الأقباط متحدون - الشهيدان.. أحمد وكرولس!
أخر تحديث ١٤:٥٠ | الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦ | ٨ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٩٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الشهيدان.. أحمد وكرولس!

حمدي رزق
حمدي رزق

طالت المهمة، والمشوار صعيب، والديابة ساكنة الجبل، ديابة واعرة فى جبل واعر، شهداء معركة التحرير الثانى لسيناء صعدوا إلى السماء فداء، وكما ارتوى التراب الطاهر فى معركة التحرير الأولى (أكتوبر 73) بالدم المصرى جميعا، مسلمين ومسيحيين فى آية من آيات الوطن، تتعانق أرواح الشهداء فى معركة التحرير الثانية (ما بعد 30 يونيو).

لله در شبابنا فى موتهم قد سابقونا للجنان وشمروا، أمام الشهادة لا فارق بين مسلم ومسيحى، ما لم تفرقه الحياة لا يفرقه الموت فى سبيل الوطن، نزف إلى السماء محتسبين العميد أحمد كمال محمود، وجندى مجند كرولس وهيب فهمى.

تفجير «المدرعة» لم يفرق بين الأحباب، وجيش مصر مؤلف من كل المصريين، كلنا جنود، وضريبة الوطن يدفعها عن طيب خاطر المصريون جميعا، المشهد فى تجليه آية، والشهيد عميد وجندى مجند، لا العميد تخفى وراء الجندى، ولا الجندى فارق العميد، كلاهما فى مقدمة الرهط، فى سيناء الكل فى واحد، ولولا هذه الروح النابضة بالوطنية، المخلصة للقضية، الجوادة بالنفس كريمة، لكان للمعركة شكل آخر.

دماء الشهداء تحرر الأرض التى تمكن منها الإرهابيون فى عام الإخوان الكئيب، ولولا هذه التضحيات لكانت ضاعت الحدود الشرقية من بين أيدينا ونحن عنها غافلون، المخطط الإخوانى كان خطيرا، وسلخ سلخة من أرض سيناء لإقامة إمارة «داعشية» كان قاب قوسين أو أدنى، وعلى عين من الإخوان وبتمويل منهم، استقدموا فى عام واحد آلاف الإرهابيين، واستوطنوهم، جعلوا من سيناء مرفأ لكل الدواعش الهائمين على وجوههم فى الأرض، وكأنه الوطن الموعود، وعد مرسى كما كان وعد بلفور!.

تطهير سيناء التى سكنها الدواعش يحتاج إلى وقت وصبر وطول بال، وما يجرى هناك على الأرض جراحة دقيقة، الدواعش يتحصنون بالدروع البشرية، ويرهبون القبائل، ويقتلون المشايخ، ويخطفون الأطفال والنساء، ويشنون حرب عصابات خاطفة، يفخخون المدقات، ويفجرون المعسكرات، ويهاجمون الكمائن بأسلحة ثقيلة وفرها الخائن «مرسى» الذى يجب أن يحاكم على تشكيل هذا الجيش ضد جيش الوطن، خيانة مرسى للوطن وتوطينه الإرهابيين فى سيناء أخطر من تسريبه وثائق الدولة المصرية إلى الاستخبارات القطرية، هذه خيانة وتلك خيانة أشد، خونة الأوطان.

أولادنا فى سيناء ليسوا فى نزهة خلوية، وكل منهم يتشهد إذا أقبل المساء وأرخى سدوله، وإذا أصبح الصباح، وما الإصباح منك بأمثل، زادهم وزوادهم الشهادة فى حب الوطن، لا يفترق فى حب الشهادة عميد عن جندى، مسلم أو مسيحى، تفجير المدرعة الأخير يفجر فينا كل ما كنا نسيناه من معنى أن الكل فى واحد.

صندوق كرولس وهيب جنب صندوق أحمد كمال، مواكب الشهداء تؤذن عليها المساجد عاليا وتدق لها أجراس الكنائس، تزفها، صعد أحمد وكرولس إلى السماء معا، كما خدما معا، تقاسما اللقمة، وشربة الماء، ونومة فى الخلاء، وواجبا يؤديانه قربى إلى الوطن، من ذا الذى يفرق بينهما فى الشهادة، وهذا شهيد وهذا قتيل، أتوزعون صكوك الشهادة على الهوية؟!

توقفت لبرهة وأنا أطالع أسماء شهداء المدرعة، وفاض الدمع منى، يا رب كما جمعت المسلمين والمسيحيين فى هذا الوطن على الحب، جمعت بين أحمد وكرولس فى الموت، ألا يخجل مشعلو الفتنة؟ ألا يستحى المرجفون؟ ألا يتعظ العاملون على شق الصف، مصر لا تقبل القسمة أبدا على اثنين، مسلم ومسيحى، مصر لكل المصريين.

فى مصر التى أعرفها الكنيسة قبالة المسجد، والمئذنة فى عناق مع المنارة، والشيخ فى وصال مع القسيس، وبيوت المصريين عمار بالحب، شهادة كرولس بين ذراعى الشهيد أحمد، شهادة لمن ألقى السمع وهو شهيد على لحمة هذا الوطن، وما جمعه الله لا يفرقه كهان الفتنة والفرقة، ومهما أطلقوا من فتاوى لا تخترق درعا، ولا تصيب هدفا، خابت سهامهم، طوبى للشهداء.
نقلا عن المصرى اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع