الأقباط متحدون - الحَاكِمُ الظَّالِمُ
أخر تحديث ٢٣:٤٧ | السبت ٢٣ يوليو ٢٠١٦ | ١٦ أبيب ١٧٣٢ش | العدد ٣٩٩٨ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

الحَاكِمُ الظَّالِمُ

الحَاكِمُ الظَّالِمُ
الحَاكِمُ الظَّالِمُ

القمص اثناسيوس جورج
كان بيلاطس حاكمًا ظالمًا، فحينما قدموا إليه القدوس والبار ليحاكمه. هادَنَ اليهود ورضخ لمراضاتهم ومنافقتهم، واتبع غَيَّهم الشرير وظُلمهم؛ خوفًا من أن يبطشوا به. اِدَّعوا كذبًا بأن المسيح فاعل شر؛ ثم غيَّروا اِدعاءهم بأنه مجرم يستحق الصلب. اِدّعوا كذبًا أنه يفسد الأمة وأنه يمنع دفع الجزية لقيصر؛ وأنه يدَّعي بأنه ملك.

حاول بيلاطس أن ينقل القضية إلى هيرودس، وتارة أخرى أن يُجرﻱ مع اليهود صفقة سياسية بأن يطلق لهم براباس؛ إذ أنه كان واثقًا من براءة السيد، ومع هذا فقد حكم ضد ضميره؛ إذ وجد أن براءة المسيح تساوﻱ كرسي منصبه. أطلق براباس اللص وسلّم يسوع لمشيئتهم، فاستبدلوا البار برجل قاتل ورئيس الحياة قتلوه؛ لأنهم كانوا قد عرفوا نقاط الضعف في سياسة الحاكم؛ واستخدموها لحساب دسائسهم وكيدهم فأكملوا مكيال فجورهم.

كذلك لم يسمع بيلاطس لصوت كلوديا زوجته (إياك وذاك البار) إضافة أنه لم يجد شكاية ضده، وأنهم سلموه حسدًا وأن فمه لم يوجد به غش، بل أن بيلاطس نفسه شهد قائلاً (لست أجد فيه علة) ليس فيه علة واحدة وها لا شيء يستحق الموت صنعه، إنه برﻱء (إني برﻱء من دم هذا البار)؛ بالرغم من هذا كله حكم عليه حكمًا ظالمًا بالصلب.

فجاء حُكْمه ظالمًا كاذبًا من غير أساس قانوني، حُكْم افتراء وتواطؤ، أصاب من أصدره باللعنة في بيته وسيرته بسبب فساد ذمته وسقوط دعواه في تلفيقه. ولقد استبق حكمه الجائر هذا بمقولته للمشتكين عليه (أنا أؤدبه وأطلقه)؛ فأﻱ أدب هذا يا بيلاطس؛ ما دام المتهم بارًا وبريئًا ولا شكاية عليه.

إن هذه هي سُنَّة المحققين المفسدين والقضاة الظلمة الذين لا يخشون الله ولا الضمير، عندما ينوون تعويج القضاء والتدليس على الضمير وطمس العدالة فينطقون بالأحكام الظالمة، يبرِّرون المذنب ويذنِّبون البرﻱء. وهكذا بتسييس القضايا وضغوط المتربصين يضيع الحق، وقضية السيد المسيح شهدت تخاذل القضاة وضعفهم أمام شراسة وهمجية العامة.

فكل حُكم يُضار فيه مظلوم أو مضطهَد؛ يُعتبَر بحد ذاته جريمة توضع فيها العدالة في قفص الاتهام، وينقلب به الحق زورًا والزور حقًا. لكن الحاكم الديان العادل لا يحرِّف حق المظلوم في دعواه ولا يقبل قتل البرﻱء؛ ولا يبرر المذنب وسفاك الدماء؛ بل يقضي قضاء الحق والإحسان والرحمة. وهو الذﻱ أوصانا أن لا نخاف خوفهم البتة، ولا نخاف من الذين يقتلون الجسد، بل نعترف الاعتراف الحسن؛ لأن هذه هي دعوتنا ولهذا وُلِدنا، ولا سلطان لأحد علينا ما لم يكن قد أُعطي من فوق.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter