواء طلبة عصمت باشا القائد الحربي المصري يوم 7 يوليو 1882 ينفي تماماً اتهامات قائد الأسطول الإنجليزي - فلا تحصينات تمت ولا مدافع أضيفت ولا تهديد بسد مدخل البوغاز - وانتهى بهذه الجملة .
 
«هذا وأني لواثق من شريف عواطفكم المتشبعة بروح الإنسانية»
وخاطب الخديوي الباب العالي ليؤكد للسلطان أنه لم تحدث أي أمور تهدد الأسطول الإنجليزي .
وأستعرض الكتاب تقييم القوى بين حصون الإسكندرية والأسطول البريطاني والتي تراوحت النسبة بينهما 4 : 3 3 لصالح الأسطول والذي خطط قائده لتوجيه النيران كلها لكل حصن في وقت واحد ثم الانتقال إلى الحصن التالي - وذكر الكتاب أسماء القادة المصريون لكل حامية عسكرية وأن عدد الضباط والجنود بكل الحصون 9487 موزعه على حصون قايتباي , الأطة , رأس التين , الفنار , المكس .
 
ثالثاً : العدوان الغادر :- وفي الليلة الموعودة 11 يوليو 1882 وقد أيقن القادة المصريون أن الصباح سيأتي بالغدر والعدوان وفقاً لإنذار قائد الأسطول الإنجليزي – اجتمع عرابي باشا ناظر الحربية لمصر بقادة الحصون وأخبرهم أن الخديوي في اجتماع مجلس الوزراء بقصر رأس التين أخبرهم بعدم الرد على النيران إلا بعد الطلقة الخامسة - إلا أن عرابي باشا أصدر أوامره بالرد بعد الطلقة العاشرة - وبدأ تنظيم دفاعات الحصون - وكذلك قائد أسطول الغدر البريطاني وضع خطته لإسقاط حصون الإسكندرية بعد إنذاره يوم 10 يوليو 1882 بتسليم الحصون له وإلا تم ضربها بعد 24 ساعة أي يوم 11 يوليو 1882 ولما تم رفض التسليم 00 كان العدوان في السابعة صباحاً على المدينة الآمنة والجو صحو والنسيم ينشر زخات البحر – بدأ دخان المقذوفات والنيران تفسد السلام والأمان وتسفك الدماء الطاهرة - وأستمر القصف حتى الحادية عشر صباحاً - وقاومت القوات المصرية داخل الحصون مقاومة نبيلة لم تكن تخطر على بال الإنجليز - وبدأ الأسطول الإنجليزي في تعزيز قوته بالبوارج حتى أمكن للمعتدي إسكات مدافع حصون رأس التين والفنار والاسبتالية منتصف الواحدة ظهراً - وفي الخامسة مساء تم إسكات آخر مدافع بحصن الاسبتالية وأصابت القذائف المعتدية سراي الحريم بقصر رأس التين حتى التهمتها النار في العاشرة مساءً .
 
وشهد أحد قواد الأسطول المعتدي وهو القومندان جودريتش أن جنود المدفعية المصرية جاوبوا نيران الأسطول بصورة مدهشة وبسالة عجيبة لم تكن متوقعة رغم التفوق الساحق للأسطول .
ثم اتجه الأسطول إلى حصن الأطة الذي قام قائده بالدفاع عنه ببسالة تفوق الخيال مستهيناً بالموت وبكل المخاطر حتى طار جسده وسارية العلم المصري بجواره في الهواء بعد تفجير مخزن الذخيرة واستشهاد الجنود بعد وقفة الأسود الباسلة وشهد بذلك الكابتن وولتر جود سول أحد قواد الأسطول - حتى تم تدمير الحصن في الثالثة والنصف بع الظهر .
ثم اتجه الأسطول الغادر إلى حصن قايتباي لتصليه نيرانها حتى الخامسة مساء حتى صدر الأمر بالتوقف عن القصف بعد إصابة الحصن بأضرار جسيمة - وهكذا استمر التدمير للحصون واحداً تلو الآخر - والصدق ما شهد به الأعداء فقد وصف الماجور تلوك من المخابرات البريطانية رجال المدفعية بحصن المكس بأن أعمالهم البطولية تدخل في نطاق العجائب - وقد كانت خسائر الإنجليز البشرية خمسة قتلى , 28 جريحاً أما جند مصر فقد قدرت خسائرهم البشرية بنحو 700 جندي وضابط افتدوا الوطن بأرواحهم ودمائهم , سلام عليهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر يوم الثلاثاء 24 شعبان سنة 1299 هجرياً – 11 يوليو 1882 ميلادياً .
وأخيراً استعرضت صفحات الكتاب خسائر حصون الإسكندرية وكذلك إصابات قطع الأسطول البريطاني وتقارير الأميرال "سيمور" عن ضرب الحصون - تقارير تتضمن أكاذيب عن أسباب ضرب الحصون - هي ذات أكاذيب ومبررات الحرب على العراق في العصر الحديث مع فارق الأسباب 00 أسلحة دمار شامل يعقبها دمار شامل من جراء العدوان على العراق - وفيما مضى حصون يتم صيانتها وإصلاحها وإمدادها ببعض المدافع بالإسكندرية تزعج وتهدد سلامة الأسطول البريطاني ومصالح الغرب 00 صراع الخير والشر 00 الحرب والسلام 00 القوة الطاغية المنتفخة بالغرور والضعف والوهن المهين .
واختتم الأميرال سيمور أسطول العدوان البريطاني تقريره بأن شهد بما نصه . " ولقد قاتل المصريون قتال الأبطال بأقدام ثابتة 00 " وواصل تقريره في 19 يوليو 1882 الحديث عن احتراق الإسكندرية وبدء تطهير بعض أجزاء المدينة من المقاومة والتوجس من عمل عرابي باشا ناظر الجهادية والبحرية لمواجهة الإنزال البريطاني بالمدينة وقيام البريطانيين بعد ذلك بتأمين سلامة الخديوي بسراي الرمل بعد أن غادر سراي رأس التين وقد تم ذلك يوم 12 يوليو 1882 ثاني أيام العدوان .
وجدير بالذكر أن القومندان جودريتش قائد السفينة الحربية الأمريكية والذي راقب العدوان البريطاني قد أشاد وعبر عن دهشته من بسالة المصريون وثباتهم في مواقعهم تحت النيران الكثيفة .
وفي كتاب الجنرال تولك من المخابرات البريطانية " ذكريات أربعين عاماً في الخدمة " ص 286 - ذكر أن منظر جثث الشهداء ينفطر لها القلوب وعددهم حوالي ثمانمائة - ثم حفر حفرة واسعة في راس التين وألقيت الأجساد فيها ووريت التراب إلا أنها في بعض المواضع تظهر الطبقة العليا من الأجساد - وقد سقط الحصن على بعض الجنود فأزهق أرواحهم ولم يستطع أحد إخراج أجسادهم - ووجدت جثة ضابط مصري وست جنود تحت مدفع أنقلب عليهم .
وأستمر الجنرال في كتابه مسجلاً أنه لا يستطيع إلا القليل من الناس أن يؤدوا واجبهم مثلما أداه جنود مصر في الحصون ولا يستطيع الإنسان أن يخفي دهشته وإعجابه ببسالتهم وشجاعتهم.
وكذلك شهادة البارون دكيوزل في كتابه " ذكريات رجل إنجليزي عن مصر " – وشهادة مسيو سكوتيدس وكيل قنصل اليونان في الإسكندرية بكتابه " مصر المعاصرة وعرابي باشا " الذي أشاد ببسالة وشجاعة جند مصر قائلاً " كان هؤلاء الجنود الشجعان 00 يمثلون بحق الأبطال الذين يدفعون غارات الجبابرة " .
حتى الأعداء وحلفاء الأعداء أشادوا بجنود مصر في الحصون المدافعون عن شرف مصر وتراب مصر تحت أسوأ الظروف .
وأختتم الكتاب الرائع صفحاته بعرض لأسماء الضباط والقادة والجنود الشهداء الذين أمكن التعرف عليهم ومن خلال المسجل بدفاتر دار المحفوظات العمومية - ص 131 وما بعدها .
وهكذا سجل الكتاب القيم يوماً واحداً " 11يوليو 1882 "وجعله عنوانا له 00 يوماً فاضت فيه الأرواح الطاهرة إلى بارئها وارتوت حصون الإسكندرية بدماء الشهداء وافترشت أرض الإسكندرية بأجساد أبطال ما وهنوا وما استكانوا - اختاروا أحد الحسنيين النصر أو الشهادة - فكانت الشهادة 00 يوم أسود أعقبه أياماً عصيبة وسنوات طويلة مريرة من الاحتلال الإنجليزي لمصر - استمر بعده تدافع طوابير الشهداء حتى تحرر الوطن بعد ثورة يوليو 1952 – هي قصة الطغاة والظلم والقهر 00 القوة في مواجهة الضعف - الاستعمار لنهب ثروات الشعوب واستعبادها..!!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter