بقلم : خالد منتصر | الاثنين ٢٥ يوليو ٢٠١٦ -
٣٦:
١٠ م +02:00 EET
خالد منتصر
قراءة الأديب البرازيلى باولو كويلو متعة فنية وعقلية أيضاً، فأنت معه لا تقرأ عملاً روائياً فقط، لكنك تقرأ رؤية فلسفية عميقة، ولا تقتصر هذه الرؤية على الروايات والقصص، لكن على المقالات أيضاً، لا أنسى له مقالة ضمنها حكاية أبطالها الجد والحفيد والقلم الرصاص، سأحكيها لكم بتصرّف من خلال قراءتى وإحساسى الخاص الذى أرجو أن تشاركونى فيه بهذا الرائع الجميل، الذى أرجو ألا يكون خيانة للنص الأصلى، يحكى «كويلو» أن الحفيد تسلل إلى حجرة الجد، فوجده مستغرقاً فى الكتابة بقلم رصاص، فسأله هل تكتب قصة عنى يا جدى؟، فقال له الجد: نعم أكتب عنك، لكن القلم الذى أكتب به هو أصدق من تلك الكلمات، أريدك أن تكون مثل هذا القلم عندما تكبر، وعندما اندهش الحفيد، وتساءل عن العلاقة بينه وبين القلم الرصاص، شرح له الجد أن هناك خمس مزايا فى هذا القلم إن اتبعها الحفيد سيعيش فى سلام مع هذا العالم.
الميزة الأولى: تستطيع أن تفعل أشياءً كثيرة وتكتب وتُخطط وترسم مثل هذا القلم، لكن تذكّر دائماً أن هناك يداً تُرشدك وتدلك، هذه اليد اسمها الله.
الثانية: بين وقت وآخر، علىّ أن أتوقف عن الكتابة وأستخدم المبراة، يدور القلم فى المبراة ويتقلّص رويداً رويداً، بالطبع يتألم، لكنه فى نهاية المطاف يُصبح مشحوذاً ليكتب ويعمل بشكل أفضل، تعلّم منه كيف تتحمّل بعض الآلام، لأنها ستجعل منك شخصاً أفضل.
الثالثة: القلم الرصاص مختلف عن باقى أنواع وأصناف الأقلام، فهو يسمح لنا باستخدام أستيكة، ممحاة لمحو أخطائنا ومسحها وإزالتها، ثم الكتابة من جديد، تعلم يا حفيدى العزيز أن تصحيح شىء قُمنا به ليس بالضرورة سيئاً، تعديل فعل أو سلوك ومراجعته ليس جريمة، اشطب وامسح وامحُ، لا تخشَ ولا تخف ولا يتملكك إحساس الذنب، المحو أحياناً يكون مهماً لإبقائنا على طريق العدالة والصواب.
الرابعة: أهم ما فى القلم الرصاص ليس شكله الخارجى، ليست ألوانه الزاهية، ليس الخشب، ليس الطلاء، ليس الشكل الأسطوانى الانسيابى الرشيق، بل المهم هو الجرافيت الداخلى الذى يمثل صلب وعمود القلم، لذلك أنصحك يا حفيدى العزيز بأن تعتنى دائماً بما يحدث فى داخلك.
الخامسة: الميزة الأخيرة التى لا بد أن نتعلمها ونحسها من ومع القلم الرصاص، والتى سأردّدها دائماً أمامك حفيدى الجميل، اترك علامة دائماً كما يترك القلم بصمته على الورق، لا تجعل حياتك تمر هكذا دون علامات، بل اعلم أن كل ما ستفعله فى الحياة سيترك أثراً، لذلك اجتهد لأن تكون واعياً لكل أفعالك وتصرفاتك.
درس من باولو كويلو لمن يريد أن تمر حياته دون ألم، دون بصمات وعلامات، دون أن ينظر إلى داخله ببصيرة ثاقبة ورغبة حارقة تشتاق إلى التغيير، كن كالقلم الرصاص تكتب وتتألم وتقبل التعديل، لتترك علامة وأثراً على درب الحياة، لا يهم مدى خلود هذا الأثر، المهم أنك قد تركته، وثق بأن الدرب لن ينساك، وتأكد أنك لن تسقط من ذاكرة الطريق.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع