الأقباط متحدون - فى المسألة القبطية.. مفترق طرق!! (4)
أخر تحديث ١٥:٢٤ | الاثنين ٨ اغسطس ٢٠١٦ | مسرى ١٧٣٢ش ٢ | العدد ٤٠١٤ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

فى المسألة القبطية.. مفترق طرق!! (4)

كمال زاخر
كمال زاخر

عندما طُرح مصطلح «المسألة القبطية» كانت مصر على بعد رمية حجر فى مفارقتها لدولة «الملل والطوائف»، تبحث لقدمها عن موقع فى مشوار الدولة المدنية الحديثة التى تشكلت إرهاصاتها جراء الصدمة الحضارية التى صاحبت الحملة الفرنسية (1798- 1801)، وبين الذهول ومحاولة الاستيعاب، يبادر محمد على فى حضور قدرى (1805) بابتعاث نفر من شباب مصر الواعد إلى ذلك المجهول على الشاطئ البعيد المقابل من «المتوسط»، لتبدأ معركة التنوير العاتية والمتعثرة.

ونجد أنفسنا بعد مئتى عام ويزيد أمام مأزق حاد يختبر إيماننا بالدولة المدنية الحديثة، ونتأرجح فى ضبط مصطلحاتها وتوقيعها على يومنا ومفاصل حياتنا؛ المواطنة، سيادة القانون، الحريات الشخصية، التعددية والتنوع، ويخايلنا تديين الفضاء السياسى، والتحصن بخصوصية ملتبسة ومراوغة. وفى ظل تلك الازدواجية نرى أن «المسألة القبطية» تقف عند مفترق طرق، بين الانحياز لخيار الدولة المدنية وما ترتبه من ضوابط تنظم العلاقات داخل المجتمع، لا يتقدمها الدين، خارج البعد الشخصى، وإنما تقودها مفاهيم الحرية والعدالة والمساواة، كما خبرتها دول العالم غرباً وفى أقصى الشرق. وبين الانحياز للدولة الدينية، مع توفير مسميات مراوغة لها، والتى تأتى الشريعة لتنظمها، كمصفاة تحتجز ما تراه بمدارسها المختلفة خارج أسوارها.

واللافت أن يصدر عن بعض أعضاء اللجنة الدينية بمجلس النواب تصريحات مفادها أنها ستبحث مشروع قانون بناء وترميم «الكنائس» وتجيزه بما يتفق ورؤية «الإسلام الوسطى»، لتقفز أمامنا من جديد إشكالية المقابلة بين المادتين الثانية والثالثة من الدستور، حيث تنص أولاهما على أن «الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع»، بينما تقول الأخرى «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشئونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية».

فهل يندرج بناء الكنائس ضمن «شئونهم الدينية» أم يخضع لما تقول به الشريعة الإسلامية، وقد نجد من يذهب إلى التأويلات التى تقول بألا تبنى كنائس فى أرض الإسلام وما ينهدم منها لا تعاد إقامته؟

ومن يخرج من دوائر العاصمة والمدن الكبرى، يجد أن هذه الرؤى هى السائدة فى كثير من القرى والنجوع والكفور، وهى الدافع الرئيسى الذى يحرك بسطاء الفلاحين للمبادرة بالتصدى لمحاولة بناء الكنائس هناك حتى لو كانت مجرد شائعة. وأخشى أن أقول إنها قد تكون رؤية غير قليل من المتنفذين فى الدولاب الحكومى وربما التشريعى أيضاً.

ولعل الرحلة المكوكية لمشروع قانون بناء الكنائس بين الحكومة والكنيسة، التى استغرقت نحو 14 جولة، تشير إلى توجسات الحكومة من ردة الفعل الشعبوية، وعند بعض الجماعات السياسية اليمينية والمتشددة، حال صدوره بإباحة تفرضها قواعد الدستور والمواثيق الأممية ذات الصلة والتى أشرنا إليها قبلاً.

ويؤكدها نطاق السرية والتعتيم الذى ضرب حول المشروع إلى درجة عدم إتاحته حتى للنواب أنفسهم، قبل أن يسلم رسمياً للجنة التشريعية بالبرلمان!!

ولهذا لا يمكن تصور تمرير مشروع القانون فى مسارات التشريع دون طرحه للحوار المجتمعى عبر جلسات استماع منضبطة وحقيقية، حتى لا نستيقظ يوماً على قانون يعيد «تدوير» قرارات «العزبى باشا» التى أسست لحالة الاضطراب الطائفى.

وللحديث بقية.
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع