اندهشت عندما تحركت نقابة الأطباء بسرعة الضوء وأعلنت نفير الجهاد وجهزت لحرب البسوس وطعنت على قرار حظر النقاب فى المستشفيات الجامعية، الذى أصدره وتصدى له بشجاعة د. جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة. مصدر الدهشة والعجب أطرحه على شكل سؤال بسيط للدكتور حسين خيرى ولمجلس نقابة الأطباء: لماذا لم يكن هذا الحماس متوافراً وتلك السرعة والحمية جاهزة فى حكاية الطبيب نائب البرلمان الذى أيد الختان والذى تركتموه ولم تحاسبوه وهو أستاذ فى كلية الطب يحمل درجة الدكتوراه؟!،
وكذلك أطباء الفضائيات الذين يروجون للحجامة والعلاج بالبردقوش والرقية الشرعية والعلاجات الوهمية ممن تطبطبون عليهم وتشجعونهم على ممارسات لا تمت بصلة للطب الحديث وممنوعة قانوناً وبح صوتنا معكم لكى تتخذوا ضدهم إجراءات حاسمة وجذرية ولا من مجيب!!، وطبيب الأطفال ياسر برهامى الذى خرج علينا فى الفضائيات يدعو لزواج بنت الست سنوات إذا كانت تطيق، لا يوجد تعليق واحد صدر منكم، ولا إجراء يتيم اتخذتموه، هل لأن السلفيين فى النقابة يجب مغازلتهم وطأطأة الرأس أمامهم لأنهم مؤثرون أمام صناديق الانتخابات؟!، نأتى أخيراً إلى قرار منع النقاب فى المستشفيات الجامعية الذى طعنتم عليه وتدافعون عن ارتدائه وكأنه قبلة الحياة لمهنة الطب وهدية بابا نويل لإنقاذ المرضى!!، هل يا سيادة النقيب قد تحول مجلس النقابة إلى مجلس قندهار مرة أخرى؟!، هل سنعلق لافتة نقابة تورا بورا بدلاً من نقابة الأطباء؟!، هل سنجعلها دار الملا عمر بدلاً من دار الحكمة؟!، هل طرد الإخوان جسداً وظلوا روحاً؟!، هل الجالسون على كراسى النقابة هم أشباح الجماعة واستنساخ السلفيين وفوتوكوبى تنظيم القاعدة؟!، هل الجالس على مقعد النقيب الآن هو فعلاً د. حسين خيرى المتفتح الذى وثقنا فيه، أم هو ياسر برهامى الذى تسلل إلى النقابة ولكن بدون ذقن وجلباب؟!،
الموقف الاجتماعى التقدمى للطبيب أهم عندى من الموقف السياسى، والاثنان لا ينفصلان؛ لأن الطبيب مهمته اجتماعية فى الأساس، والمقياس عندى لنجاح النقابة ليس علو وارتفاع صراخ هتاف المظاهرات ولكن ارتفاع سقف حرية التفكير ومنع التغلغل السلفى والإخوانى فى النقابة، الطبيب يا سادة نصير الحياة، وهؤلاء السماسرة الذين لا ينتمون لهذا الوطن بل ينتمون للتنظيم والعصابة هم أنصار الموت، ولأن الحياة لا تجتمع مع الموت فالطبيب أيضاً يجب ألا يكون مطية إخوانية، الطبيب يا سادة نصير الشفافية والوضوح، التواصل لديه المحطة الأولى للشفاء ولا يمكن بأى حال من الأحوال وتحت أى لافتة أو ادعاء أن يكون نصيراً للتمويه والاختفاء واللثام والنقاب، وإذا كان تبسمك فى وجه أخيك صدقة فإن تبسمك أيتها الطبيبة وأيتها الممرضة فى وجه مريضك شفاء، وتخفّى الطبيبة أو الممرضة تحت قناع يصادر الملامح وينفى التعبير ويقتل الحميمية يعد جريمة طبية مكتملة الأركان، فنحن فى مستشفى لا فى غابة، أنا وكثيرون غيرى اخترناك يا د. حسين واخترنا غيرك لأننا لا نريد عودة الإخوان وتجار وسماسرة الإسلام السياسى الكارهين للحياة الإقصائيين لكل من هو خارج الفرقة الناجية، وإذا لم تحافظ على هذا الموقف الصلب تجاه هذا الفكر السرطانى فإنك تكون قد خنت العهد وصرت أنت والمجلس المحلل الشرعى لزواج الإخوان من النقابة مرة أخرى بعد أن طلقناهم طلقة بائنة، ولكن الظاهر أننا طلبناها بينونة كبرى وكنتم ترغبونها بينونة صغرى.
نقلا عن الوطن