نشوى الحوفى | الاثنين ١١ يوليو ٢٠١٦ -
١٤:
١١ ص +02:00 EET
ارشيفية السيسي
نعم بات «السيسى» مشكلة الخارج الذى تخيل أنه لن يصمد أمام ضرباته فى حصارنا بالإرهاب تارة، وبالاقتصاد تارة أخرى، وبإثارة الشائعات والبلبلة بين فئات المجتمع تارة ثالثة. صار «السيسى» مشكلة؛ لأنه لم يسقط أمام كتابات وتنظيرات بعض من نخبة أدمنت المعارضة لإثبات وجودها دون أن تكون لها مشاركة أبعد من سطور ما تكتبه وكلمات ما تنطق به أمام الكاميرات ودون أن تضع رؤية لما علينا فعله لعلاج مشكلاتنا. صار «السيسى» مشكلة كمقدمة فى مسألة منطقية لا يكتمل حلها بوضع النتيجة لو افترضنا أنه المشكلة، ليكون السؤال لعاشقى سواد أنفسهم، الباحثين عن موضع لهم فى مراكز الاهتمام: وماذا بعد «السيسى»؟ فلا تسمع إجابة.
دعونا نتفاهم بمنطق، إن كنا ما زلنا نملكه. ألا ترون أن اتفاق من يعادوننا على كراهية رئيس بلادكم وإعلانهم أن مشكلتهم معه هو شخصياً لا مع المصريين، ألا ترون فى ذلك مدعاة للتفكر فى أن الرجل الذى فقد حريته وتنازل عن أمنه واستقرار عائلته يوم تصدى للأمر يؤرق أعداء وطنك ولذا يعتبرونه مشكلة؟ ألا تدركون أن حفاظه على وطننا برؤية واضحة من الإرهاب -داخلى وخارجى- على مدى السنوات الثلاث الماضية شىء أربك خطط من خططوا لنا لنصير كدول انهارت حولنا؟ وأتوسل إليكم ألا تصدروا عنادكم وهوى نفوسكم وتتناسوا مصلحة وطن لم يبرح موضع المؤامرة ولم يفارق ساحة الحرب بعد حتى لو انتصر فى بعض المعارك. نعم نجحنا شعباً وجيشاً وقيادة فى صد عدوان ما زال يحاصرنا، أفلا ترون فى ذلك سبباً للهجوم على الرجل؟ عددوا ما شئتم من أخطاء ما زلنا نرتكبها واذكروا ما شئتم من أحلام لم نخطط لها ولكننا ما زلنا نملك وطناً آمناً نحلم ونخطط له ونسعى لتصحيح الخطأ فيه، وكلنا مسئول.
ألم تتابعوا تراجع الغرب عن إصراره فى إزاحة بشار الأسد الآن، وإرسال الغرب لوفوده لعقد تفاهمات معه فى مستقبل سوريا وتطبيع العلاقات معه؟ ألم تتابعوا نبأ زيارة رئيس المخابرات الإيطالية لسوريا يوم الجمعة، أو وفد البرلمان الأوروبى للقاء بشار أمس؟ وأسألكم طالبة الإجابة بضمير إن كان ما زال يقظاً لديكم: «هل تغير بشار الأسد بين يوم وليلة وتحول من إرهابى لرجل دولة تسعى له دول أوروبا؟ أم أن الغرب أدرك أن الرجل لن ينهار قبل أن يجر معه مصالحهم فسعوا لحمايتها؟».
أنقدوا «السيسى» وبصروه وأنيروا له الطريق ولكن لا تسمحوا لذواتكم أن تكون سلاحاً فى يد من يسعى لاغتيال وطنكم وأمنه وسعيه للاستقرار وسط بحر هائج من خطط ليس لنا فيها مصالح. لا تصدقوا من يتشدقون عن الحرية المفقودة وحقوق الإنسان الضائعة بيد الأمن بينما هم يستبيحون أمنكم وحقوقكم ووعيكم. لا تتساءلوا وما الفارق بين ما فعلناه وقت الإخوان وإصرارنا على دحرهم وبين ما نقول الآن، فالفارق بينهما هو الفارق بين «طز فى مصر» و«تحيا مصر». حكموا وعيكم وأصروا على حضوره مهما سعوا لتغييبكم، افهموا الواقع واسعوا لتغييره بعلم وعمل وخلق نفتقدها جميعاً. لا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة.
أخبرتنى أمى الروحية فريدة الشوباشى أنها حينما وقعت هزيمة يونيو 1967 سارعت للاستماع لإذاعات العالم لتكتشف أن جميعهم يهاجم الرئيس عبدالناصر، فسارعت لزوجها الراحل على الشوباشى، وهو الذى سُجن فى عهد عبدالناصر، طالبة الشرح فوجدته يبكى قائلاً: «يكررون ما فعلوه مع محمد على يا فريدة». لتخرج «فريدة» صارخة فى الشوارع رافضة تنحى الرئيس وتفقد جنينها وهى تسير بين الحشود، ولكنها لم تفقد وطناً.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع