كتب: هشام عواض
يعد الفقر من أكبر التحديات القائمة دائمًا أمام الحكومات المتعاقبة لتأثيره الكبير على حياة المصريين وتبعاته على كل أحوالهم المعيشية من التعليم و الصحة والعمل، ويواصل الفقر ازدياده باستمرار بمعدلات تدعو إلى القلق، وكان هو سبب أساسي لخروج المصريين إلى الشارع فى ثورة 25 يناير التي كانت أحد مطالبة الأسياسية القضاء على الفقر وطالبت بالعيش والعدالة الاجتماعية. وتتزايد مع الوقت التقارير حول الفقر في مصر سواء الحكومية منها أو الصادرة من الجمعيات والمؤسسات المدنية الأهلية أو من المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة، التي توضح مدى وحجم الفقر في مصر ومخاطره على معيشة المصريين، وازدياد أعداد الفقراء في مصر عامًا تلو العام، وفي هذا التقرير نتتبع مشكلة الفقر في مصر وأبرز التقارير التي صدرت حوله.
أسباب ازدياد الفقراء في مصر
للفقر أسباب كثيرة ومتعددة وتختلف من دولة ومن مكان لمكان آخر، أما في مصر فأسباب المصر ترجع بالأسباب لأسباب جوهرية منها التوزيع غير العادل للثروة في مصر وزيادة نسبة اللامساواة واتجاه توزيع الدخول لصالح الفئات الأكثر دخلًا وليس الأقل دخلًا.
وتراجع الاستثمارات الحكومية وعدم عدالة توزيعها وتركزها في المحافظات الحضرية والوجه البحري وانخفاضها الشديد في محافظات الصعيد والمحافظات الحدودية.
بالإضافة لانخفاض معدلات الاستثمار والإدخار وزيادة الفجوة التمويلية على مدار سنوات كثيرة فيما بينها لتصل إلى 8.8 في عام (2013 - 2014) بعد أن كانت 2.3 % في عام (2004 - 2005)، وأثر تراجع الاستثمارات سلبًا على إتاحة فرص عمل جديدة أو استيعاب البطالة القائمة في المجتمع المصري ومن ثم أثر سلباً على نسب البطالة والفقر في المجتمع، وأدت الانعاكسات الاقتصادية بعد ثورة 25 يناير لقلة الاستثمار أكثر من ما كان قبلها.
ويضاف إلى ذلك تراجع الاستثمارات الحكومية وعدم العدالة في توزيعها حيث شهدت نسبة الاستثمارات الحكومية لإجمالي الاستثمارات العامة تراجعًا خلال من الفترة من (2000 - 2001) وحتى (2007 - 2008) من 49.4 % إلى نحو 35.3 %، ورغم ارتفاعها في عام الأزمة العالمية (2008 - 2009) إلى 51.6 % إلا أنها انخفضت لتسجل أدنى مستوى لها خلال عام (2011 - 2012) بنسبة 33 %.
وارتفعت الاستثمارات الحكومية الارتفاع منذ عام (2012 - 2013) إلى أن وصلت إلى 37% من إجمالي الاستثمارات العامة خلال عام (2014 - 2015)، ومن المستهدف أن تبلغ 43.2% خلال عام (2015 - 2016).
ومن أهم أسباب إزدياد الفقر ارتفاع معدلات التضخم والبطالة خلال السنوات القليلة الماضية وخاصة أسعار السلع الغذائية (أسعار الطعام والشراب)، والتي تستحوذ على النصيب الأكبر من إنفاق كافة الشرائح الدخلية وخاصة الضعيفة منها.
وزيادة أسعار المستهلكين من 116.4 في عام 2011 إلى 137.9 في عام 2013، والرقم القياسي لأسعار لطعام والشراب من 109.9 إلى 156.4 على التوالي.
عدم الدقة في تقدير نسبة الفقر في مصر
تقدير خط الفقر في مصر منخفض جدًا عن الواقع والحقيقة ولا يعبر عن التكاليف المناسبة لمستوى معيشة معقول، وبخاصة فيما يتعلق بالمكون غير الغذائي مثل السكن والرعاية الصحية إلى جانب التعليم ومصاريف الانتقال وخلافه، فطبقًا لخط الفقر المقرر فإذا انفقت الأسرة المكونة من أربعة أفراد أكثر من 299 جنيهًا شهريًا على البنود غير المتعلقة بالطعام والسكة و الصحة وغيرها ، فإن هذه الأسرة لا تعد من الأسر الفقيرة.
والافتراض هنا أن مبلغ 299 جنيهًا مصريًا كافيًا لتغطية إيجار السكن، المصروفات المدرسية المفروضة على الطلبة، الانتقال أو المواصلات، الرعاية الصحية، استهلاك الكهرباء والماء والصرف الصحي. كما أن قيمة إيجار غرفة متواضعة في المناطق العشوائية في القاهرة الكبرى كانت تقدر في حدود 70 - 100 جنيه مصري في ذلك الوقت. أما إذا تمكنت الأسرة العيش في أي ظروف أفضل من تلك الغرفه، أدرجها التقرير ضمن نسبة الـ 60% من المصريين الخارجين عن خط الفقر، وذلك في عام 2005.
العمل الدولية: 43 % من المصريين لا يتوافر لهم تعليم وصحة
في فبراير عام 2013 كشفت إدارة معايير العمل الدولية بمنظمة العمل الدولية في جنيف، عن أن الإضطرابات التي لحقت بالأنشطة الاقتصادية عقب ثورة 25 يناير قد أدت إلى زيادة معدلات البطالة في مصر إلى ما يقرب من 12% مقابل 8.9% خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وأكدت الإدارة تقارير الأمم المتحدة ذكرت أن ارتفاع معدلات الفقر إلي 25.2% خلال عامى (2010،2011) مقابل 21.6 % في الفترة مابين ( 2008-2009)، فإن الفقر النسبي في مصر يصل إلى 43% وهم القادرون على الطعام والشراب، لكن لا يتوافر لهم التعليم والصحة، أما نسبة الفقر المدقع لا تتعدى 3,4% وهم غير القادرين على الطعام والشراب.
الأمم المتحدة: مصر أخفقت في خفض معدلات الفقر في الألفية
أظهر تقرير صدر في أكتوبر 2015 وأعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بعنوان "التقدم الذي أحرزته مصر نحو تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية" ، أن مصر أخفقت في تحقيق الكثير من الأهداف الإنمائية للألفية التي كان على مصر تحقيقها في عام 2015، والتي جاء على رأسها العمل على خفض معدلات الفقر إلى نصف المستوى الذي كانت عليه خلال عام (1990 - 1991).
وأشار التقرير إلى بعض العوامل المسؤولة عن ارتفاع معدلات الفقر الوطني الذي وصل إلى نحو 26.3 % من السكان خلال عام (2012 - 2013) مقارنة بنحو 24.3 بالمئة في عام (1990 - 1991). ومن هذه العوامل تذبذب وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي والتي شهدت تغيرات شديدة خلال الفترة من (1999 - 2000) حتى (2013 - 2014)، وبدأ معدل النمو في التحسن التدريجي بداية من عام 2006 حتى وصل إلى 7.2 بالمئة في عام 2007.
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: 2016 شهد ارتفاعًا في معدلات الفقر
كشف تقرير صادر من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في يوليو الماضر من هذا العام، عن تنامي أعداد المصريين تحت خط الفقر منذ 2013 وعجز الحكومة عن تحقيق الكثير من الأهداف الإنمائية للألفية التي كان على مصر تحقيقها عام 2015.
وذكر التقرير الذي نشره الموقع الإلكتروني لوزارة التخطيط، أن خلال العام الماضي شهد ارتفاع معدلات الفقر الوطني، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي وتراجع معدل النمو تراجعًا شديدًا خلال الأعوام القليلة الماضية حتى وصل إلى 2 % في عام (2013 – 2014)، ويعد هذا التراجع من أهم أسباب ارتفاع معدلات الفقر في مصر خلال هذه الفترة.
وشهد أيضًا العام الماضي 2015 سوء سياسات فى توزيع الدخل وعدم عدالتها للفقراء أو محدودي الدخل والتي تسببت في ارتفاع نسبة الفقر حيث ارتفعت نسبة الأعلى 20% من الدخل لأقل 20 % من الدخل إلى 4.2 في عام (2012 – 2013) مقابل 3.9 في عام (2004 – 2005).
وأكد أن المؤشرات نوهت إلى تراجع العدالة في توزيع الدخل وزيادة نسبة اللامساواة واتجاه توزيع الدخول لصالح الفئات الأكثر دخلًا وليس الأقل دخلًا.
المركزي للمحاسبات: الفقراء المصريين 27.8 %.. وفي سوهاج وأسيوط 66%
ظهر في يوليو الماضي كشف اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، في أحدث تقرير للجهاز، أن 27.8% من السكان في مصر فقراء ولا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من الغذاء وغير الغذاء، وأن 57% من سكان ريف الوجه القبلي فقراء مقابل 19.7% من ريف الوجه البحري.
وقال خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بعنوان "عن الدخل والإنفاق والاستهلاك في مصر"، إن نسبة الفقر 27.4% في حضر الوجه القبلي، وتقل النسبة إلى 9.7% في حضر الوجه البحري.
وأوضح التقرير أن نسبة الفقراء في مصر وصلت إلى أعلى مستوياتها في مصر بمحافظتي سوهاج وأسيوط بنسبة بلغت 66%، تليهما محافظة قنا بنسبة 58%، وأن أقل نسبة للفقراء في مصر بمحافظة بورسعيد بنسبة 6.7%، تليها محافظة الإسكندرية بنسبة 11.6%، وأن 18% من سكان القاهرة من الفقراء.
وأن نسبة الفقراء عام 2015 هى الأعلى منذ عام 2000 بنسبة 27.8%، وأن نسبة الفقراء زادت من 16.7% في عام 1999/ 2000 إلى 21.8% عام 2008/ 2009 ثم 25.2% عام 2011 ثم 26.3% عام 2012/2013 ثم 27.8% عام 2015.
وأكد أن بلغ متوسط الإنفاق السنوي للأسرة في مصر، 36.7 ألف جنيه، وأن 25% نصيب الأفراد في أغنى شريحة من إجمالي الإنفاق، مقابل 4.2% نصيب الأفراد في أفقر شريحة، وذلك بالنسبة لمتوسط الإنفاق السنوي. وأشار التقرير إلى أن 10.8% "أكثر من 11.8 مليون مواطن" في أدنى فئة إنفاق فى مصر.
ومعدل إنفاق الفرد سنويًا أقل من 4 آلاف جنيه سنويًا "أي أقل من 333 جنيه شهريًا"، وأن 14.7% من إجمالي الأفراد في مصر في أغنى فئة وينفقون أكثر من 12 ألف جنيه سنويًا.
وأظهر التقرير أن 27.9% من أرباب الأسر في مصر لا يعملون، وأن 17.7% من أرباب الأسر من النساء، من بينهم 28.1% من ريف الوجه القبلي.