سائق الشاحنة التونسى المسلم يعرف أن فرنسا بها خمسة ملايين مسلم بنت لهم فرنسا أو خصّصت 2260 مسجداً من أموال دافعى الضرائب الفرنسيين، لأنها لا تُفرّق بين مواطنيها على أساس الدين، من ضمن هذه المساجد 60 مسجداً بمآذن، رغم أن سويسرا الدولة المجاورة تمنع المآذن، هذا السائق التونسى المسلم يعرف أن «أولاند» عندما نجح فى الانتخابات كان معه ثلاثة وزراء مسلمين، أول هؤلاء الوزراء «نجاة فالو بلقاسم»؛ وهى من أصل مغربى، وكانت مستشارة «أولاند» فى حملته الانتخابية، وبعدها صارت الوزيرة المسئولة عن حقوق المرأة، والمتحدثة الرسمية باسم الحكومة كذلك، أما «يمينة بينجوى»؛ فهى جزائرية الأصل، وحصلت على منصب وزيرة الفرنسيين فى الخارج،
والوزير الثالث هو «قادر عريف»، وهو جزائرى الأصل، هذا السائق يعرف أن دستور فرنسا مكتوب فيه أنها دولة علمانية تحترم جميع الأديان، رغم أنه يعرف كل هذه المعلومات، ويعرف أن بلده الأصلى الذى يكتسح فيه التيار الإسلامى، كل سكانه ومعهم كل سكان البلاد الإسلامية من الصومال حتى أفغانستان يتوقون ويتحرّقون شوقاً للهجرة إلى ذلك البلد العلمانى، حيث قيم الحرية والعدل والمساواة التى حقّقتها ثورة الرابع عشر من يوليو عندما سقط الباستيل، وسقطت معه سطوة الكنيسة والإقطاع والملكية، هذا السائق المخدّر بأوهام الفرقة الناجية، المغيّب بأفكار الولاء والبراء، دهس بشاحنته أفكار جان جاك روسو وفولتير، كان يدهس بكل غل وحقد النور والجمال والفن، كان يدوس بنزين دون كوابح أو فرامل فرحاً مبتهجاً بكل شبق لذة الانتقام وشهوة الكراهية التى رضعها فى دروس مساجد الوهابية فى فرنسا، ولقّنت له من خلال الكتب الصفراء التى تحكى له عن الحور العين التى سيجامعها فى الجنة لقاء عمله البطولى وجهاده الأسطورى، وتقص عليه قصص الذبح والقتل والسحل وسحق الجماجم وتقطيع الأطراف وشوى الرؤوس وقطع الألسنة وبتر الأيدى وحرق العدو وسبى الأسيرة.. إلخ، ماذا تنتظرون من حانق غاضب كاره حاقد؟!،
ضبطت موجات توتره على رادار عداء وكراهية الآخر المختلف، تربّى على أن ذنوبه سيحملها عنه النصرانى واليهودى يوم القيامة، اقتنع تمام الاقتناع بأن من واجبه غزو أوروبا وأمريكا والجهاد فى سبيل نشر دعوته هناك ثم فرض الجزية عليهم أو قتلهم، ماذا تنتظرون ممن تربى هذه التربية ولُقّن هذا التلقين ورضع كل تلك الكراهية؟، بالطبع سيتحول إلى قنبلة موقوتة ولغم بشرى يُدمّر كل من يختلف مع قناعاته المتصلبة وحفريات أفكاره المتكلسة، كتبت من قبل متى يتصالح المسلمون مع العالم، ومع الحداثة، ومع الحضارة المعاصرة؟، ومتى يتخلصون من تلك الحشرية فى شئون الآخرين ووسواس هداية العالم الذى يتلبسهم كالعفريت؟!، متى يقتنعون بأنهم مجرد جزء من هذا العالم الأرضى، وليسوا كل هذا العالم، متى يكفون عن احتكار السماء وتأميمها لصالحهم؟!، أسئلة لا بد أن تُحسم حتى لا نصبح طاعون العصر الحديث.
نقلا عن الوطن