الأقباط متحدون - خيبة طائفية
أخر تحديث ١٨:١٣ | الاثنين ٢٥ يوليو ٢٠١٦ | أبيب ١٧٣٢ش ١٨ | العدد ٤٠٠٠ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

خيبة طائفية

نشوى الحوفى
نشوى الحوفى

مع احترامى لجميع إخوتى فى وطن لا نملك إلا ستر ترابه أحياء وأمواتاً، فإن ما بتنا نعانيه فى مناطق متفرقة، خاصة فيما اصطُلح مؤخراً على تسميته سخرية بـ«جمهورية المنيا الإسلامية»، لا علاقة له بدين أو فكر. فما تتعرض له بلادى من خيبة طائفية بين الحين والآخر سببه يا سادة بوضوح غياب إرادة الإدارة فى تطبيق القانون على أى مخطئ أياً كانت مكانته الاجتماعية أو السياسية أو خلفيته الدينية أو الفكرية. وتلك مسئولية الرئيس والحكومة ومجلس النواب.

فمن حادثة الست سعاد التى عرّاها الجهل وأساءت لها البلطجة، لحادثة قرية أبويعقوب وما حدث بها من خناقة «عيال» انتهت باقتتال الكبار، إلى حادثة شاب قرية إدمو الذى قرر الاستظراف وخلع ملابسه للسباحة فى الترعة بينما فتاة تغسل بمياهها الملابس، لشائعة تحويل منزل إلى كنيسة للصلاة فى بنى سويف، يتضح لك حجم التراجع الخلقى والفكرى بل والعقلى فى وطننا وتدرك غياب الإدارة الحاضرة فى قلب الوطن لتستشعر الأزمة قبل حدوثها وتحتويها فى حال انفجارها. والأهم من كل ذلك استمرار اعتمادنا على لقطات ذات الصورة التى خضنا بها كفاحنا ضد المستعمر الإنجليزى والملخصة فى قس وشيخ يسيران جنباً إلى جنب يبتسمان فى هدوء للكاميرات ويمثلان دور المتوادين بينما «اللى فى القلب فى القلب يا كنيسة». لتنتهى أزمة وتبدأ أزمة بينما العلة قائمة والسرطان يستشرى فى الجسد بتمويل الريالات والجهل وغياب الضمائر.

نعم، يصر الرئيس فى أحاديثه على تكريس دولة القانون ومحاسبة المخطئ بمن فيهم ذاته، والدعوة لتجديد الخطاب الدينى والارتقاء بمفاهيمه. ولكن القضية لن تعالج بالأحاديث والأمنيات ولكن بالحسم الحقيقى فى تطوير منظومة قضاء لم يعد خافياً، ومنذ سنوات مضت، تعرضها للشيخوخة وتراجع الأدوات وانتهاء صلاحية المواد المستخدمة لنشر العدالة بين الناس. كما أن تجديد الخطاب الدينى لن يحدث من قبَل مشايخ أدمنوا ممارسة سلطان الدين على رقاب العباد أياً كان مذهبهم ومعتقدهم الذى يؤمنون به. ولذا نحن بحاجة لوقفة حاسمة نفتقدها من مجلس تشريعى غابت عنه أولوياته بين نائب الختان ونائبة التعدى على الأمن. ومن حكومة تنتظر توجيهات الرئيس ورؤيته. إذاً المسئولية بيد الرئيس شئنا أم أبينا لحماية أمن أهلى وبلادى.

وبغضّ النظر عن فكرة هذا مسيحى وذاك مسلم، حيث إننى من المؤمنين بأن هويتى تسبق عقيدتى كما كان النبى محمد القرشى العربى، دعونى أسألكم جميعاً عن مشاعركم حين تضيع منكم حقوق إذا ما تقاعست إدارة الدولة عن حمايتها. هل من العدالة فى أى مكان صرف 16 متهماً فى جريمة تعد يجب أن يأخذ فيها القانون مجراه لمجرد عقد جلسة صلح بقيادة ما سميتموه ببيت العائلة؟ تلك ثقافة المصاطب لا ثقافة الدول. فماذا نحن فاعلون فى مستقبل وطن نعلم علم اليقين أن ما يحدث به وحوله تقوده نار الفتن الطائفية شئنا أم أبينا؟ ماذا سنفعل فى موروثات الجهل والتطرف وغياب الرؤية الحقيقية لروح الدين وسيطرة النزعة القبلية؟ ماذا سنفعل لمواجهة ترسخ مفاهيم إنهاء الأزمات بثلاثية الأمن والكنيسة والأزهر بينما القانون غائب؟

يا سادة، أؤمن بأن خلافات الناس لا يسببها الدين، ولكن يُشعلها جهل التدين الزائف أو المُمول، ولنا فى جنوب السودان أسوة حسنة. فالجنوب المسيحى الشاكى لسنوات من ظلم الشمال المسلم الظالم لم ينعم بالاستقرار بعد الانفصال كما أوهموه، بل ما زال يعانى خلافات الجهل والتعصب والقبلية فبات الجنوب المسيحى بقيادة سيلفا كير يقتتل مع الجنوب المسيحى بقيادة ريك مشار وسط أنصار من كل طرف لا يحملون الدين بقدر ما يحملون السلاح. ولذا فمسئولية الدولة ورئيسها ومجلس تشريعها ومؤسسات الأمن والتعليم والثقافة والإعلام تطبيق القانون. وترسيخ مبدأ «دينى لنفسى ودين الناس للناس».
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع