بقلم منير بشاى
لا يكاد يمر يوم دون ان يحدث اعتداء ارهابى على أقباط الصعيد وخاصة فى محافظة المنيا. هذه الاعتداءات تستهدف ارواحهم وكنائسهم وبيوتهم ومتاجرهم بالاضافة الى تحصيل الاتاوات وخطف البنات والاستيلاء على الاراضى والممتلكات. يحدث هذا بينما تتصرف الدولة وكأن هذا يحدث فى بلد غير مصر، وكأن المتضررين غير مصريين. وبدلا من التصدى لما يحدث، وجدنا الدولة تلجأ الى الطريق الأسهل، وهو الظهور باكثر من وجه طبقا لمتطلبات الساعة. من هذه:
الانكار
اسهل الطرق امام الدولة هو الانكار التام لوجود فتنة طائفية. وبدلا من هذا يتم افتراض اسباب غير حقيقية مثل القول انه عراك شخصى بين أفراد او نزاع بين عائلات. ثم يقولون ان هذا شىء عادى يمكن ان يحدث بين مسيحى ومسيحى او بين مسلم ومسلم. ثم نسمع الكلمات الجميلة عن تماسك النسيج الوطنى الواحد وكيف ان المسيحى والمسلم يحبون بعضهم البعض (موت) ويجاملون بعضهم فى الافراح والاتراح. وهى صورة قد تكون موجودة فى بعض الحالات ولكنها ليست عامة بأى حال من الاحوال.
اللامبالاة
وقد يكون هناك اعتراف بوجود مشكلة ولكن معها يكون شعور باللامبالاة. وهذا قد يكون ناتجا عن أسباب كثيرة منها: 1- الاقتناع ان الاقباط اقلية مسالمة وأن اهمال مشاكلهم لن يسبب للدولة اى مشاكل. 2- الاقتناع ان الاقباط يحبون الرئيس ويكنّون له العرفان بالجميل لازاحته نظام الاخوان وأنهم لن يغضبوا ولن يعترضوا سواء فى الداخل او الخارج. والاقباط فعلا يحبون الرئيس السيسى ويقدرون ما فعله ولكن للصبر حدود. 3- الاعتقاد ان انصاف الاقباط سيستفز المتطرفين ولذلك لا تمانع الدولة من التضحية بالمسيحيين لأنهم الطرف الأضعف.
العجز
وقد يكون مع الاقرار بوجود مشكلة احساس بالعجز فى التصدى لها لأسباب منها: 1- ان التيار الاسلامى اعنف من امكانية الدولة مواجهته والسيطرة عليه. 2 - ان التيار الاسلامى يعتمد فى تبرير عنفه على مبادىء دينية ليس من السهل على الدولة رفضها.
التواطؤ
التواطؤ يحدث اذا اصبح النظام متبنيا لنفس ايدلوجية المتطرفين الدينية. ونحن مع انزعاجنا الشديد لما نراه من الصمت المريب، نحب ان نعتقد ان الرئاسة بعيدة عن هذه الشبهة. ولكن لا نستطيع ان نؤكد هذا خاصة بالنسبة لمن يمثلون الدولة فى المحليات. لقد صار مؤكدا وجود عناصر متطرفة ضمن قوات الامن فى وزارة الداخلية او ضمن المسئولين انفسهم بداية بعمدة القرية او مامور القسم او مديرى الامن او حتى المحافظين.
الظلم
وهذا يحدث عندما تلجأ الدولة الى اساليب يتم عن طريقها اجهاض العدالة وحرمان المجنى عليه من أبسط حقوقه فى الحماية والقصاص من المعتدين. من هذه الاساليب الافراج عن الجانى بحجة المرض النفسى. بل ويمكن ان يصل الامر الى تحويل الضحية الى جانى عن طريق خلق جريمة يتم اتهامه بها مثل اتهام مسيحيين بحرق منازل مسلمين او تلبيسهم قضية حيازة أسلحة. وبعد ذلك تستخدم هذا كوسيلة للضغط على المسيحيين لقبول الصلح العرفى وترك حقوقهم.
واضح ان الامور ستسير من سيىء الى اسوأ ما لم تاخذ الدولة خطوات جادة لعلاج الموقف منها:
1- محاسبة المتسببين فى الحوادث والمتواطئين عليها واقالة من ثبت فشلهم من المسئولين.
2- تأكييد مدنية الدولة وان معيار المواطنة وليس الدين هو اساس الحكم بين المواطنين. وان دور العبادة جميعا لها قدسيتها وتخضع لنفس الاجراءات.
3- تأكييد دولة القانون الذى لا تحل فيه الجلسات العرفية محل القانون والذى لا يكون فيها مكان للبلطجة وفرض الارهاب بدلا من ابلاغ السلطات فى حالة وجود محاولات لخرق القانون.
4- رفض مبدأ التهجير القسرى لأى انسان من موطنه مهما كانت الاسباب، وكذلك ورفض مبدأ العقاب الجماعى. اى مخطىء يعاقب على جريمته ولكن لا يتحمل غيره وزر ذنبه.
5- بث برامج اعلامية للتوعية بحقوق المواطنين وواجباتهم ومسئولياتهم ازاء الوطن وازاء غيرهم من المواطنين. وتوعية المواطنين ببنود القانون التى تجرّم الاعتداء على الغير وتعريفهم بأنه لن يكون هناك تهاون فى تنفيذها.
سيادة الرئيس: لقد بلغ السيل الزبى. كنا كأقباط نأمل الكثير بعد ثورتين. كنا ننتظر المعاملة بالمساواة كمواطنين شركاء فى هذا الوطن. وعوضا عن هذا فقدنا الكثير من الحقوق، وصبرنا وما زلنا نصبر، ولكن للصبر حدود. من الواضح اننا لن نستطيع ان نصبر على الحرمان من الحد الادنى فى حق الحياة الآمنة داخل بيوتنا. ولا نظنك ترضى ان يعيش شعبك دون هذا الحق.
Mounir.bishay@sbcglobal.net