«الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها»، لكنها فى مصر لا تنام هذه الأيام، لأن الجميع تكالبوا على إيقاظها مع سبق الإصرار والترصد.. أقصد بالطبع الفتنة الطائفية، التى ترعاها حكومات وأنظمة متعاقبة بإصرار مريب على منع بناء دور العبادة المسيحية، وتعطيل مشروع قانون بناء الكنائس الذى ما زال حائراً يتنقل بين أدراج مكاتب الوزراء منذ سنوات.
الفتنة لا تنام، لأن هناك «لهو خفى» فى الدولة المصرية لا نعرفه، يقف بالمرصاد ليعرقل إصدار قانون يسمح بحرية بناء الكنائس، بالضوابط نفسها التى تحكم بناء المساجد.
الفتنة لا تنام لأن موروثاً «دخيلاً» على الثقافة المصرية غزا عقول وقلوب بعض المصريين مقبلاً من صحراء الوهابية، ليسمم العلاقة التاريخية بين مسلمى مصر وأقباطها، التى ظلت جيدة منذ قدوم جيش عمرو بن العاص لفتح مصر فى القرن السابع الميلادى باستثناءات محدودة.
الفتنة لا تنام لأن جهلاء السبعينات وما بعدها من شيوخ متطرفين، زرعوا فى قلوب وعقول العامة أن «النصارى» لا يحق لهم أن يبنوا كنائس فى دار الإسلام.. عن أى إسلام تتحدثون يا جهلاء العصر وكل عصر.. أفلا تتدبرون القرآن أم على قلوبكم أقفالها، هؤلاء جعلوا مفكراً إسلامياً كبيراً كالشيخ محمد الغزالى يقول فى مؤتمر حاشد بنقابة المهندسين عام 1994 إن الأمة الإسلامية أصبحت «أمة مغفلة»، لأنها ابتليت بهؤلاء المتعصبين الذين أصابهم «عمى الألوان»، فاعتبروا شركاء الوطن أعداء، وما لهم به من علم.. أوَلم يقرأوا قوله تعالى «ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا، الذين قالوا إنا نصارى»، ثم من قال إن التصدى لبناء كنيسة أو تحويل مسيحى منزله لتقام فيه الصلوات، هو نصرة للإسلام.. ليس هناك شك فى أن من يفعل ذلك يرتكب جريمة فى حق الإسلام ورسوله الكريم، الذى أوصى المسلمين فى كل مكان وزمان بمصر خيراً، وقال إن فيها خير أجناد الأرض وأن أهلها فى رباط إلى يوم الدين.. وهناك أحاديث نبوية أخرى تبشر من يعتدى على «الذميين»، فعندما تأتى حضرتك بمفاهيمك المغلوطة وتعتدى على جارك القبطى فأنت ببساطة تعتدى على الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، وتوقظ الفتنة النائمة بين أبناء الوطن الواحد وبالتالى تصبح من الملعونين»، والملعون هو المطرود من رحمة الله بإجماع الفقهاء.
فيا كل من يروج بالقول أو يحرض أو يشارك فى إشعال أحداث تهدد وحدة وطنك.. أنت ملعون فى الدنيا والآخرة إن لم تثب إلى رشدك.
نقلا عن الوطن