كتب: هشام عواض
منذ أن أعلنت الحكومة المصرية عزمها الاقتراض من صندوق النقد الدولي قرض قيمته 12 مليار دولار، وأثير عاصفة من التساؤلات عن مدى الاستفادة من القرض وإيجابياته من سلبياته، خاصة في ضوء التجارب المماثلة لقروض صندوق البنك الدولي للدول الأخرى خاصة النامية ودول العالم الثالث، والحديث عن دور صندوق النقد الدولي في التحولات الاقتصادية في البلاد النامية، وتنميتها، خاصة بعد تجربة مصر السابقة مع المؤسسات المالية الدولية مثل امتناع البنك الدولي منح مصر قرض مالي لبناء السد العالي عندما طلبت مصر تمويل المشروع. لكن بالرغم من ذلك هناك دولًا استفادت من صندوق البنك الدولي وساهم الصندوق في تنميتها وفي هذا التقرير سنستعرض نماذج منها.
صندوق النقد الدولي وهدف إنشائه
صندوق النقد الدولي يعتبر منظمة في منظومة الأمم المتحدة، وقد أنشئ بموجب معاهدة دولية في عام 1945، وذلك للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي، ويعد المؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي، أي نظام المدفوعات الدولية وأسعار صرف العملات الذي يسمح بإجراء المعاملات التجارية بين البلدان المختلفة.
كان الهدف العام الصندوق الدولي منذ إنشائه هو تشجيع استثمار رؤوس الأموال بغرض تعمير وتنمية الدول المنضمة إليه، التي تحتاج لمساعدته في إنشاء مشروعات ضخمة وتكلف كثيرًا وتساعد في الأجل الطويل على تنمية اقتصاد الدولة، مما يساعد على على أن تواجه العجز الدائم في ميزان مدفوعاتها. ومساعدة البنك تكون إما بإقراضه الدول من أمواله الخاصة، أو بإصدار سندات قروض للاكتتاب الدولي.
ومن مهام عمل صندوق النقد الدولي تعزيز الاستقرار المالي والتعاون في المجال النقدي على مستوى العالم، كما يسعى لتيسير التجارة الدولية، وزيادة معدلات توظيف العمالة.
اتهامات بالتحكم في الدول
يتعرض دومًا صندوق النقد الدولي لاتهامات من قبل الدول النامية، انه يعاني من السيطرة الأوربية عليه بالإضافة للسيطرة الأمريكية، وأنهم أدة في يد أوروبا وأمريكا بتقويم الدول النامية وتشكيل سياسياتها، والتحكم في شئونها الداخلية، ومن أقرب الأمثلة على ذلك امتناع مؤسسة مالية كبيرة أيضًا تتبع الأمم المتحدة وهي البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي في مصر، بعد دراسات مستفيضة للمشروع أقر البنك الدولي الجدوى الفنية والاقتصادية للمشروع، وفي ديسمبر 1955 تقدم البنك الدولي بعرض لتقديم معونة بما يساوي ربع تكاليف إنشاء السد، إلا أن البنك الدولي تراجع عن قراره وسحب عرضه في 19 يوليو 1956 بعد ضغوط من إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، للضغط على مصر.
صندوق النقد الدولي وإنقاذ اليونان
منذ أن تفاقمت الأزمة الاقتصادية في اليونان في أبريل 2010 سارع صندوق النقد الدولي إلى إجراء خطة لمساعدة اليونان بقيمة 45 مليار يورو تحتاجها الحكومة اليونانية للنفقات المالية لتخطي أزمتها المتزايدة، لكن بتعثر اليونان الشديد فشلت الخطة فتبعها خطة أخرى من الصندوق بالاشتراك مع عدة دول، لكن ما أن باءت أيضاً بالفشل، بعد ما قدم الصندوق دعم مالي وقروض تقدر بقيمة أكثر من 20 مليار يورو، ويقاوم الصندوق الضغوط حتى الآن بضرورة الإسراع في تبنى خطة جديدة لانتشال اليونان، ويطالب الصندوق أثينا بضمانات بشأن الإصلاحات المطلوبة منها، فيما يطالب بروكسل بتخفيف عبء الدين اليوناني.
المساهمة في تنمية الجزائر
قدم صندوق النقد الدولي منحة مساعدة مالية مقدرة ب 731،5 مليون للجزائر وتخصيص أكثر من مليار لدعم برنامج التعديل الهيكلي، مما أدى بالجزائر إلى استرجاع ثقة المؤسسات المالية العالمية، بعد ما تخلصت من أزمتها وتمت إبرام عدة اتفاقيات من أجل إعادة جدول ديونها حسب الجدول الزمني يبدأ في سبتمبر 1994 و ينتهي في مارس 1995.
والوصفة التي قدمت للجزائر التي تندرج ضمن الاتفاقية التي أبرمت بين الحكومة الجزائرية و صندوق النقد الدولي و ذلك في مايو 1995 بعد أن تم التقارب من أجل إعادة التوازنات و النهوض بمعدلات النمو و تخفيض معدلات التضخم و إعداد برنامج نموذجي مما سمح للجزائر بالاستفادة من قرض ب 1،70 مليار دولار من أجل دعم الإصلاحات الهيكلية المبرمجة على المدى المتوسط 19 يتم التسديد على مدى 10 سنوات مع الإعفاء لمدة 5 سنوات من الفائدة.
الصندوق يتدخل لدعم عملة غانا
قدم العام الماضي صندوق النقد الدولي مساعدات لجمهورية غانا تقدر بنحو 114 مليون دولار كدفعة أولى في إطار حزمة من المساعدات تقدر بقيمة مليار دولار، لدعم ميزان المدفوعات والتأثير على سعر الصرف وضخ سيولة نقدية لانقاذ العملة الوطنية "السيدي" من الانهيار، حسبما قالت في ذلك الوقت وزير المالية منى كوارتي.
وقد انخفضت بنحو كبير قيمة عملة غانا العام الماضي، مما دفع الحكومة الغانية للتقدم للحصول على قرض بقيمة 918 مليون دولار من صندوق النقد الدولي خلال الفترة من 2015 وحتى 2017، للمساعدة في استقرار الاقتصاد الغاني.