الأقباط متحدون - تعبيرات جاهزة لرفض الحق القبطى
أخر تحديث ٠٧:١٧ | الاثنين ٨ اغسطس ٢٠١٦ | مسرى ١٧٣٢ش ٢ | العدد ٤٠١٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

تعبيرات جاهزة لرفض الحق القبطى

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بقلم منير بشاى
        ما ان أعلن عن  تظاهرة الأقباط الاخيرة بواشنطن حتى عادت للظهور مجموعة من التعبيرات الجاهزة.  من هذه تعبير "الاستقواء بالخارج" الذى يوصم به كل قبطى يرفع صوته بالشكوى، مع ان الخارج قد التقى بالداخل فى عصر ثورة الاتصالات واصبح العالم كله قرية صغيرة.  وكذلك تعبير "الأرضية المصرية" التى تفرض على كل قبطى يريد نقاش مشكلات الاقباط، مع ان هذه الارضية لا توفر حرية التعبير ولا تضمن ارادة التغيير.  ثم تعبير "النسيج الواحد" الذى توصف به العلاقة بين المسلمين والاقباط، وهو يفترض ان الاقباط جزء من الغالبية وينفى حقيقة أن الاقباط اقلية دينية مضطهدة تحتاج الى الحماية، هذا مع ان ذلك النسيج قد تهرأ وغطته بقع الدماء.  هى تعبيرات هدفها تبرير رفض انصاف الاقباط وفى نفس الوقت ابكام أصواتهم عن الشكوى.  وهذه التعبيرات لم تأت من فراغ، فهى نتاج مفاهيم مغلوطة اصبحت جزءا من ثقافة مجتمعية راسخة.  من هذه المفاهيم:

ان الوطن والدولة شىء واحد
        بكيفية او اخرى تم خلط المفاهيم فأصبح من غير الواضح معرفة الخط الفاصل بين مفهوم الوطن ومفهوم الدولة.  فعندما تريد الدولة ترويج مبدأ يخدم مصالحها يتم تغطيته بهالة من الشرعية وتسويقه على انه نداء من الوطن.  وبالطبع اذا تردد انسان فى تنفيذ هذا المبدأ سيتهم بالخيانة للوطن ويعاقب اشد العقاب.  هو نوع من السيطرة على عقول الناس باستمالتهم بكلمات جذابة مثل الوطنية ثم ارهابهم بالتلويح بالعقاب لمن يعصى.  وهو نفس الاسلوب الذى يستخدمه بعض رجال الدين المتطرفين عندما يقدمون كلامهم للمواطن الواثق على انه كلام الله وان من يعصاه يذهب الى النار، ومن يطيعه يدخل الجنة.  للخروج من هذه السيطرة لا مفر أمامنا من فحص ما يقال لنا وتحكيم عقولنا فليس كل ما يقوله الحاكم صواب مطلق ويصب فى صالح الوطن وليس كل ما يقوله رجل الدين كلام منزل من الله. 

ان المطالبة بالحقوق إستقواء
       الاستقواء معناه انك تحاول لىّ ذراع الآخر لتأخذ منه ما لا حق لك فيه، وليس كذلك المطالبة بالحقوق.  عندما تظلمك بلدك وتسعى لاستعادة هذا الحق فكيف يعتبر هذا استقواء على بلدك؟ وانه جريمة اخلاقية وسقطة وطنية لا تغتفر؟  ولماذا يتم توجيه اللوم للمظلوم بانه "يستقوى" بينما لا يلام الظالم لأنه "يستبد"؟  واذا كان طلب الحقوق استقواء مرفوض فلماذا نطلب الاستعانة بالشرطة ضد المجرم الذى يريد ان ينهب ممتلكاتنا او يعتدى علينا؟  ولماذا تستعين بلادنا بالدول الكبرى والمنظمات العالمية لكى تأخذ حقوقها من دولا اخرى؟  ولماذا تضطرنى دولتى أساسا الى الشكوى بظلمها لى؟  وكان يمكنها ان تعطينى حقوقى تلقائيا وبذلك لا يكون هناك احتياج للشكوى او الاتهام بالاستقواء؟

ان الحاكم يمتلك الوطن والمواطن
        بعض الحكام يظنون انهم يمتلكون الوطن بمن عليه.  وقد سمعنا التعبير الفكاهى الذى يقول على لسان أحد هؤلاء الحكام "شعبى وانا حر فيه، أغسله أكويه، أفرده أتنيه، محدش ليه دعوى بيه" ومن الاعتقادات التى تغذى هذا المفهوم القول ان الشعب ليس على درجة كافية من الوعى حتى يفهم مصلحته، وان الحاكم هو من يعرف مصلحة شعبه ويعطيه ما يفيده ويمنع عنه ما يضره.  ومن هنا جاء مفهوم ولى الامر الذى بيده وحده القرار النهائى فيما يتفضل به للشعب.  حكم الفرد هو الأقرب الى الفكر الاسلامى الذى لا يعرف دولة المؤسسات او الممارسة الديمقراطية بمفهومها الحديث.

ان حقوق الانسان شأن داخلى
        وهو المفهوم الذى على اساسه يقولون اننا لن نقبل تدخل الأجنبى فى "شئوننا الداخلية".  وهذا اما جهل او تجاهل لأن حقوق الانسان لم تعد شأنا داخليا وكل دولة مسئولة امام القانون الدولى بالتدخل فى شئون اى دولة اخرى تتعدى هذه الحقوق.  كل دول العالم التى وقّعت على هذه المواثيق الدولية قد وافقت مقدما على اشراف المجتمع الدولى ومتابعة وضمان حقوق الانسان داخل اراضيها.  حقوق الانسان اصبحت شأنا عالميا بل ان الانسان نفسه اصبح كائنا عالميا فيما يتعلق بقضايا حقوق الانسان.  وهذا ينطبق علينا وعلى غيرنا.  فكما ان العالم له ان يتدخّل فى شئوننا فى هذا المجال فنحن ايضا لنا ان نتدخّل فى شئون اى دولة نجدها تمارس سياسات قمع ضد مواطنيها.

ان الوطنية تتطلب السكوت على الظلم
        كلما تجرأ مواطن قبطى على رفع شكواه فى الحال ترتفع الاصوات التى تطالبه بتغليب مصلحة الوطن والكف عن الشكوى.  ولا ادرى لماذا تكون مصلحة الوطن دائما فى ظلم الاقباط؟ وماذا يضير الوطن لو انصفهم؟  ولكن العواطف الشرقية البالية تتدخل وتطالبنا بالكلام فقط داخل البيت المصرى (الوطن) لوقف الفضيحة التى يقولون انها ستصيب مصر عندما ننشر غسيلنا المتسخ امام الاجانب.  وبذلك ينطبق علينا القول اننا شعب يخشى الفضيحة ولكن لا يعبأ بالرذيلة.

        اتمنى ان يأتى اليوم فى مصر الذى تتوقف فيه التفرقة فى التعامل بين المواطنين على اساس الدين.  وفى هذه الحالة لن ينزعج أحد من مناقشة ما يجرى فى مصر، ولن نخشى اذا تناقلته وكالات الانباء.  اما اذا استمر الغبن على ما عليه فلن نستطيع التكتم على ما يحدث فوسائل التواصل الحديثة تستطيع ان تنفذ الى الغرف المغلقة وتنقل كل شىء بالصوت والصورة وتبثه على العالم كله فى لمح البصر.  بل ولن تستطيع قوة ان نوقف دول العالم من التدخل فى شئوننا لرفع الظلم فهذا واجبهم ومسئوليتهم، وهو ما ارتضيناه على انفسنا عندما وقعنا على مواثيق حقوق الانسان.
Mounir.bishay@sbcglobal.net


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع