إيه قصة محافظ الإسكندرية المهندس محمد عبدالظاهر، مع وزير التنمية المحلية الدكتور أحمد زكى بدر؟. المحافظ اتهم الوزير علناً بتسهيل مهمة رجل أعمال فى الاستيلاء على أرض مملوكة للدولة. وأضاف أن أراضى محافظة الإسكندرية كلها منهوبة، ولو تمت استعادتها لصارت مصر أغنى دولة فى العالم. وأكد أن أراضى الدولة المنهوبة تقدر بـ100 مليار جنيه، من جانبه أنكر الوزير هذه الاتهامات، ونفى وجود شبهة فى بيع هذه القطعة لأحد المستثمرين، وأكد أن كل الوثائق الرسمية تشير إلى تملك المستثمر لها بطرق شرعية!.
هذه المسألة يحسمها القضاء، فلا يعقل أن يمر الأمر هكذا دون تحقيق، فإذا كان كلام المحافظ صحيحاً فلابد من رد مال الدولة، وإن كان كلامه خاطئاً فمن الضرورى محاسبته، بنفس التهمة التى سبق وحوسب بها المستشار هشام جنينة، حين تحدث عن أرقام الفساد، فقد أشار المحافظ إلى أن أراضى الدولة المنهوبة تقدر بـ100 مليار جنيه، وهو مبلغ قادر على إنعاش الاقتصاد المصرى، وسد نسبة كبيرة من العجز فى الموازنة الذى تشتكى منه الحكومة ليل نهار، ولست أدرى ما موقف لجنة استرداد أراضى الدولة التى يترأسها المهندس إبراهيم محلب منه؟. فمن المؤكد أن لديه بيانات دقيقة حول هذا الموضوع، قد يكون من المفيد تنوير المصريين بها.
لقد أكدت بعض المصادر -كما نشرت جريدة «الوطن» فى عددها الصادر أمس- أن المحافظ انقلب على الوزير بسبب 5 ملايين جنيه طلبها الأول ورفضها الثانى، لإصلاح الطرق الداخلية بالمحافظة، بعد أن تسببت السيول والأمطار فى تدميرها. ويذكرنى هذا الكلام بمقال كتبته -يناير الماضى- بعنوان «بدر التنمية المحلية» حول التقرير الذى نشرته جريدة «الوطن» أيضاً وكشفت فيه أن الوزير صرف 80 مليون جنيه مخصصة لرصف الطرق مكافآت لـ1600 قيادة بالتنمية المحلية. فهل ترى يا هل ترى ثمة علاقة بين الملايين الخمسة التى تمثل أصل الأزمة بين الوزير والمحافظ والملايين الثمانين التى تم صرفها مكافآت لقيادات الوزارة؟. عموماً لا أتذكر أن تحقيقاً أجرى حول هذا الموضوع، وقد قيل وقتها إن هذه المكافآت ليست «ناشئة» بعد تولى «بدر» الوزارة، بل «أصيلة» وكانت موجودة من قبل، وحدث ووزعها وزراء تنمية سابقون، ربما كان توزيع هذه المكافآت جزءاً من فلسفة ما، يمكن أن نطلق عليها «التنمية المالية للقيادات»!.
توقفت كثيراً أمام تعليق البعض على الخناقة بين المحافظ والوزير بالقول: «ما حدث يوحى بأن مفيش دولة». المسألة «لا توحى ولا يحزنون»، فعلاً «مفيش دولة». وقد سبق أن ذكر الرئيس ذات يوم بأننا نعيش فى «شبه دولة»، وهى للإنصاف نتيجة وصلنا إليها بسبب أوضاع تراكمت عبر عقود طويلة، فالدول العادية لا تعرف فساداً بالحجم والنسبة التى يتسكع بها فى بلاد المحروسة، وفيها يتم محاسبة المفسد حساباً عسيراً، خصوصاً إذا كانت الدولة تعانى أزمة اقتصادية خانقة كتلك التى نعيشها. لا بد من التحقيق فى كلام المحافظ والوزير بأعلى درجات الشفافية، ومحاسبة المخطئ أياً كان، لقد قال الرئيس مؤخراً: «إحنا فى دولة قانون واللى يغلط هيتحاسب حتى لو رئيس الجمهورية».. كلام جميل.. حبذا لو صاحبه فعل.
نقلا عن الوطن