فى مثل هذا اليوم 12 يوليو 1924م..
ولد مصطفى لطفي بن محمد لطفي المنفلوطي عام 1293هـ/ 1876م في مدينة منفلوط (محافظة أسيوط) بصعيد مصر، من أب مصري وأم تركية، وينتسب والده إلى أسرة مشهورة بالتقوى والعلم، فيها نبغ عدة قضاة شرعيون وعلماء وأدباء.
التحق بكُتاب القرية وحفظ القرآن الكريم كله وهو في التاسعة من عمره، ثم أرسله والده للدراسة في الجامع الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلدته.
درس المنفلوطي في الأزهر العلوم العربية والشرعية والتاريخية مدة عشر سنوات، وأثناء دراسته بدأت تتضح نزعته الأدبية فأقبل على كتب التراث يتزود منها مع تلقيه دروسه التقليدية.
تعرف -وهو شاب- على الإمام محمد عبده الذي كان ذائع الصيت نهاية القرن التاسع عشر في فهم الإسلام برؤية واعية، وبدأ يحضر حلقته بانتظام في الجامع الأزهر، واستمع إلى دروسه العميقة في الدين والأدب والسياسة والفكر.
وبعد وفاة محمد عبده (1905)، عاد المنفلوطي إلى بلدته وهو في أوائل الثلاثينيات من عمره، وبقي فيها عامين زاد فيهما حصيلته الأدبية وبدأ الكتابة والتأليف.
حرص المنفلوطي -وهو في مرحلة الدراسة الأزهرية- على الاهتمام أكثر بحفظ ودراسة دواوين الشعراء الكبار من أمثال: أبي تمام، والبحتري، والشريف الرضي، والمتنبي، إضافة إلى أدباء النثر من أمثال: ابن المقفع، والجاحظ، وابن عبد ربه، والأصفهاني، وابن خلدون، وغيرهم، وهو ما منحه أسلوبا خاصا متميزا، وذوقا فنيا رفيعا.
بدأت كتاباته تجد طريقها إلى النشر في مجلات تصدر في بعض الأقاليم، منها: "الفلاح" و"الهلال" و"الجامعة" و"العمدة".
وقد واظب بدءا من 1907 على الكتابة في صحيفة "المؤيد" الشهيرة تحت عنوان: "نظرات"، وهي المقالات التي جُمعت بعد ذلك في ثلاثة مجلدات بعنوان: "النظرات"، تناقش الأدب الاجتماعي والنقد والسياسة والإسلاميات، إضافة إلى مجموعة من القصص القصيرة.
والكتاب الثاني الشهير للمنفلوطي هو "العبرات" (وهو يتضمن تسع قصص، ثلاث منها ألفها هو وخمس عربها، وواحدة اقتبسها)، وقد طبع عام 1916.
بالإضافة إلى كتابيه السابقين ("النظرات" و"العبرات")، ترجم المنفلوطي عن الفرنسية رواية "في سبيل التاج"، وهي عبارة عن مأساة شعرية تمثيلية كتبها فرانسوا كوبيه، وهو أحد أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا، كما ترجم عنها رواية "بول وفرجيني" تحت عنوان "الفضيلة".
ومن ترجماته أيضا رواية "سيرانو دي برجراك" للكاتب الفرنسي أدموند روستان التي نشرها بعنوان "الشاعر"، ورواية "تحت ظلال الزيزفون" للأديب الفرنسي ألفونس كار ونشرها المنفلوطي بعنوان "مجدولين"، كما نشر ترجمة لرواية "غادة الكاميليا" للأديب الفرنسي ألكسندر دوماس.
ومن إصداراته "محاضرات المنفلوطي"، وهي مختارات من الشعر والأدب العربي القديم والحديث اختارها المنفلوطي وجمعها وطبعها لطلاب المدارس في تلك الفترة، وله كتاب آخر بعنوان "التراحم" يتحدث فيه عن صفة الرحمة وكيف أنها أبرز صفات الله سبحانه وتعالى.
وللأديب الكبير ديوان شعر يضم نحو 30 قصيدة من الشعر الفصيح، تغلب عليها نزعة التشاؤم والحزن التي رافقته طوال حياته.
اصيب مصطفى لطفي المنفلوطي بشلل بسيط قبل وفاته بنحو شهرين وثقل لسانه عدة أيام، لكنه أخفى مرضه عن أصدقائه ولم يذهب إلى الطبيب، وسرعان ما أصيب بتسمم بولي فقضى نحبه في صبيحة يوم عيد الأضحى ـ فى 12 يوليو/تموز 1924م...!!