في أوقات مختلفة كل يوم، يذهب الفلسطيني سعيد العرّ، إلى حقول وأراضٍ زراعية، في مناطق عدة من قطاع غزة، ليضع طعامًا للكلاب الشاردة هناك.
عدة مرات يزور "العرّ" المكان ذاته بعد ذلك، وفي كل مرة يقدم الطعام أيضًا، للحيوان الذي يعرف عنه اتّسامه بصفة "الوفاء"، ثم يبدأ يقترب منه شيئًا فشيئًا، حتى تألفه جميع الكلاب.
هكذا يجمع العرّ "45 عامًا"، الكلاب الشاردة المتواجدة في طرقات وأزقة قطاع غزة، ويصطحبها معه إلى أرض زراعية استأجرها، ليقدم لها الرعاية اللازمة.
ويعتبر "العرّ"، الأب لسبعة أبناء، أول فلسطيني يفتتح جمعية لرعاية الحيوانات الشاردة وتدريبها وتأهيلها في القطاع، تحمل اسم "سلالة".
ويفتقر قطاع غزة إلى وجود المؤسسات والجهات المعنية، سواء الرسمية أو الأهلية التي تهتم برعاية الحيوانات والرفق بها، ويقتصر الأمر على تربية بعض الحيوانات والطيور الأليفة في المنازل، مثل القطط والحمام والعصافير.
وفي الآونة الأخيرة انتشرت ثقافة تربية الكلاب بين الفلسطينيين، وأصبح مألوفًا نوعًا ما في شوارع غزة، مشاهدة شخص يصطحب كلبًا في نزهة إلى شاطئ البحر أو المتنزهات، أو يسير معه في الطرقات.
ويقول العرّ: "راودتني الفكرة قبل نحو 10 سنوات، بأن أقوم بحماية الحيوانات الشاردة في فلسطين، وتقديم الرعاية اللازمة لها، من خلال نشر ثقافة الرفق بالحيوان والاهتمام به وبدأت بتنفيذ ذلك بالفعل".
وأضاف في حديث لوكالة "الأناضول": "أنهيت الإجراءات القانونية في افتتاح جمعية سلالة، ثم بدأت بتحديد أماكن الكلاب، والذهاب إليها يوميًا، حتى كسبت ثقتها، وأحضرتها إلى هنا"، مشيرًا إلى أن أكثر الحيوانات الشاردة في قطاع غزة، هي الكلاب والقطط.
وأوضح أنه جمع نحو 70 كلبًا، و4 قطط، مضيفًا: "قدمت لتلك الحيوانات الأطعمة والعلاج، ولكن لقلة الإمكانيات وعدم توفر العلاج بشكل كافٍ، نفق نحو 20 كلبًا".
ومنذ بدء تنفيذ فكرته وحتى الآن، صرف "العرّ" أكثر من 20 ألف دولار، لرعاية الكلاب، بحسب ما يقول.
ويعتمد "العرّ" على إمكانياته الخاصة في توفير طعام الكلاب، ومكان إيوائها، مشيرًا إلى أنه يتمنى أي دعم من الجهات المعنية والمختصة، لتوسعة الفكرة، واحتضان ما بين 200-300 حيوان ضال.
واكتسب "العرّ" خبرته في التعامل مع الكلاب، ومعرفة أمراضها، وكيفية ترويضها، من خلال دورة تدريبية، التحق بها في روسيا، عام 2006، لمدة نحو 9 أشهر، وفق ما يروي.
وداخل محميته الصغيرة، كما يطلق عليها، ربط الكلاب بجذوع الأشجار، خلال فترة تواجدنا في المكان، ثم قدّم لها الطعام والشراب، وبعض الأدوية.
ويفتح "العرّ" أبواب محميته، التي تبلغ مساحتها 2000 متر مربع، أمام المواطنين مجانًا، للدخول إليها ومشاهدة الكلاب، ويسمح للراغبين في اقتناء الكلاب بأخذها منه، دون مقابل مادي، مشترطًا عليهم تقديم الرعاية اللازم له والطعام وعدم تعنيفه.
وتابع: "يقوم مندوب لدينا بزيارة كل شخص حصل على كلب منا، للاطمئنان على الكلب، وإن ثبت أي سوء معاملة له، يتم استرجاعه"، لافتًا إلى أنه قدم نحو 20 كلبًا لأشخاص راغبين في اقتنائها.
ويتطوع 15 شخص مع "العرّ"، لتقديم الرعاية اللازمة للكلاب، كما أن العديد من المواطنين يساعدونه في جمع الكلاب الشاردة من الشوارع، بعد معرفتهم بمشروعه.
ويطمح "العرّ" إلى إنشاء محمية طبيعية كبيرة، تضم جميع أنواع الحيوانات، وخاصة الضالة منها، وإنشاء مركز بيطري ومختبر لتقديم الرعاية اللازمة لها.