الأقباط متحدون - على أى أساس تُبنى علاقات الدول؟
أخر تحديث ١٤:٥٤ | الجمعة ١٥ يوليو ٢٠١٦ | ٨ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٩٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

على أى أساس تُبنى علاقات الدول؟

د. عماد جاد
د. عماد جاد

تُبنى العلاقات بين الدول على أساس المصلحة، لا حب ولا كره فى العلاقات الدولية، بل مصالح، لا عداء دائم ولا صداقة مستمرة، بل مصالح متقلبة، وحسب وجهة المصلحة تكون العلاقة. فى عالمنا العربى يتحدثون كثيراً عن رابطة الدين واللغة، وهى روابط تنتمى لما يسمى «عوامل الانقسام الأولى» أى التى يولد بها الإنسان ولا دخل له فى اختيارها، ويرون أن وجود هذه الروابط يمثل أساساً قوياً للتعاون والتحالف، هذا القول ينتمى إلى حقب تاريخية غابرة، إضافة إلى أن هذه الأسس المشتركة تمثل بالفعل أساساً يمكن البناء عليه ولا تُعد فى حد ذاتها عناصر كافية للتعاون، بل لا تضمن حتى التعاون ولا تمنع الخلاف ولا الصدام وربما الحرب أيضاً، فما لم تكن هذه العناصر مصحوبة بمصالح مشتركة فلن يكون هناك أساس للتعاون بين الدول المعنية.

يحلو لنا فى العالم العربى التغنى بالعروبة والمجد التليد، وواقعياً لا نجد صدى لذلك، بل إن علاقات كثير من الدول العربية مع بعضها البعض تتسم بالتوتر الشديد، بعضها خاض حروباً ومعارك بشكل مباشر وغير مباشر، منها من يتآمر على غيره وينفق أموالاً طائلة لزعزعة الاستقرار فى دولة عربية أخرى، منها من يقيم علاقات حميمة مع دول جوار غير عربية على حساب دول عربية، يعملون وفق مصالحهم الضيقة، يتآمرون على بعضهم البعض، ولا يتوقفون عن الحديث عن الوشائج المشتركة.

المشكلة الحقيقية أن هذا التشويه الفكرى والثقافى انتقل من النخبة إلى الشارع، من الحكام إلى الرأى العام، فقد خدعوا العامة بالحديث عن رابطة الدين واللغة وكذبوا عليهم فى الحديث عن العرق، فليس كل قاطنى الدول العربية من العرق العربى السامى، هناك عشرات الأعراق غير العربية ومنها العرق المصرى الحامى، والفينيقى الأمازيغى وغيرهما. ونتيجة هذا الخلط والتشوه يحدث ما نراه من تناقض بين شبكة العلاقات المبنية على المصالح الحقيقية والشعارات الخادعة التى يطرحها البعض. خذ على سبيل المثال زيارة وزير الخارجية سامح شكرى إلى إسرائيل، فهى زيارة مهمة ومدنية على أساس من مصالح متبادلة بين البلدين، والعلاقة على هذا النحو بها مصالح ضخمة لمصر، فبدون التنسيق مع إسرائيل ما أمكن محاربة الإرهاب فى شمال سيناء، كما أن هنالك مجالات عديدة للتعاون الواقعى بين البلدين، وهناك وجود قوى لإسرائيل فى شرق أفريقيا وفى دول منابع نهر النيل.. باختصار، هناك مصالح ضخمة لمصر فى العلاقة مع إسرائيل، الأمر الذى جعل زيارة وزير الخارجية المصرى مهمة وضرورية، وهى الزيارة التى استنكرها البعض واعتبرها نوعاً من الخيانة تستوجب مساءلة الوزير فى مجلس النواب، وهى طريقة تفكير قاصرة عاجزة مزدوجة، فعلاً.. قلت إن الدول تُبنى على المصالح، ومصالح مصر ضخمة فى العلاقة مع إسرائيل، وهو ما يتطلب منا نشر الفكر العقلانى الواقعى والكف عن طرح شعارات براقة لا قيمة ولا وزن لها فى عالم التفاعلات الإقليمية والدولية وفى مواجهة حسابات الدول لمصالحها. علاقات المصالح هى التى جعلت إيران (الشيعية) تمد أرمينيا (المسيحية الأرثوذكسية) بالسلاح الروسى لمحاربة أذربيجان (الشيعية). ولولا الدور الإيرانى فى نقل السلاح الروسى لكان وضع أرمينيا (الدولة الحبيسة التى لا تطل على بحار أو محيطات) حرجاً للغاية فى مواجهة أذربيجان. أيضاً نتوقف أمام الشكر الذى قدمته إثيوبيا لثلاث دول على دورها فى تمويل ودعم بناء سند النهضة الذى يمثل مشكلة حقيقية لمصر، فقد وجهت الشكر إلى الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية!!!
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع